بقلم – محمد مقلد
" الشعب يريد إسقاط النظام " عبارة كلما مرت على مسامعى أو حتى شاهدتها فى أى وسيلة إعلامية سواء مقروءة أو مرئية ، أشعر بغبطة وحزن ، فتلك العبارة كانت بداية لما وصل به حالنا الآن ، ولاسيما الحال الاقتصادية التى أثرت على القطاع الأكبر من هذا الشعب المغلوب على أمره ، فلم يفطن هؤلاء ممن أطلقوا على أنفسهم ثوار بالكذب والتضليل ، أنهم يقودون البلاد لحافة الهاوية ، والمسألة هنا لا تتعلق على الإطلاق بالنظام الحاكم أواسم وشخصية الرئيس الحالى ، فمهما كان اسم أو كينونة الرئيس الذى يتقلد أمور المحروسة عقب نكبة يناير ، لن تتغير النتيجة ، فالثورات بشكل عام تقود إلى الانهيار الاقتصادي فى غالب الأحيان ، فها هى فرنسا نفسها عقب ثورتها الشهيرة أستمرت فى معاناة شديدة لأكثر من خمسين عاماً رغم أنها محسوبة على الدول المتقدمة.
ولا يخفى على أحد أن ثورات الربيع العربى ، التى طالت عدد من الدول ، ما هى إلا مخطط أمريكى وغربى للقضاء على الهوية العربية ، ونهب ثروات تلك الدول التى
سقطت فى فخ تلك النكبات ، فها هى ليبيا وسوريا واليمن والعراق وغيرها من الدول
التى التهم خيراتها الغول الغربى ، دخلت فى نفق مظلم خالى تماماً من أى طاقة نور
تعطى شعوبها مجرد الأمل فى مستقبل أفضل ، فشعوب تلك الدول من الأغبياء انقادوا
وراء البعض من العملاء تحت ادعاء تغيير الأنظمة الحاكمة بسبب ما وصلت إليه من
جبروت وظلم وفساد ، فانساقوا مثل القطيع وراء تلك النداءات حتى ضاعت بلادهم وسقطة
فريسة سهلة بين أنياب الأسد الغربى.
وعندنا فى مصر عندما انطلقت تلك النكبة بداية من يوم 25 يناير ، كنت أراقب
الوضع لتغطية الأحداث بحكم عملى فى الصحافة ، فقرأت المشهد بشكل كامل وأيقنت أننا
أمام مؤامرة كبرى من شأنها إسقاط مصر والقضاء على مستقبل الأجيال القادمة ، ووقتها قسمت من
قاموا بتلك الثورة المزعومة إلى ثلاث طوائف ، طائفة من العملاء قادوا الثورة
وباعوا بلادهم من أجل حفنة دولارات أمريكية ، والطائفة الثانية تتمثل فى عناصر
جماعة الإخوان الإرهابية الذين شاركوا بقوتهم فى الثورة يوم 28 يناير لطمعهم فى
الوصول لسدة الحكم ، أما الفصيل الثالث فهم المغلوب على أمرهم ممن كانوا يعتقدون
أن بتغيير النظام الحاكم سوف تتغير حالتهم الاجتماعية للأفضل ، فساروا مثل القطيع
تتعالى أصواتهم فى كل الميادين " الشعب يريد إسقاط النظام " وهم لا
يعرفون أنهم يشاركون فى جريمة تاريخية ، ويساهمون فى مخطط إسقاط الدولة بأكملها
وليس نظام حاكم فقط كما كانوا يعتقدون.
ولأن مصر من الدول التى حباها الله تعالى برعايته ، فكانت أقل الدول العربية تضرراً من تلك النكبة ، وبدأت تظهر نوايا كل فريق ممن شارك فى تلك المهزلة ، عقب الاطاحة بنظام الرئيس الراحل حسنى مبارك ، ففريق العملاء تحولوا بقدرة قادر إلى طبقة من الأغنياء يسكنون فى أفخم المنازل ويركبون أحدث السيارات ، بينما تمكنت الجماعة المحظورة من الوصول لسدة الحكم وكادت البلاد أن تصل تحت مظلة حكمهم لطريق مسدود ، لولا أن الشعب المصرى أفاق من غفلته ونجح فى استرداد بلده عقب اختطافها على يد تلك الجماعة الإرهابية ، أما الفريق الثالث من المواطنين الذين أوهموا أنفسهم أن بالثورة تتحقق أحلامهم فى حياة اجتماعية أفضل ، فقد تاهوا بين الفريقين السابقين ، وانهارت حالتهم الاجتماعية لما هو أسوأ وهؤلاء ممن يرددون بين الحين والآخر عبارة " ولا يوم من يومك يا مبارك "
وبطبيعة الحال من الصعب فى الدول العربية ، أن تحقق الثورات أهدافها تحت
أى ظرف ، لأنها ببساطة تندرج تحت مظلة الدول النامية التى يعانى اقتصادها على مر
التاريخ ، ومثل هذه الثورات لن تفيد فى شئ ولن تحقق أى هدف بل نتيجتها ستكون
زيادة الانهيار والمضى من السيئ إلى الأسوأ ، فالثورات عندنا ما هى إلا مطامع سياسية
وفقط ، يقودها البعض من المشتاقين لتصدر المشهد السياسى والوصول للسلطة ، ولا يهمهم
مصلحة الشعب أو مستقبل الأجيال القادمة ، وعلى كل من شارك فى تلك النكبة أن يحمد
الله تعالى أن مصر ما زالت متماسكة بغض النظر عن الوضع الاقتصادى ، ولم تصل لما
وصلت إليه جميع الدول العربية التى وقعت فى مستنقع نكبات الربيع العربى ، من تقسيم وشبه احتلال .