كتب – محمد مقلد
تعرضت الكعبة الشريفة لعدد من المحاولات لهدمها ، بعضها
بتدخل العنصر البشرى والبعض الآخر من جراء تقلبات الطبيعة ، ومع ذلك ظلت الكعبة
شامخها لها رب يحميها من أى سوء ، وكانت
أولى محاولات هدم الكعبة على يد حاكم اليمن أزماع أسعد أبى كرب ، وابنه حسان بن
أبى كرب، وذلك بهدف نقلها إلى اليمن، حتى
يقصد الناس اليمن لزيارة الكعبة بدلاً من بلاد الحجاز، وبذلك تروج التجارة فى بلاد
اليمن وتحقق انتعاشه اقتصادية بها ، ولكن محاولتهم باءت بالفشل.
أما المحاولة الثانية لهدم الكعبة فجاءت من اليمن أيضاً خلال
عام 570 ميلادياً عن طريق إبرهة الحبشى حاكم اليمن ، والذى رأى أن الكعبة يقصدها
الناس بشكل مستمر مما يؤدى إلى انتعاش التجارة والربح ، فقرر بناء كنيسة فى بلاده
وأطلق عليها اسم كعبة حتى يقصدها الناس ، ولكنه استيقظ على كابوس عدم زيارة الناس
لكعبته ، فقرر أن يخرج على رأس جيش جرار لهدم الكعبة فى مكة ، حتى أرسل الله الطير
الأبابيل وأباد جيشه عن آخره
ومع أن محاولات هدم الكعبة عن طريق ملوك اليمن باءت
بالفشل ، إلا أن الكعبة تعرضت للهدم بالفعل ولكن ليس عن طريق التدخل البشرى ،
وإنما بفعل السيول الجارفة التى ضربت بلاد الحجاز ، عقب البعثة النبوية بخمس سنوات
، مما أسفر عن هدم أجزاء كبيرة من الكعبة ، فقرر زعماء قريش وقتها هدم ما تبقى
وإعادة بناء الكعبة من جديد.
الصراع الأموى الزبيرى
ثم يأتى الصراع
الأمور الزبيرى والطمع فى الخلافة فى عصر أطلق عليه عصر " قطع الرؤوس "
ليشهد على حاثتين مؤسفتين لهدم الكعبة على أيدى المسلمين أنفسهم ، الذى أعمى طمع
السلطة أعينهم وقرروا فعل أى شئ بهدف السيطرة ونزع الخلافة ، ففى عام 24 هجرية فى عهد أول خلفاء العصر الأموى يزيد
بن معاوية ، رفض عبد الله بن الزبير المسيطر على بلاد الحجاز وقتها مبايعة يزيد
للخلافة ، فأرسل له يزيد جيش قوامه 10 آلاف مقاتل لمحاربته وإخضاع بلاد الحجاز تحت
الحكم الأموى ، وقام جيش يزيد بمحاصرة مكة ، وضربوا المدينة بالمنجنيق، فإحترقت الكعبة وانهار سقفها ، وعقب انتصار ابن الزبير ، أمر بإعادة بناء
الكعبة من جديد وجعل لها بابين وستة أذرع ، واختار لها أجود أنواع الحجارة لإعادة
البناء.
وبالنسبة للحادثة الثانية لمحاولة هدم الكعبة أثناء
الصراع الأمور الزبيرى على الخلافة ، فقد وقعت خلال عام 73 هجرية ، فى عهد الخليفة
الأموى عبد الملك بن مروان ، والذى أعد جيش كبير يقوده الحجاج بن يوسف الثقفى ووجهه
لمكة للتخلص من الزبير بن العوام حتى يستقر الحكم فى يد الأمويين ، وقام الحجاج بحصار مكة وضربها بالمنجنيق
والحجارة بصورة شرسة ، مما أدى إلى انهيار جزء كبير من الكعبة ، وعقب اقتحام
الحجاج لمكة وقتل الزبير وقطع رأسه ، أمر الحجاج بإعادة بناء ما تهدم من الكعبة.
محاولات القرامطة
لم تكن واقعة
تعرض الكعبة للهدم على يد الحجاج بن يوسف الثقفى أخر واقعة للنيل من الكعبة ، ففى عام 317 هجرية وفى موسم الحج نجح القرامطة فى هدم الكعبة، حينما دخل أبو طاهر سليمان ابن الجنابى وهو أحد
حكام القرامطة ، ودخل مكة يوم الترويه ، وقام
بنزع كسوه البيت وهدم باب الكعبة ، وازاح الحجر الأسود من موضعه ، وأخذه معه إلى البحرين
والتى كانت تخضع لحكم القرامطة وقتها ، وعقب وفاته تولى الحكم أخوه سعيد ابن الجنابى
، والذى قام بدوره بإعادة الحجر الأسود للكعبة بعد 15 عاماً وبالتحديد فى عام 332
هجرياً.
وفى عهد محمد على باشا ، وخلال عام 1040 هجرية ، تعرضت
مكة لوابل من السيول الجارفة ، فأثّرت بشكل
كبير على الكعبة وتهدمت أجزاء منها ، فأمر حاكم مصر محمد على باشا بهدمها وإعادة
بنائها من جديد ، واستمرت عملية التجديد 6 أشهر.