بقلم – محمد مقلد
القرار الذى أصدرته محكمة الجنايات مؤخراً برفع اسم 716 فرد من أعضاء جماعة
الإخوان وغيرها من قوائم الإرهاب ، أثار جدلاً واسعاً بين الأوساط السياسية داخل
مصر وخارجها ، فهناك فريق رحب بالقرار ويهدف إلى فتح صفحة جديدة مع جماعة الإخوان
، وفريق آخر يرى أن القرار بداية واضحة تفتح المجال مرة أخرى لعودة تلك الجماعة لتبث سمومها
فى كيانات الدولة بهدف القفز على السلطة.
هذا القرار يعود بالأذهان ، لفترة حكم الرئيس الراحل محمد أنور السادات
والذى فتح الطريق أمام جماعة الإخوان للعودة للحياة السياسية مرة أخرى ، بعد أن
قرر العفو عنهم وإخراجهم من السجون لمواجهة الفكر العلمانى والناصرى وقتها ، وكانت
تلك أكبر أخطاء الرئيس السادات ، والذى استشهد على أيدى تلك العناصر الإرهابية التى
قرر الإفراج عنها وإعادتها مرة أخرى للمسرح السياسى فى مصر ، وكان ذلك هو رد
الجميل من تلك الجماعة لمن أعاد لهم الروح مرة أخرى.
ففى عصر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ، نفذت جماعة الإخوان عدد من
العمليات الارهابية والاغتيالات ، ووصلت الأمور لحد محاولة اغتيال عبد الناصر نفسه
فى حادث المنشية الشهير بمحافظة الإسكندرية ، وكانت الطامة الكبرى التى تؤكد أن
تلك الجماعة ليس لها ولاء إلا لنفسها ، ولا تبحث إلا عن الوصول للسلطة حتى ولو تم هدم مصر بالكامل على رأس شعبها ، ما
وضعته الجماعة من تخطيط شيطانى قاده القيادى بالجماعة وقتها سيد قطب ، مخطط يهدف
لتدمير محطات الكهرباء ونسف القناطر الخيرية وغيرها من الأعمال التخريبية ، ولولا
عناية الله ونجاح أجهزة الأمن وقتها فى كشف هذا المخطط ، لكانت مصر تعرضت لكارثة
حقيقية يضيع معها الآلاف من أرواح الأبرياء.
وعندما فطن عبد الناصر ونظامه لأهداف تلك الجماعة ، وما يمثلونه من خطورة
بالغة على البلد وشعبها ، بدأ فى حملة موسعة للقضاء على عناصرها ، وقرر حل جماعة
الإخوان والقبض على قادتهم ومعظم عناصرها والزج بهم فى السجون لحماية مصر من شرهم
، ومن هنا بدأ مخطط الخداع لدى الجماعة ، والتى أوقفت نشاطها الإجرامى لعدة سنوات
، وتعمدت الابتعاد عن أى نشاط سياسى حتى
شعر السادات الذى تقلد السلطة عقب عبد الناصر بأن الجماعة أصبحت مسالمة وتريد
الانخراط فى نسيج الشعب المصرى ، فقرر العفو عنهم وإحياء الجماعة من جديد فكانت
النتيجة اغتياله على أيديهم.
ولم تتوقف خطايا تلك الجماعة عند حد اغتيال قائد نصر أكتوبر المجيد ، بل
استغلت تلك الانتفاضة التى انطلقت فى يناير من عام 2011 ، وعاثوا بالتخريب والفوضى
فى جميع المحافظات المصرية ، حتى اضطر الرئيس الراحل حسنى مبارك للتنحى عن السلطة
، ومنح الفرصة للجماعة للانقضاض على ما أسموها ثورة يناير ، وسيطرت على الوضع
السياسى بالكامل حتى نجحت الجماعة فى تحقيق الحلم المستحيل بالوصول للسلطة
والسيطرة على جميع مفاصل الدولة.
ولا أعرف ألم تتعظ القيادة السياسية لتاريخ تلك الجماعة ، واللجوء لأسلوب
الخداع والمكر للعودة للحياة السياسية وتحين الفرصة للقفز مرة أخرى لتصدر المشهد
السياسى فى مصر ، ويدفع وقتها الشعب المصرى الثمن لجماعة لا تبحث إلا عن مصلحتها
ومصلحة عناصرها ، فقرار رفع أسماء هذه المجموعة من عناصر الجماعة من قوائم الإرهاب
، يعيد للأذهان ما حدث من قبل ، ويؤكد تكرار نفس خطأ السادات ، والأيام سوف تثبت
أنه قرار يعود بمصر وشعبها لخطوات للخلف ، ويمثل خطورة بالغة على مستقبل البلاد.
اللهم قد بلغت اللهم فأنت الشاهد