google-site-verification: google954c7d63ad8cb616.html
عيون الخريف عيون الخريف
recent

أخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

سر الورقة السحرية

 




بقلم – محمد مقلد



لم ينس ذلك اليوم ، عندما ركل بقدمه ورقة ملقاة على الأرض ، ليلمح بعينيه ما تحتويه ، يا لها من مفاجئة لم يتوقعها ، أنها فاتورة خاصة بتصليح سيارة أحد كبار المسئولين بمبلغ 300 ألف جنيه ، صادرة من إحدى الشركات الكبرى المتخصصة فى تصليح السيارات ،  نعم مفاجئة فسعر السيارة نفسها لا يتعدى فى هذا التوقيت تكلفة الإصلاح.

 

تلك الورقة التى جلبت له المشاكل والسعادة فى آناً واحد ،  كان لها مفعول السحر فى تحويل مسار حياته بالكامل ، نجح فى جلب المحضر الخاص بحادث السيارة وما حدث بها من تلفيات استدعت تصليحها بهذا المبلغ الضخم ، اكتشف أن الحادث عبارة عن تصادم بسيط بالباب الأيمن للسيارة ، لا يتكلف أكثر من 50 جنيهاً فقط لإصلاحه.

 

اتضح أمامه كل ما يتعلق بتلك الورقة التى كانت الصدفة وحدها وراء العثور عليها ، فرائحة الفساد ونهب أموال الدولة تفوح منها لتزكم الأنوف ، امتطى جواد الشجاعة ، ونشر موضوع تلك الورقة على حلقتين ، حتى انقلبت الدنيا رأساً على عقب ، وبدت جميع الأجهزة المعنية تطارده ، ولجأ المسئول لرفع دعوى قضائية ضده أمام محكمة الجنايات ، ليتحول من فارس مغوار إلى متهم يشوه صورة الشرفاء ويشكك فى ذمتهم المالية ، فهو الآن متهم ومجبر على أن يجاور المجرمين بقفص الجنايات ، وكل ذنبه محاولة الحفاظ على أموال الدولة.

 

يتبقى 40 يوماً فقط على نظر أولى جلسات محاكمته ، سيطر عليه الشعور بأن هناك أمراً ما يدبر له فى الخفاء فالسواد الأعظم من أصحاب القرار ينتظرون سقوطه ومسح اسمه من سجل الأحياء ، ولما لا وهو من كشف فساد معظمهم ، وتحققت مخاوفه ، فإذا به يترجل بصحبة أحد زملاء المهنة ، فقطعت طريقهما سيارة ميكروباص ، يقفز منها مجموعة من الرجال يحيطون به من كل جانب ، ومن خلفهم كانت سيارة أحد المسئولين ، والذى حاول أن يضع بين يديه مبلغ من المال ليظهر فى صورة  رشوة طلبها منه ، وتناسى هذا المسئول أن رب الكون موجود ومطلع على ما يفعله ، ومن الطبيعى أن يتم تسجيل تلك الأحداث بالصوت والصورة ، رغم أنها أحداث تدينهم جميعاً وتكشف مؤامرتهم لتلفيق التهمة لشاب فى مقتبل العمر حاول أن يشهر سيفه فى وجه الظلمة والمفسدين.

 

اقتادوه مكبل اليدين ، حيث مكتب رئيس مباحث الأموال العامة ، والذى كان يقود تلك المؤامرة بنفسه ، يا لها من سعادة تكسو وجهه ، يطير من الفرح وكأنه ألقى القبض على بن لادن ، جلس أمامه مرفوع الرأس ، يشعر بالفخر والعزة رغم مصيره المجهول الذى ينتظره من جراء المؤامرة التى تعرض لها ، لديه يقين كامل بأن العالم أجمع لو اجتمع على أن يضروه بشئ فلن يضروه ألا بما كتبه الله له.

 

 كم التليفونات الواردة لرئيس المباحث لتهنئته بنجاح المؤامرة  والقبض على زعيم عصابة شيكاغو ، لم يستوعبها عقله ، وأيقن وقتها مدى ما حققه من نجاح باهر فى عمله الصحفى رغم ما يعانيه فى تلك اللحظة ، انتفض رئيس المباحث واقفاً ليصرخ فى وجهه ، فى أيه ياعم أنت مين ، أنت مزعل كل المسئولين فى البلد ليه ، فرد عليه بكلمات الواثق الذى لم يهتز مما يدور حوله وكأن الأمر لا يعنيه فى شئ ، طبعاً فرحانين عشان فسدة ، بس عايز أقولك على حاجة ، كل اللى أنتم بتعملوه معايه ده ملوش أى لازمة ، وبكرة ربنا يظهر الحق وهأنتصر عليكم كلكم ، ربنا عالم بكل شئ وعارف أنى مظلوم ومش هايسبنى أبداً مهما عملتوا ، وهرجع أقوى من الأول وبكرة تشوف.

 

عقارب الساعة تشير إلى الثانية بعد منتصف الليل ، وما زال فى مكتب رئيس المباحث الذى تركه وحيداً لفترة طويلة ، فاستيقظ من غفوته البسيطة على صوته السعيد ، يلا يا أستاذنا هتتعرض على النيابة دلوقتى ، انتابته الدهشة فرد قائلاً ، نيابة ، نيابة أيه دلوقتى ده الساعة 2وربع ، استقبل كلامه بابتسامة ساخرة ، أيوه فى نيابة دلوقتى عشان خاطر عيونك ، هو أنت شوية ، هز رأسه وهم يتمتم " آه ..طيب ، الله المستعان "

 

دقائق معدودة ووجد نفسه أمام مكتب رئيس النيابة ، والذى ظل لفترة طويلة غير قادر على اتخاذ القرار وبين الحين والآخر يصعد لمكتب المحامى العام ويعود دون التوصل لحل نهائى لهذا التحقيق ، وكأنه يشعر أن هناك أمر غير مفهوم ، كانت الضغوط أكبر من الجميع ، وصدر القرار بحبسه 4 أيام على ذمة القضية ، على أن يراعى التجديد له فى الموعد المحدد ، اليوم الأول لنظر التجديد له أمام قاضى المعارضات لم يستغرق دقائق معدودة ، فقرار تجديد حبسه 15 يوماً أمر كان يتوقعه.

 

قضى 15 يوماً بين جدران السجن ، قوياً ، شامخاً ، متماسك لم يهتز ، حتى عاد ليقف من جديد أمام قاضى المعارضات ، الذى أمر بالإفراج عنه بكفالة 5 آلاف جنيه ، مع أن تاجر المخدرات الذى كان بصحبته تم الإفراج عنه بكفالة 500 جنيه فقط ، ولكن من أين له بهذا المبلغ الكبير ، يبدو أن جدران السجن متمسكة باحتضانه لفترة جديدة ، فأكد للقاضى أنه لا يمتلك هذا المبلغ ، وليس أمامه إلا عودته للسجن مرة أخرى.

 

ولكن ماذا حدث بعد ذلك وما مصير تلك القضية وقضية الجنايات الأخرى الخاصة بتصليح السيارة ، ولماذا كانت الورقة التى عثر عليها مصدر للمشاكل والسعادة له ،  كلها أحداث سيتم الكشف عنها لمن يقرأ رواية " رجل فوق السحاب " عقب صدورها بمشيئة الله.

 

عن الكاتب

عيون الخريف

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

عيون الخريف