بقلم – محمد مقلد
بركان من الغضب نيرانه تتصارع داخل أعماقى ، أحاول قدر المستطاع أن أسيطر
عليه خوفاً من انفجاره فى وجه الجميع ، ووقتها أقسم برب يوسف ستكون النهاية للبعض
وهذا ما لا أتمناه ، لقد فضلت أن أنأى بنفسى بعيداً ، أختار لغة الصمت بعدما أنهكت
قواى وضاعت طاقتى فى النصائح دون جدوى ، فالأوضاع
المقلوبة التى أشاهدها أمامى قررت ألا أعيرها أى اهتمام ، فأنا الآن لا أبحث إلا عن
الهدوء بعيداً عن الصراعات ، ولا أريد لأحد أن يجبرنى رغم أنفى للدخول لحلبة هذا
الصراع ، حتى لا أتحمل ذنب أى أحد ، فأرجوكم ابتعدوا عنى وأتركونى وشأنى ، فلدى ما
هو أهم ولا أريد أن يضيع وقتى أكثر من ذلك ويكفى ما ضاع ما زالت نادم عليه حتى
الآن.
أكتب هذه الكلمات وأنا فى قمة الحزن والألم مما يدور حولى من أحداث فى
أماكن ومواقع مختلفة ، أحداث تؤكد ما ورد بعنوان هذا المقال ، بأن الأوضاع بالفعل
مقلوبة ، فعندما أشاهد صاحب القرار يظهر فى صورة المساند لمن يصدر القرار ليس من
باب أنه يميل لقراره أو حتى يعضد من موقفه ولكنه وللأسف الشديد يبحث عن القضاء
عليه والتخلص منه باستغلال الموقف لتشويه
صورة من أصدر القرار وإيقاعه فى الفخ ، ويعتقد أننى شخص ساذج سأبتلع الطعم برسائله
الرقيقة التى ينبعث من بين حروفها سموم المؤامرة التى يهدف لتحقيقها ، تلك
المؤامرة التى يتم طبخها على نار هادئة بالزج بأسماء ستهز مكانة من يصدر القرار
لأنه فى النهاية المسئول عن القرار ، ووقتها سيخرج صاحب القرار لتبرئة نفسه ،
ويؤكد أنه فى تلك النقطة بالذات ليس صاحب قرار ، ولم يفرض أى أسماء على أحد فكل
شخص مسئول عن اختياراته وقراراته.
ومهما كانت الأوضاع مقلوبة ، تناسى صاحب القرار أن هناك العديد من أصحاب
الضمائر الحية ، الذين تمنعهم أخلاقهم وتربيتهم أن يشتركوا فى المؤامرات والضرب من
تحت الحزام ، تلك هى الخيانة بل قمة الخيانة ، وأنا تربيت على يد أمرأة بعد وفاة والدى
وأنا طفل لم يتجاوز عامه الثالث ، تلك المرأة التى لم تأخذ نصيبها من التعليم ،
ولكنها علمتنى الأمانة والمواجهة وعدم اللجوء لأسلوب الخيانة حتى ولو فقدت حياتى
نفسها ، رحمة الله عليك يا أمى لقد تعلمت منك الكثير ، تعلمت منك أشياء أحارب حتى
أحافظ عليها فى ظل تلك الأوضاع المقلوبة التى سيطرت على حياة بنى البشر.
أعلم جيداً أن الكلمات السابقة تحمل الكثير من اللوغاريتمات والأمور
الغامضة ، التى ربما يبحث البعض عن توضيح لها ، وإن كان لدى ثقة كاملة بأن تفسيرها
لدى السواد الأعظم سوف ينصب فى اتجاه واحد ، ومهما كان التفسير فهذا الأمر لا
يعنينى فى شئ ، وكل ما يعنينى أن تخرج عبارات الغضب من داخلى حتى استريح وتهدأ نفسى لأن ما أشاهده أمامى غريب وعجيب ،
وأصبحت غير قادر أن أحدد هو مين مع مين بالضبط ، وإن كنت اشتم رائحة طوفان قادم لا
يعلم إلا الله تعالى مدى تأثيره والصدى الذى سيسببه ، والخسائر التى سيولدها ، وإن
كنت أتمنى ألا يحدث لأننى أكن كل الحب والتقدير للجميع ، ولكن وبكل أسف كل المؤشرات تؤكد أنه سيقع لا
محالة أن عاجلاً أو آجلاً ، وما يخفف من
وطأته فى نفسى أننى حذرت مراراً وتكراراً ولكن دون جدوى ، الجميع سيطرت عليه لغة
" أنا هنا " ، تلك اللغة التى وصلت بنا جميعاً لمحطة الأوضاع المقلوبة.
وأنا طوال حياتى لم أصادف مثل هذه الصفات والتصرفات ، وكأنى فجأة سقطت فى
بيئة غريبة ، بيئة معلق عليها لافتة كبيرة تحمل عنوان " هنا الأوضاع مقلوبة
" فما عليك إلا أن تتخطى تلك اللافتة وتنخرط وسط الأحداث ، ولكن لابد أن
تتحلى بالصبر لأقصى درجة ، لأنك ببساطة ستشاهد أمامك كل الصفات الشيطانية تنتصر ،
الغيبة والنميمة وتحريف الكلام ونقله بالطريقة التى تتسبب فى نشوب أزمة ، ومحاولة الزج بالغير ليقع فى الخطأ ، ومن ينجح
فى إيقاع أكبر عدد فى الخطأ يتصدر المشهد ، وتناسى هذا وهذه وهذان وهاتان وهن
وهؤلاء ، أن الله تعالى موجود ومطلع على كل خباياهم ، ويتركهم يتمادون حتى لا يكون
لهم أى مبرر أمامه تعالى ، فما أسرعها الأيام ، فعجلة الزمن لا تتوقف وكله فى
النهاية إلى زوال ، استفيقوا يرحمكم الله قبل فوات الأوان ، وكفانا الانغماس فى
تلك الأوضاع المقلوبة.
اللهم قد بلغت اللهم فأنت الشاهد