يكتبها – محمد مقلد
اللقاء كان بداية واضحة لمشاعر ما بدأت تفرض نفسها على
قلب مروة المغرورة المتكبرة ، أمر غريب أن تتخلص فى يوم وليلة من كبريائها وتعنتها
وتتحول لفتاة ودودة تعامل الجميع بشئ من اللطف والتواضع ، أخذت تطارده بنظراتها ،
أنها رسالة لقلبه بأن قلبها يفتح أبوابه يمهد له الطريق لاقتحامها.
أنه فوق السحاب يحاول أن يفهم ، ماذا يحدث ؟ وماذا تريد
منه ؟ سأل نفسه متعجباً ، ماذا أمتلك حتى أكون سبباً فى تنازلها بسهولة عن غرورها
وكبريائها ؟ الخوف يسيطر عليه ، ما من فتاة قلبها خالى ويتحدث معها إلا وتقع فى
غرامه مع أنه شخص عادى لا يمتلك أى شئ مختلف يجذبهم تجاهه ، أرهقه هذا الأمر وهو
لا يعرف السر وراءه والذى بدا يظهر أمامه بوضوح منذ كان طالباً بالجامعة.
أخذت تتقرب منه بعينان تلمعان ، تعكس ما بداخلها من
عاطفة فياضة ، سقط فى بحر عينيها وهو لا يعلم أى شاطئ سوف يرسو عليه ، إنقاد دون
اقتناع خلف مشاعرها ، بادلها النظرات والهمسات والكلمات العذبة ، حاصرته بفكرة
الزواج ، سار فى ركابها منقاد خلفها ، فكان اللقاء مع أسرتها ، طلباتهم مرهقة ،
وهو فى بداية طريقه ولا يعرف لماذا وافق عليها دون تردد ؟ أحبته لدرجة الجنون ،
تغار عليه حتى من نفسها ، أمر ما بداخله يرفض استكمال مشوار حياته معها ، فهى لا
تشبهه فى أى شئ ، نظرتها للحب لا تخرج عن أمور لا يلتفت لها ، تبحث فقط عن رؤيته
دائماً ، ولمس يديه ، والسباحة فى بحر عينية ، وهو يرى أن الحب أعمق وأنقى من هذا
كله.
الصدفة وحدها دفعته للتوجه لحضور حفل خاص بالأطفال
الأيتام ، سقطت عينيه عليها ، ملامح وجهها وروحها تشبه لحد كبير تلك الفتاة " رحيل " ، لا يعرف لماذا بدأ يستفسر عنها ؟ ويقرر أن
يتزوجها دون تردد ، تصرفه ربما يكون نابع من التشابه الكبير بينها وبين رحيل ،
أنها من أسرة متوسطة ، لديها شخصية قوية ، شهرين فقط
وكانت فى منزله شريكه لحياته ، أنه زواج الصالونات كما يطلقون عليه ، مرت السنوات
و أصبح حب العشرة فقط الحافز الذى حافظ
على كيان الأسرة واستمرارها.
كان دائم الشعور
بأن هناك شيئاً ينقصه ، قلبه مكسور ، وروحه موجوعة ، لديه يقين بأن الله تعالى
خلقه لسبب خفى ما زال يبحث عنه ، ترى ما هذا الشئ الذى يطارده فى اليقظة والأحلام
، ينادى عليه دائماً ويتوارى عنه ، بعيد المنال قريباً منه ، ظل يتحسس طريقه
بالحياة لعله يريح قلبه وروحه ويزيح الستار عن هذا السر الخفى الذى يؤرقه ويشعره
دائماً أنه إنسان غير مكتمل بدونه.
رحلاته الدائمة
فوق السحاب ترسم له عالم آخر ، عالم نقى طاهر لا يعرف الشهوات الدنيوية ، لا يغلفه
إلا السحر والجمال الروحى ، دائماً ما يسأل نفسه ، أين مفتاح هذا العالم ؟ ولماذا
أصبح مثل الصداع الذى لا يفارق رأسه ؟
تنقضى الأيام والليالى وهو مثل الطفل التائه يبحث عن أهله دون جدوى ، يشعر
أنه شخص منقسم لنصفين يعيش هو بنصف والنصف
الآخر ما زال تائه يبحث عنه.
كان ما تقدم جزأ من رواية " رجل فوق السحاب "