بقلم – محمد مقلد
النساء أنواع تتباين بشكل كبير فى صفاتهن وطباعهن ونظرتهن للحياة ، فهناك
المرأة الهادئة الرومانسية وهى نوعية من النساء أصبحن عملة نادرة فى هذه الأيام ،
والمرأة النرجسية التى لا تعشق إلا نفسها
وتعتمد فى حياتها على نظرية " الأنا " ، والمرأة المتمردة وهى
نوعية من النساء دائماً تجدهن ناقمات غير راضيات على أحوالهن ، لا يقبلن تحت أى
ظرف ما قدره الله تعالى لهن ، كما أن من بين أنواع النساء أيضاً، المرأة الطموحة
التى تحلم بأن يكون لها شخصيتها المنفردة ، والمرأة الحديدية الفولاذية التى تتعرض فى
حياتها لكوارث بما تحمله تلك الكلمة من معنى ، ولكنك تجدها على قدر المسئولية ، وتتفوق
حتى على بعض الرجال فى مواجهة ما تتعرض له فى حياتها من أمور مؤلمة ، فتسبح
ضد التيار لتحاول قدر المستطاع أن تصل لبر الأمان.
فأنواع النساء متعددة لا يتسع المجال لإلقاء الضوء عليهن جميعاً ، وبطبيعة
الحال نقابل نماذج واضحة فى حياتنا
اليومية تمثل كل نوعية من أنواع النساء ، ولكن هناك امرأة أعتقد من وجهة نظرى أنها
تمثل نموذج واضح للمرأة الفولاذية ، علماً بأنى اختلفت معها بشكل كبير من قبل ، لها
أسلوب معين فى التعامل مع الآخرين ، وإن كانت الحياة وتقلباتها وما تعرضت له من
مواقف صعبة جعلها تفقد الثقة فى معظم من يتعامل معها ، ولها كل الحق فى ذلك مع أخلاق
البشر التى تبدلت بصورة مخيفة ، وفى ظل انتشار أصحاب الأقنعة المتعددة بشكل واضح .
فالمرأة التى رزقها الله تعالى بابن وحيد ، يتحول ابنها إلى الأمل الذى
تعيش من أجله ، متعة الحياة بالنسبة لها أن تجده يكبر أمام عينيها ، فهو الوحيد
الذى يرسم الابتسامة على وجهها ويجعل لحياتها قيمة ، تبذل الغالى والرخيص من أجل إسعاده وتلبية كل
طلباته ، تراقب ملامحه وهى تتحول أمامها
عاماً وراء الآخر ، ليشتد عوده ويصل به قطار العمر لمحطة الشباب ، تفوق فى دراسته وأصبح على بعد خطوات
أن يحقق الحلم الذى طالما كانت تنتظره ،
ومع اقتراب اللحظة التى طال انتظارها لتحصد فيها نتيجة زرعتها ، كان لله تعالى رأى آخر فاختار
روحه الطاهرة لتصعد لبارئها لتنجو من شهوات الدنيا وملذاتها ، ليحافظ على طهارة
روحه ونقائها قبل أن يلوثها دنس الدنيا وما عليها من موبقات.
تخيلوا معى ، هل هناك أى كلمات فى معاجم اللغة مجتمعة استطيع أن استعين بها لوصف حالها عقب هذه
الفاجعة المؤلمة ، أعتقد أن الأمر مستحيل
، أنه " الموت " يا سادة
بالنسبة لها ، ومع ذلك تجلدت وتحلت بالصبر وانخرطت فى حياتها العملية جسد بلا روح
، فروحها بلا مزايدة منى صعدت لبارئها مع
فقد ابنها الوحيد ، ونجاحها فى تجاوز الفاجعة والوصول فى عملها لدرجة مدير عام يعتبر
أمر صعب للغاية ، يجعلنا بالفعل نطلق
عليها لقب " المرأة الفولاذية " التى تستحق لقب الأم المثالية مدى
الحياة.
نموذج آخر للنساء ، والتى تمثل بصورة كبيرة نموذج " المرأة الطموحة
" امرأة نشأت داخل أسرة معظم أفرادها
يعملون فى جهاز الشرطة ، ووالدها كان علم من أعلام رجال هذا الجهاز بمحافظة السويس
، أعرفه منذ سنوات بحكم عملى بالصحافة ، وشاهدته
بعينى وقت ثورة يناير وهو يواجه مع رجاله طوفان مجموعة من المخربين ، أثناء
مسئوليته عن تأمين مبنى ديوان عام المحافظة ، حتى عندما تزوجت لم تخرج من هذه
الدائرة أيضاً بالزواج من رجل شرطة معروف.
ورغم ما تحقق لها من عائلة عريقة
تتشرف بها ، وما توفر لها من سبل الراحة ، إلا أنها لم تتأثر بذلك ، ومنعت نفسها من الغرق
بين أمواج مباهج ومتع الحياة ، وأبت أن تسقط فى
فخ إهدار وقتها على صفحات السوشيال ميديا ، و أخذت تبحث عن ذاتها ، وفضلت أن تختار لنفسها
طريق الطموح ، ليقودها إلى تكوين شخصيتها الجديدة ، فاختارت طريق العلم ، فرفعت
راية التحدى حتى حصلت على الدبلومة ، ومن بعدها الماجستير ، وفى طريقها للحصول على الدكتوراه ، وأصبحت رغم
صغر سنها من المحاضرين الذين يتنبأ لها بمستقبل واعد فى مجال التنمية البشرية ،
فهى بعيداً عن لغة المجاملات نموذج مشرف للمرأة الطموحة التى لابد أن يحتذى بها ، فقد
حددت لنفسها أهداف معينة حققت البعض منها ، ولا زالت تبحث عن تحقيق ما تبقى من
حلمها ، وبطبيعة الحال المستوى الثقافى والعلمى الذى وصلت إليه سينعكس بدون أدنى
شك على تربيتها لأبنائها ، فيستفيد منهم المجتمع مستقبلاً .