بقلم محمد مقلد
لم أتوقع ولم يمر بمخيلتى أن يحقق مقالى الأخير " جلد النفس والاعتذار
الواجب " كل هذه الضجة ، ومع أننى أغلقت هواتفى يوم الأربعاء الماضى وحتى
الآن ، وابتعدت عن السويس من وقتها ، ولكنى فوجئت بوابل من الرسائل سواء على الماسنجر
أو تطبيق " الواتس آب " ، ولمست بنفسى ردود أفعال متباينة حول ما تضمنه
هذا المقال ، فضلاً عن أن الفترة التى ابتعدت فيها كشفت أموراً أضاءت لى
الطريق وبينت نوعية الأشخاص التى أتعامل معها.
بدايةً وقبل الخوض فى ردود الأفعال ، كان لابد لى أن أشكر كل من حاول التواصل
معى للاطمئنان علىً ، سواء زملاء من
السويس أو حتى أصدقائى الصحفيين بالقاهرة ، وأخص بالشكر كل من أصدقائى تامر عبد
العزيز وأحمد عبد الشافى رغم شخصيته التى ترهقنى كثيراً فى بعض الأحيان ، ولكن
معدنه الطيب يظهر وقت الشدة ، وهانى مناحه
الذى أثبت أنه صاحب واجب بالفعل بعيداً عما يقال عنه ، وأيمن الفار الذى أعتذر له
لأنه حاول الاتصال بى أكثر من مرة ولكن الهاتف كان مغلق كما قلت لكم ، وعدد كبير
من الزملاء حاول التواصل معى عن طريق الرسائل ، بخلاف عدد من الزميلات فى العمل الوظيفى
والصحفى.
والغريب أن هناك شخصيات عندما كانت تتعرض لأى مشكلة تبادر بالاتصال بى
وأكثر من مرة فى اليوم ، لأتدخل فى حل مشاكلهم ، ومع ذلك لم يكلفوا أنفسهم حتى
السؤال ، وهؤلاء بصراحة شديدة لا أجد أى كلام أقوله لهم ، فالناس فى النهاية معادن
تظهر قيمتها أو رداءتها فى مثل هذه الأوقات ، فهى صفات بشر تربوا ونشأوا عليها ولا
يستطع أحد تغييرها ، وكله فى النهاية سلف ودين ، واتمنى منهم ألا يقحمونى مرة أخرى
فى مشاكلهم ، فمثلهم ينطبق عليهم قول الشاعر " ثوب الرياء يشف عما تحته ،
فإذا التحفت به فإنك عارى " .
أما ردود الأفعال فقد كانت متباينة وغريبة ، فالبعض حاول أن يقنعنى أن ما
يحدث بين البشر طباع ترسخت بداخلهم ولا يمكن أن تتغير ، وما علىً إلا أن أتكيف
معها وأتقبلها تحت أى ظرف ، وطالبونى بأن أهون على نفسى ، فمن المستحيل حسب كلامهم
أن أغير الكون فأنا لا أعيش فى المدينة الفاضلة ، وبصراحة كلامهم مقنع جداً ، ولكن
فى الوقت نفسه رأيت أنه لابد من التعامل بحذر مع هذا المجتمع حتى لا أجد نفسى مرة
أخرى داخل دوامة تدفعنى لتصرفات ورد فعل صعب عليهم ، وفى النهاية أجد ضميرى يجلدنى
دون رحمة.
والبعض الآخر أرسل يستفسر عن المواقف التى دفعتنى لاتخاذ قرار العزلة لفترة
محددة وإعادة ترتيب أوراقى من جديد ، فمنهم من حصرها فى تجربة واحدة فقط ، ومنهم
من حاول أن يحمل أشخاص بعينها لأنه على خلاف معهم ، وهؤلاء يحاولون الصيد فى الماء
العكر ، وفريق آخر سألنى لماذا قررت الاعتذار للأميرة دون أن أعتذر لزوجها والذى
ناله بعض ما نالها ، والإجابة على هذا الاستفسار ستكون صعبة عليه لذلك أفضل أن
أحتفظ بها لنفسى ولا داعى أن أخوض فيها ، أما بالنسبة لاستفسار عن الأشخاص الذين
أغضبونى ، فلن أبوح باسم أى شخص منهم ، ولكن أحدهم كتب كلمة واحدة قصدنى بها على
حسابه بـ " الفيس بوك " منذ قرابة الشهرين ، واعتقد أنها مرت مرور الكرام ، لا والله أنا لم
ولن أتنازل عن رد الإساءة وهذا هو طبعى ، ولكن أنا أعرف الوقت المحدد الذى سأرد
فيه وبقسوة وستكون مفاجأة له ، وعليه أن يستعد لها من الآن.
ولكن ردود الأفعال كانت متعددة وبأساليب متنوعة ، حول الاعتذار الذى نشرته
بالمقال ، فبعضهن أعتبر أن اعتذارى ما هو إلا استجداء ، لا والله فأنا ورب يوسف
وجدت أننى قسوت عليها بشكل غير مقبول فكان من واجبى أن اعتذر لها ، ولدى دليل قوى
وقاطع أن تصرفى هذا كان للاعتذار وفقط ، أفضل أن أحتفظ به لنفسى ، والأيام وحدها
كفيلة بأن تثبت صحة ما أقول ، وبعضهن حاولن تذكيرى بما قالته فى حقى معتقدين أننى
سأرضخ لكلامهن ، بل ووصلت بهن الأمور إلى اتهامها ببعض الأشياء دون دليل قاطع ،
فأنا لا أتعامل مع الكلام المرسل ، وبصراحة لقد مللت من هذه القصة وأريد أن أكتب
نهايتها دون رجعة ، وهناك رسالة أخرى وصلتنى على " الواتس " من هاتف كما
يقولون فاك تابع لشركة " فودافون " ، تتضمن بعض الاتهامات الغير مقبولة
التى لا يصدقها العقل ولا المنطق وطلبت من صاحبها أن يرسل لى الأدلة على كلامه ،
وبصراحة كنت انتوى نشر رقم الهاتف ولكنى تراجعت فى اللحظات الأخيرة.
أما الشئ المضحك المبكى فى نفس الوقت ، بعض الرسائل التى وصلتنى على "
الواتس " تتضمن كمية من المعاكسات لم أتعرض لها من قبل لسيدات أعرفهن والبعض
الآخر لم أعرفهن من قبل ، وكأن هؤلاء أصبن
بالعمى ، ولم يشاهدوا صورى المنتشرة على صفحات " السوشيال ميديا " أو
حتى الموقع ، ولم يشفع عندهن الشعر الأبيض
الذى كسا رأسى ، والتجاعيد التى خطها الزمن بقسوته على تقاسيم وجهى ، وأقسم بالله العظيم أن هناك نساء مغيبات يعشن فى
وهم ، واعتقدن بالخطأ ودون سبب مقنع أننى
من نوعية الرجال التى تلهث وراء النساء ، فأنا فى النهاية رجل متزوج ولدى أسرة
وأولاد من واجبى أنا أحافظ عليها.
بالفعل كانت فترة قاسية جداً ، كشفت لى كل الأقنعة ، وبينت لى حقيقة كل من
حولى وأتعامل معهم ، ونورت طريقى لأمور كنت غافل عنها ، ومن يستحق بالفعل محبتى
والوقوف بجانبه ومساندته ، ومن يستحق أن أتعامل معه بطريقة وقت ويعدى ، لقد عرفت
أسرار وأحداث لم أكن لأصدقها ، ولكن فى النهاية حدثت بالفعل ، واتمنى من الله أن
تكون الفترة المقبلة أفضل عما سبق وأنا يبعد عنى أصحاب الوجوه المتقلبة ، لأنى
وقتها لا أعرف رد فعلى تجاههم ستكون بأى طريقة ، لقد أغلقت تلك الصفحة وأبحث عن
صفحة جديدة هادئة تكون بعيدة عن الصراع البشرى بكل أنواعه.
اللهم قد بلغت اللهم فأنت الشاهد