لماذا طلب مرجان سالم هدم أبو الهول والأهرامات ؟
كيف تعرفت على الظواهرى ؟ وماذا قال لى فى أول حديث معه ؟
يكتبها - محمد مقلد
إذا كانت الوقائع والأحداث التى عاصرتها خلال حوارى مع الدكتور سيد إمام
طبيب بن لادن ومفتى الجهاديين فى العالم ، حملت بعض الأسرار التى لم تنشر من قبل ،
فعلاقتى بمحمد الظواهرى زعيم تنظيم الجهاد
فى مصر التابع لتنظيم القاعدة وشقيق زعيم تنظيم القاعدة السابق أيمن الظواهرى ،
وما يحيط بها من مواقف وأحداث متعددة ، تضمنت الكثير من المفاجآت والأسرار المثيرة.
جاءت معرفتى بمحمد الظواهرى عن طريق المصادفة ، عندما قادتنى الظروف للتعرف
على محمد السرى شقيق القيادى بتنظيم الجهاد
ياسر السرى ، الهارب لبريطانيا بسبب الملاحقات الأمنية لصدور عدة أحكام
نهائية ضده عقب ثبوت تورطه فى عدد من قضايا العنف والإرهاب ، سأتحدث عليها بشئ من
التفضيل لاحقاً ، وعائلة السرى كانت تقطن بمحافظة السويس ، وكانت أولى لقاءاتي مع
محمد السرى على أرض تلك المحافظة ، وفى هذا اللقاء لاحظت اهتمام محمد بالحديث عن
الجماعات التكفيرية وما يدور حولهم من أحداث ، وفوجئت به يؤكد بأنه سياسفر للقاهرة
للقاء صديقه محمد الظواهرى ، وبكل أمانة عندما سمعت الاسم اندهشت لدرجة أننى
استبعدت أنه يقصد محمد الظواهرى زعيم تنظيم الجهاد.
فسألته ، أنت بتقول مين ؟ فأكد للمرة الثانية ، أنه محمد الظواهرى زعيم
تنظيم الجهاد ، ووقتها شعرت بأننى أمام كنز معلومات ، سأستفيد منه بصورة كبيرة فى
عملى الصحفى ولاسيما بملف الإسلام السياسى ، فأظهرت أمامه أننى غير مهتم بالأمر
ولم التفت لأهمية الشخصية التى ذكر اسمها أمامى ، ومع مرور الوقت حصلت من السرى
على رقم الهاتف الخاص بمحمد الظواهرى ، حتى أتواصل معه باعتباره أحد المصادر
الهامة جداً لتغطية أخبار تيارات العنف والإرهاب فى مصر ، وتتبع كل ما هو متعلق
بتنظيم الجهاد داخل مصر وربما يتطور الأمر لمعرفة أخبار تنظيم القاعدة نفسه على اعتبار
أنه شقيق أيمن الظواهرى.
ومع أول اتصال هاتفى بمحمد الظواهرى ، عرفته بنفسى والصحيفة التى أعمل بها
، فوجدته ينهرنى بصوته الهادئ ، بسبب عملى بصحيفة الوطن ، حيث كان يرى أن تلك
الصحيفة موجهه ضدهم وضد سياسة التنظيم والجماعات التكفيرية بوجه عام ، فتمكنت من
اقناعه أننى اختلف فى سياستى فى تناول الموضوعات والأخبار المتعلقة بهم ، وأهتم
بنقل الحقيقة دون تحريف أو تزييف ، فأنا والحمد لله كان لدى قدرة لا أعرف مصدرها
على التقارب من قيادات التنظيمات الإرهابية والتكفيرية فى مصر ، لدرجة أن معظمهم
كان يق فىً بصورة لم أكن أتوقعها.
وتعددت الحوارات بينى وبين الظواهرى عن طريق الهاتف ، فبكل أمانة أنا لم
أتقابل مع الرجل على الإطلاق وجهاً لوجه ،
وكل علاقتى به كانت عن طريق الهاتف رغم ما بها من أحداث متعددة ، وأيقنت
بعد فترة وجيزة بأن الظواهرى هذا من أخطر قيادات الجماعات التكفيرية فى مصر ، وأنه
العقل المدبر لمعظم عمليات العنف والإرهاب التى يقوم بها تنظيم الجهاد فى مصر ،
ويكفى أنه مؤسس لعدد من خلايا الإرهاب انتشرت فى عدة مناطق مختلفة داخل مصر ، و
التى كانت تمثل خطورة بالغة على أمن وسلامة البلاد خلال الفترة من 2012 حتى 2014
وعلى رأسها بالطبع خليتى مدينة نصر وحلوان.
صاحب فتوى هدم أبو الهول والأهرامات
وخلال تعاملى مع الظواهرى ، عرفت
أن هناك مجموعة مقربة منه من أعضاء تنظيم الجهاد ، يأتى على رأسهم داوود خيرت
والذى يعتبر الذارع اليمنى للظواهرى ، وهو رجل اتهم فى العديد من القضايا المتعلقة
بالعنف والإرهاب على رأسها بالطبع قضية الطائفة المنصورة عام 2014 ، كما كان من
الأعضاء البارزين بخلية مدينة نصر الإرهابية ، وتم اختيار خيرت داوود ليكون المتحدث الرسمى لتنظيم الجهاد بسبب ثقة الظواهرى
فيه بدرجة كبيرة.
كما يعتبر الشيخ مرجان سالم من المقربين جداً لمحمد الظواهرى ، هذا الرجل
الذى عرفنى عليه الظواهرى نفسه ، أثناء تواصلى معه عبر الهاتف ، وكنت وقتها أسمع
اسمه لأول مرة ، ولكننى فوجئت بأن الرجل يتمتع بشهرة واسعة بين العاملين بمهنة
الصحافة والإعلام ، لاسيما وأنه صاحب الفتوى الشاذة ، بضرورة هدم أبو الهول
والأهرامات ، وتلك كانت بداية معرفتى بمرجان سالم ، والذى فوجئت به يؤكد بأنه
يتابع كل ما أنشره فى صحيفة الوطن بملف " الإسلام السياسى " ، فحصلت على
رقم الهاتف الخاص به للتواصل معه بشكل مباشر دون وسيط ، وبدأ التقارب بينى وبين
مرجان سالم يتزايد يوماً تلو الآخر ، حتى كسبت ثقته هو الآخر لدرجة أنه كان يتحدث
معى فى أمور سرية خاصة بالتنظيم ، مما جعلنى اكتشف أن هذا الرجل لدية سذاجة واضحة
وأن عقله فى كثير من الأحيان لا يستوعب ما يخرج من لسانه، وأنا هنا وللحقيقة كنت
لا أبحث إلا عن وضع يدى على خبايا وتحركات التنظيم ، لأفوز فى النهاية بالأخبار
القيمة التى تزيد من قيمتى وشأنى فى عالم الصحافة ، ووجدت ضالتى فى تلك الشخصية
الغريبة ، والتى جعلتنى دائم التساؤل لنفسى ، كيف يكون هذا الرجل بتلك العقلية من
أعضاء السلفية الجهادية وتنظيم الجهاد بل ومن المقربين من زعيم التنظيم نفسه؟
ومن الطبيعى أن تكون الفتوة الشاذة بهدم أبو الهول والأهرامات ، أولى
الموضوعات الصحفية التى أنشرها لمرجان سالم ، فعندما سألته عن سبب فتواه تلك ، وأن
تصريحاته سوف أقوم بنشرها ، بدأ يسترسل فى الكلام فقد كان يعشق الشو الإعلامي
بصورة غير مسبوقة ، لدرجة أنه كان يبادر بالاتصال حتى أنشر له تصريحاته فى بعض
الأمور المتعلقة بنشاطات الجماعات التكفيرية وخاصةً تنظيم الجهاد ، وكان يتميز
بتصريحاته الحادة والهجوم بكلمات لاذعة على النظام والأجهزة الأمنية.
وهذا الرجل كان يعتبر أبو الهول
والأهرامات من الأصنام التى لابد من هدمها ، لأنها لا تختلف فى شئ عن التماثيل
التى كان يعبدها كفار قريش قبل ظهور الإسلام ، ويرى أن أى تماثيل بهذا الشكل
يسكنها روح الشيطان ، وتركها دون تدمير كفر وشرك بالله تعالى ، ووصلت به الأمور
إلى تكفير المجتمع بالكامل لأنه ارتضى تواجد مثل هذه التماثيل دون أن يكن له موقف
حاسم للتخلص منها حسب كلامه ، وفاجئنى
أثناء حديثى معه فى هذا الأمر ، أنهم ينتظرون الفرصة المناسبة ، حتى يقومون
بثورة كبيرة تجوب ربوع مصر من الإسكندرية لأسوان ، لهدم كل التماثيل التى تقابلهم
، ومن وقتها وأنا لدى يقين لا يقبل الشك أن هذا الرجل مصاب بخلل معين فى عقله ،
وآراءه تحمل الكثير من الهراء.
الأسد تحول لأرنب
توالت الأيام بما تحمله من أحداث مختلفة ، حتى انكشفت أمامى الشخصية
العنترية التى كان يظهر بها مرجان سالم ، وأن شجاعته ما هى إلا أقوال وفقط للشو
الإعلامي لا أكثر من ذلك ، ففى أحد الأيام كانت هناك أحداث متعلقة بالقبض على بعض
العناصر الإرهابية ، فاتصلت به لمعرفة رأية والحصول على تصريحات متعلقة بهذه
القضية التى فضلت عدم ذكر تفاصيلها ، لأن ما يهمنى هنا ، ماذا فعل هذا الفارس
المغوار عقب تصريحاته ، فقد ارتدى ثوب الأسد المرصع بالشجاعة والإقدام ، وأطلق
تصريحات قوية وصلت لقوله بالحرف الواحد " هنضرب أى حد نقابله فى الشوارع من
الجيش أو الشرطة ، مش هنسيب حد منهم يفلت مننا ".
خلاصة القول أن التصريحات فى
مجملها كانت تحمل الكثير من الهجوم على النظام والأجهزة الأمنية ، وعقب نشر
التصريحات بصحيفة الوطن ، فوجئت بالأسد المغوار يتحول لأرنب يحاول الهرب من فريسته
، حيث بادر بالاتصال بى ، وهو يتحدث بغضب يكسوه الخوف " أنا مقلتش الكلام ده
، متزعلش منى أنا هأرفع قضية على الجورنال ، أنت حرفت كلامى " وأثناء حديثه
وأنا منشغل بالضحك بينى وبين نفسى ، لأننى وبدون قسم كنت أعلم أنه سيفعل ذلك ،
فقابلت كلامه الحاد بكثيراً من الهدوء عكس طبيعتى ، ووافقته على رفع دعوة قضائية ،
وأوضحت له أننى فى هذه الحالة مضطر إلى تقديم تسجيل بصوته خاص بالتصريحات للمحكمة
، فقال منفعلاً " أنت سجلت الحوار " فأجبته " طبعاً ، ده من صميم
شغلى " علماً بأننى وحتى أكون أمين معكم لم أقم بتسجيل التصريحات من الأساس.
فعاد رغماً عنه لنبرة الصوت
الهادئة " أنت كده ورطنى يا أستاذ محمد " فحاولت أن اطمأنه بقولى "
لا ورطة ولا حاجة يا شيخ مرجان أنت ناسى ولا أيه أنت فى عصر الرئيس مرسى ومحدش
هيعملك أى حاجة ولا هيقرب منك ، متقلقش يا عم ، وبعدين مش أنت قلت الكلام ده ولا
أنا مفبركه من دماغى " فسكت قليلاً قبل اعترافه " أيوه يا عم قلته ، بس
متوقعتش أنه يتنشر بالحرف كده ، أنتم أيه يا أخى مبتصدقوا " ، ومرت الأيام
دون أن يصيب مرجان سالم أى ضرر من تصريحاته ، بالفعل كانت علاقتى بمرجان سالم
علاقة كلها توتر وأحداث ووقائع غريبة ، من بينها واقعة أغرب من الخيال نفسه ،
سيكون لها مكان آخر فى هذا الكتاب لإلقاء الضوء عليها ، عندما أسترسل فى الحديث عن
علاقتى بمحمد الظواهرى.
وفى الحلقة القادمة
لماذا تعمد الظواهرى التخفى فى صورة منتقبة لدخول سيناء؟