كتب – محمد مقلد
يعيش
القطاع الأكبر في مصر في ظروف نفسية صعبة لأسباب مختلفة ، مما ساهم في انتشار
الكبت والاكتئاب العام ما بين معظم المواطنين وبمختلف الأعمار ، وكانت النتيجة
لتلك الصورة القاتمة التى أصابت معظم المواطنين ، ارتفاع معدلات الانتحار بين
المصريين خلال الفترة الأخيرة عن الأعوام السابقة ، وتعددت أسباب القدوم على
الانتحار على رأسها الظروف الاقتصادية والأمراض النفسية.
ونظراً
لتعدد حالات الانتحار خلال الفترة الأخيرة يكتفى موقع " عيون الخريف "
بنشر نماذج من تلك الحالات على سبيل الأمثلة لا الحصر ، لدق ناقوس الخطر أمام
المسئولين لإيجاد حلول جذرية للحد من تلك الظاهرة الخطيرة ، فمنذ أيام قليلة أقدمت
نورهان محمد سالم (21 عاما) ربة منزله مصرعها ، بقرية أبيار التابعة لكفر الزيات
بمحافظة الغربية، على الانتحار عقب تناولها "حبة الغلال" السامة ، ونقلت
إلى طوارئ مستشفى طنطا الجامعي، مصابة بحالة إعياء شديدة وقيء وإسهال، وتم وضعها
على جهاز التنفس الصناعي لكنها لفظت أنفاسها الأخيرة ، تاركة خلفها طفلة لم تتجاوز
العامين ، وتبين أن الظروف الاقتصادية الصعبة وراء انتحارها .
كما
أقدمت الفتاة علياء عامر على
الانتحار ، بإلقاء بنفسها من أعلى العقار
الذي تقيم فيه بمدينة إيتاي البارود بمحافظة البحيرة ، إثر إصابتها بحالة نفسية
شديدة عقب تعرضها للتحرش جنسى ، حيث قامت
قبل انتحارها بنشر تغريده على حسابها بـ
" تويتر " كتبت فيها «ابن عمي الكبير تحرش بي وأنا صغيرة ، ولما حكيت
لوالدي لم يصدقني... باي» ، وعقب نشر التغريدة بساعة واحدة انتحرت الفتاة وفارقت
الحياه ، ولعل من أشهر حالات الانتحار فى الآونة الأخيرة ، انتحار الفتاة " ميار محمد " و التي
عُرفت بـ " فتاة المول " ، بعد أن قامت بإلقاء نفسها من الطابق السادس
بأحد المولات التجارية المعروفة بمدينة
نصر ، وعقب انتحارها انتشر فيديو مصور على صفحات السوشيال ميديا ، نقل تفاصيل
انتحارها وهى تلقى بنفسها من أعلى المول.
ولم تتوقف حالات الانتحار خلال الفترة الأخيرة عند هذا
الحد ، فقد أقدم عامل يدعى " م – ع "
ومقيم بإحدى قرى مركز العدوة بمحافظة المنيا ، على الانتحار بالتخلص من
حياته شنقا داخل إحدى غرف منزله ، وذلك لمروره بضائقة مالية وتدهور ظروفه المعيشية
بشكل كبير ، ولنفس الأسباب ألقى شخص يدعى خالد بنفسه من أعلى كوبرى الساحل بالجيزة حتى لقى مصرعه ،
وتبين أنه صاحب بازار في منطقة وسط البلد بالقاهرة ، وأنه أقدم على التخلص من
حياته بعدما تعرض لخسائر فادحة جعلته يمر بضائقة مالية ، مما أدى لإصابته باكتئاب
عام ، ففضل الهروب من تلك المشاكل بالانتحار.
كما لقى الراهب زينون المقاري (45 عاماً) مصرعه منتحراً
بمحافظة أسيوط ، لاعتراضه على قرار اللجنة
المجمعية للرهبنة وشؤون الأديرة بنقله لدير المحرق بمنطقة القوصية بأسيوط ، كما أنهى
موظف بوزارة الزراعة حياته بإلقاء نفسه من أعلى مبنى الوزارة ، لمروره بضائقة
مالية ، حيث طلب قبل انتحاره من المسئولين بالوزارة منحه سلفة مالية 25 ألف جنيه ، بعدما قام بشراء قطعة أرض لبناء منزلا لأبنائه الثلاثة ، ولكنهم
رفضوا ، مما دفعه للانتحار ، وتم نشر مقطع
فيديو عبر موقع التواصل الاجتماعى " فيس بوك " قبل إقدامه على الانتحار قال فيه " سامحوني لو حد زعلان مني ".
بالفعل الحالات متعددة وسيطول المجال لإلقاء الضوء عليها
جميعاً ، فالانتحار ظاهرة خطيرة تؤرق معظم دول العالم وعلى رأسها الدول الأكثر
فقراً ، هذا وتواصل منظمة الصحة العالمية تحذيرها
للدول من تفاقم تلك الظاهرة ، ودللت على خطورة الظاهرة في تقرير لها سنة 2019 حول ظاهرة الانتحار على
مستوى العالم إنه في حالة انتحار كل 40 ثانية في العالم بمعدل 800 ألف حالة انتحار
سنويا، وبالطبع ارتفعت تلك النسبة للأضعاف خلال
عام 2023 وحتى الآن.
وأوضح
علماء الاجتماع والنفس ، أن أسباب الانتحار متعددة على رأسها بالطبع الظروف
الاقتصادية ، بجانب التفكك الأسري،
والفراغ والبعد عن الدين ، والقهر الذى يتعرض له الشباب في سن المراهقة من أسرهم ،
بجانب التنمر والخوف من فضيحة ما ، لاسيما فضائح الانترنت ، حيث أقدمت بعض الفتيات
على الانتحار للهرب من الابتراز الالكترونى لهن بنشر صورهن في أوضاع مخلة ،
وبالطبع يقدم بعض الشباب على الانتحار نتيجة لفشلهم التعليمى ولاسيما بين طلاب
الثانوية العامة ، لذلك أوصى معظم الخبراء بضرورة تواجد أطباء نفسيون داخل المدارس
في مراحل التعليم المختلفة ولا سيما مرحلتى الاعدادية والثانوية التى تشهد سن
المراهقة وما يحمله من اضطرابات نفسية واضحة.