google-site-verification: google954c7d63ad8cb616.html
عيون الخريف عيون الخريف
recent

أخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

لماذا ارتدى الظواهرى النقاب لدخول العريش ؟ " الحلقة الثانية "

حكاية السيديهات التى كشفت خلية مدينة نصر





 يكتبها - محمد مقلد

 


كان لمحمد الظواهرى زعيم تنظيم الجهاد فى مصر ، صديق آخر مقرب له بشكل كبير وهو عادل عوض شحتو أحد أعضاء السلفية الجهادية ، والذى تم اتهامه فى العديد من القضايا المتعلقة بنشر العنف والإرهاب ، وهذا الرجل كان يؤمن ببعض المعتقدات بينه وبين نفسه ، فقد شعرت من تعاملى معه بأنه كان يميل لجماعة الإخوان الإرهابية ، رغم تصريحاته ضدهم فى بعض الأحيان ، ولكنى استنتجت ذلك بعد عدد من الحوارات التى دارت بينى وبينه.

 

فإذا كانت كل المعطيات كانت تؤكد تورط جماعة الإخوان فى حادث رفح الأول الذى وقع فى الخامس من أغسطس عام 2012 ، وراح ضحته 16 شهيداً من أبناء القوات المسلحة ، وذلك لإحراج المشير محمد حسين طنطاوى وزير الدفاع وقتها والتخلص منه وتعيين وزير آخر يكون ولاءه الأول والأخير للجماعة ، لأن طنطاوى كان كثيراً ما يعارض بعض سياسات الجماعة ، كما أن تغيير طنطاوى سوف يساهم فى مخططهم لتكوين ما يعرف بالجيش الحر التابع للجماعة ، إلا أن عادل عوض شحتو دافع عنهم وحاول إلصاق تلك التهمة بإسرائيل.

 

فعقب تلك الحادثة بثلاثة أشهر تقريباً حاولت أن أحصل على تصريحات من شحتو ، حول تورط جماعة الإخوان فى حادث رفح الأول ، حيث بدأت تظهر نتائج الحادث بالإطاحة بالمشير طنطاوى فى أغسطس من عام 2012 وتعيين اللواء عبد الفتاح السيسى بديلاً له ، ولكن عادل عوض شحتو لم يلتفت لسؤالى فى تلك النقطة ، وألصق الاتهام عبر تصريحاته معى لإسرائيل ، وأرجع السبب فى ذلك لمحاولة إسرائيل الوقيعة بين حماس والسلطات المصرية التى كانت فى قبضة الإخوان وقتها فى ظل العلاقة القوية التى تجمع بين الطرفين.

 

وللحقيقة العلاقة ما بين محمد الظواهرى وعادل شحتو كانت علاقة قوية ، لدرجة أننى فى يوم 16 سبتمبر عام 2012 استيقظت فجراً على صوت الهاتف ، فإذا به الظواهرى ، وكان فى حالة اضطراب كامل ، يطالبنى بنشر خبر عاجل بموقع صحيفة الوطن ، تفاصيله تتعلق باقتحام الأمن المصرى لمنزل شحتو أثناء خروجه لأداء صلاة الفجر ، وتكسير محتويات المنزل بما فيها الكمبيوتر الخاص به ، وأكد لى وقتها بأن هناك سيديهات مهمة اختفت بعد تلك المداهمة ، واستشعرت مدى أهمية تلك السيديهات من كلام الظواهرى ، وعرفت بعد ذلك أن السيديهات كانت مفتاح الأجهزة الأمنية لتحديد خلية مدينة نصر الإرهابية بجميع عناصرها ، ومعظم العمليات الإرهابية التى خططت تلك الخلية لتنفيذها ، والتى وصل عدد عناصرها إلى 26 عضواً ، وبالفعل تم تفكيك تلك الخلية والقبض على معظم عناصرها عقب مداهمة منزل شحتو والحصول على السيديهات بعدة أيام ، وهنا عرفت لماذا كان الظواهرى مضطرب لهذه الدرجة أثناء كلامه معى عن مداهمة منزل شحتو واختفاء السيديهات؟

 

وللحقيقة واقعة تفكيك خلية مدينة نصر ، أصابتنى بشئ من الاضطراب الفكرى ، لأن الإقدام على هذا العمل فى ظل حكم جماعة الإخوان الإرهابية ، والتى خرج من عباءتها مثل هذه الجماعات التى تميل للعنف والتطرف ، أمر يبدو لى غريباً ، فبأى منطق تطارد الجماعة أذرعها المسلحة بهذا الشكل ، ولكن اضطرابى العقلى لم يستمر طويلاً ، عندما أيقنت أن الأجهزة الأمنية والاستخباراتية فى مصر ، كانت تعمل فى اتجاه الحفاظ على أمن وسلامة الوطن قدر المستطاع والتصدى لتلك الجماعات المتطرفة.

 

 وتحركات الأجهزة الأمنية وقتها كانت تتم بشكل كبير بعيداً عن أعين جماعة الإخوان ، خاصةً فيما يتعلق بملف التنظيمات الإرهابية المسلحة ، لذلك كانت الأجهزة الأمنية حريصة كل الحرص فى هذا العهد على نشر وسائل الإعلام تفاصيل كل القضايا المتعلقة بجماعات العنف والإرهاب أول بأول وبشكل سريع ،  حتى يتم وضع جماعة الإخوان تحت مظلة الأمر الواقع أمام الشعب المصرى ، وتكون مجبرة على عدم  التدخل لإجهاض عمليات ملاحقة هؤلاء المتطرفون  ، وعكس ذلك كانت البلاد وقتها ستتعرض لخطر داهم ، ربما يقضى عليها وعلى مستقبلها الأمنى بالكامل.

 

وما عاصرته من أحداث ووقائع بعد ذلك ، كشف لى مدى ما كان يعانيه الأمن المصرى فى تلك الفترة التى كانت البلاد تخضع فيها لحكم جماعة الإخوان ، فأنا كنت على علم بأن محمد الظواهرى زعيم تنظيم الجهاد كان دائم السفر للعريش والإقامة بأحد الشاليهات الخاصة بمنطقة الريسة ، ولكنى وقتها لم أهتم بهذا الأمر لأننى كنت أعتقد أن الظواهرى يزور شمال سيناء للقاء عدد من أصدقائه هناك ، ولاسيما أحد الأصدقاء المقربين المقيم بقرية أبو شنار بمدينة رفح ،  والغريب أن فى تلك الفترة لم يكتشف الأمن المصرى تردد الظواهرى على شمال سيناء إلا بعد فترة ليست بالقصيرة ، وهذا الأمر جعلنى أشعر بأن هناك خلل أمنى ما ، وعندما اكتشف الأمن تواجد الظواهرى بالعريش وإقامته بأحد الشاليهات بالريسة ، تم إلقاء القبض عليه واصطحابه لأحد المقرات الأمنية بالعريش ، لسؤاله عن سبب زيارته لشمال سيناء ، ولم يدم الأمر طويلاً حيث تم الإفراج عنه بعد فترة وجيزة ، عقب تدخل خيرت الشاطر مهندس جماعة الإخوان.

 


الظواهرى والنقاب

 


وتوالت الأحداث التى جعلتنى أضع يدى على سبب شعورى بوجود خلل أمنى جعل الأجهزة الأمنية لا تكتشف تردد الظواهرى على شمال سيناء إلا بعد فترة طويلة ، من بينها حدث ربما لا يعرفه الكثيرون ، وكان بطله بالنسبة لى مرجان سالم صديق الظواهرى المقرب ، والذى جسد شخصية الساذج عندما اتصلت فى أحد الأيام بمحمد الظواهرى للحصول منه على تعليق على أحد الموضوعات التى كنت أعدها للنشر ، ولكن الصوت ليس صوته ، والنبرة ليست بغريبة عنى ، فإذا به مرجان سالم يرد على هاتف الظواهرى ، فسألته عن الظواهرى ، فرد بكل بساطة وأريحية ، الشيخ محمد سافر العريش لحضور أحد الندوات هناك.

 

فاستفسرت منه عن سبب تركه الهاتف الخاص به ، فكانت إجابته صادمة بالنسبة لى ، بل وأثبتت وجهة نظرى بأن سذاجة هذا الرجل فى كثير من الأحيان تفوق كل الحدود ، حيث قال بالحرف الواحد " الشيخ محمد معه تليفون تانى ورقم تانى يستخدمه عند سفره لسيناء " ، وحتى يومنا هذا وأنا لا أصدق ما قاله الشيخ مرجان وكشفه سر من أسرار الظواهرى بتلك السهولة ودون أى مجهود منى ، وجعلنى أتساءل ، بأى منطق يكون مثل هذا الرجل عضو بتنظيم الجهاد ؟ بل ومن المقربين من زعيم التنظيم نفسه ، وهل الظواهرى بما له من ذكاء وفراسة لم يكتشف أن مرجان سالم يمثل خطراً حقيقياً علي التنظيم بالكامل ؟ ، فى ظل تلك السذاجة وقلة الخبرة التى تصيبه فى كثير من الأحيان ، ولكنى وحتى أكون أميناً مع نفسى ، أيقنت أن هذا الرجل لديه خلل عقلى ربما يقوده لمثل هذه التصرفات الغريبة.

 

وانشغالي بما قاله مرجان سالم ، لم يجعلنى أغفل الاستفسار بينى وبين نفسى ، عن سبب سفر الظواهرى لسيناء ، والسر وراء استخدامه هاتف ورقم مختلف وخاصةً عند سفره لهناك كما أكد صديقه مرجان ، لابد أن وراء هذا التصرف خبايا وأسرار خطيرة ، فعزمت على ضرورة كشف اللثام عن هذا التصرف المريب ، ولم يمر وقتاً طويلاً على محادثتى من مرجان سالم ، حتى رن هاتفى ، وهذه المرة كان مصدر أمنى كنت أتعامل معه وقتها يخبرنى بأن هناك قيادى بارز من الجماعات التكفيرية  تم إلقاء القبض عليه بأحد الأكمنة الأمنية بشمال سيناء ، ولكنه لم يحدد أسمه وهويته ، ولا أعرف لماذا خطر على ذهنى فى تلك اللحظة أن هذا القيادى المقبوض عليه ، هو محمد الظواهرى نفسه ، فكثفت من اتصالاتي حتى أضع يدى على تفاصيل هذا الخبر ، حتى توصلت إلى أن هذا القيادى التكفيرى كان متنكراً فى زى سيدة منتقبة ، وبصحبته شخص آخر ادعى أن تلك السيدة زوجته.

 

ولم يمر إلا دقائق معدودة حتى طرأت على ذهنى فكرة جهنمية ، فربما تساعدنى سذاجة مرجان سالم فى أن أعرف حقيقة المقبوض عليه هذا ، وهل هو الظواهرى بالفعل كما توقعت أو أى شخص آخر؟ ، عموماً قمت بالاتصال بمرجان وبادرته بقولى ، ألحق يا شيخ مرجان الشيخ محمد قبضوا عليه فى العريش وبيقولوا ده كان لابس لبس ست منقبة ، ولم انته من كلامى حتى فوجئت بمرجان يصرخ صرخة أصابت أذنى بالأذى ، " أنا كان قلبى حاسس والله قلت له هتنكشف مسمعش كلامى " ، ولم أسمع منه شئ بعد ذلك إلا صوت صافرة التليفون حيث أغلقه فى وجهى دون حتى استأذان ، وبذلك أيقنت بما لا يدع مجالاً للشك أن الظواهرى هو من تم إلقاء القبض عليه ، وكان متنكر فى زى منتقبة ، علماً بأننى تأكدت من الخبر بشكل قاطع بعد ذلك عن طريق عدد من مصادرى الأمنية بشمال سيناء.

 

وحاولت ألا أضيع الوقت والانفراد الصحفى بهذا الخبر المثير ، فأرسلته فى صورة خبر عاجل لموقع صحيفة الوطن لنشره بشكل سريع ، ولكن للأسف مسئولو الموقع ماطلوا فى نشره معتقدين أنه خبر مفبرك وبنشره ستكون العواقب غير مرضية ، وحاولت معهم بشتى الطرق لإقناعهم بصحته ولكن دون جدوى ، حتى بدأت بعض وكالات الأنباء تنشر خبر القبض على محمد الظواهرى بشمال سيناء ، وانتشر الخبر كانتشار النار فى الهشيم ، فأصبت وقتها بحالة من الاحباط واليأس من ضياع انفردى بالخبر ، ولكن الغريب والذى لفت انتباهى أن جميع المواقع ووكالات الأنباء التى نقلت الخبر ، ذكرت فقط أن الظواهرى تم إلقاء القبض عليه ، دون أن تشير من قريب أو بعيد بأنه كان يرتدى زى سيدة منتقبة ، وفى اليوم الثانى نشرت صحيفة الوطن الخبر وحذفوا منه تنكر الظواهرى وراء النقاب لأسباب لم أعرفها حتى الآن.

 

وواصلت متابعتى لهذا الحدث ، لأننى كنت على يقين أن جماعة الإخوان الإرهابية على صلة بسفر الظواهرى لشمال سيناء ولن يتركوه يعود للسجن مرة أخرى ، وبالفعل حدث ما توقعته وكأنى كنت أقرأ الأحداث من كتاب مفتوح ، فما هى إلا ساعات قليلة وقبل آذان الفجر ، تدخل الرئيس الإخوانى محمد مرسى وقيادات الجماعة ، وتم الإفراج عن محمد الظواهرى ، دون حتى تحويله للنيابة العامة للتحقيق معه لمعرفة أسباب تنكره فى زى منتقبة  وأسرار زياراته المستمرة لشمال سيناء ،  ولمست بنفسى وقتها مدى الإحباط الذى أصاب معظم القيادات الأمنية بشمال سيناء ، بعد تعرضهم للضغط من السلطة الإخوانية الحاكمة للإفراج عن الظواهرى دون محاسبة ، وأيقنت تلك القيادات أن مصر أصبحت على حافة الخطر والانهيار فى ظل تواجد تلك الجماعات المتطرفة على رأس السلطة ، وسيطرتها يوماً تلو الآخر على مفاصل الدولة بالكامل.

 

وفى الحلقة القادمة حكاية الجيش الحر

وعلاقة الظواهرى باختطاف الجنود بسيناء          

 

عن الكاتب

عيون الخريف

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

عيون الخريف