كتب – محمد مقلد
تواجهه
شركات البترول التى تعمل في مجال التكرير تحديات صعبة للغاية في ظل ارتفاع أسعار
الدولار بشكل مخيف وتأثيره المباشر على أسعار خام البترول العالمية ، فضلاً عن أن
الحصص التى تقوم مصر باستيرادها من الدول العربية بجانب ما يتم انتاجه من زيت
الخام لا يصل للكميات المناسبة حتى تقوم معامل التكرير بالعمل بنسبة 100% كل عام ،
مما يجعل تلك الشركات تعمل بطاقة سنوية لا تتعدى الـ 35% فقط ، لذلك لا يتم تشغيل معامل التكرير بتلك
الشركات إلا لمدة ثلاثة أشهر فقط سنوياً وذلك للانتهاء من الحصة التى تحصل عليها
كل شركة من الهيئة العامة للبترول سنوياً لتكريرها في معاملها.
ومن
هذا المنطلق يتم إطفاء جميع أجهزة التكرير بتلك الشركات لمدة 9 أشهر خلال العام ،
مما يكلف تلك المعامل كهرباء وغاز ورواتب للعاملين بها وخلافه ، فيكون الناتج في النهاية خسائر واضحة بسبب عدم
توفر الخام اللازم لتعمل تلك المعامل بكامل طاقتها ، ومن المعروف أن مشاكل معامل
التكرير في مصر متراكمة منذ عدة سنوات.
فقد
كشفت تقارير سابقة ، أن هناك 4 معامل للتكرير
تعتبر من الجيل الأول، وبسيطة من ناحية التكنولوجيا، وهي النصر للبترول والقاهرة
وطنطا وأسيوط وإن كانت الأخيرة قد تطورت بصورة كبيرة خلال الفترة الأخيرة ، لذلك تحقق
تلك الشركات خسائر تتراوح بين 5 و7
دولارات للبرميل ، باحتساب الخام المكرر بالأسعار العالمية، ويرجع ذلك إلى أن
تكنولوجيا المعامل التى تنتج مازوت بكميات كبيرة في ظل انحسار أسعاره مقارنة
بالزيت الخام .
ويؤكد
الخبراء ، أن سعر النفط والعملات مرتبطان بطبيعتهما ، حيث أن تحركات الأسعار في
أحدهما تجبر رد فعل إيجابي أو سلبي في الآخر في البلدان ذات الاحتياطيات الكبيرة ،
تقوم الدول التي تشتري النفط الخام وتلك التي تنتجه بتبادل الدولار الأمريكي في
نظام يسمى نظام " البترودولار " ، وتاريخ هذا النظام إلى أوائل سبعينيات القرن العشرين بعد انهيار
معيار الذهب في بريتون وودز ، و شهدت هذه الفترة صعود نظام البترودولار ، الذي عزز
صعود الدولار الأمريكي كعملة احتياطية عالمية ، ويستخدم منتجو النفط ومشتريه هذا
النظام للتداول في السلعة بالدولار الأمريكي.
ويرى
عدد من الخبراء ، أن الحل العملى هو إيقاف عدد من معامل التكرير لوقف نزيف
الخسائر، وتصدير حصة مصر من الخام المكرر، واستيراد المنتجات البترولية للوفاء
باحتياجات السوق ، مؤكدين أن على رأس المعامل التى يجب إيقافها هى معامل شركات النصر والسويس وطنطا ، التي تحقق خسائر كبيرة
ولا جدوى اقتصادية من استمرار تشغيلها ، نظراً لضرورة تحديثها ، مع إمكانية
تحويلها إلى مستودعات تخزين وتدفيع لشبكة خطوط الأنابيب ، موضحة أن هذا الخيار
سيقلل كثيراً من فاتورة الخسائر اليومية التي تتحملها الدولة في هذا الشأن.
ويرى
خبراء آخرين ، أن إيقاف تشغيل بعض المعامل بشكل كامل وتوجيه حصتها من الخام
للمعامل الأخرى الأكثر حداثة هو الحل الأمثل حتى تعمل بعض المعامل بطاقتها الكاملة ، وتوفير
الخسائر التى تحققها المعامل التى سيتم إيقافها ، ولفت الخبراء إلى أن شركة الشرق الأوسط لتكرير البترول (ميدور) ، هى
الوحيدة التى تمتلك معامل تكرير تضاهى معامل التكرير العالمية الحديثة ، وتعتبر من
نوعية التحويل العميق وتحقق أرباًحا كبيرة، كما أنها الوحيدة الذي يطالب الدولة
بشراء الخام بالسعر العالمي.