كتب – محمد مقلد
انتابت الصدمة الحكومة الإسرائيلية عقب قرارات محكمة العدل الدولية ، التى
صدرت خلال الساعات القليلة الماضية ، وأقرت بضرورة سرعة إيقاف الحرب الإسرائيلية
على مدينة رفح ، لاسيما وأن قرارات العدل الدولية إلزامية ولابد من التنفيذ ، حيث
تختلف تلك المحكمة عن المحكمة الجنائية الدولية ، لذلك خرج عدد من الوزراء والمسئولون بإسرائيل ،
للادعاء بأن تلك القرارات حكم بزوال دولة إسرائيل.
كانت محكمة العدل الدولية قد أصدرت عدة قرارات فيما يخص حرب إسرائيل على
قطاع غزة ، على رأس تلك القرارات ، وقف الهجوم العسكرى على مدينة رفح ، وطالبت
المحكمة بالإفراج غن المعتقلين لدى الطرفين دون شروط ، وأمرت المحكمة بترك معبر
رفح مفتوحاً لإدخال المساعدات الإنسانية للفلسطينيين ، كما أمرت المحكمة إسرائيل
بضمان وصول جهات التحقيق من الأمم المتحدة للتحقيق فى عمليات الإبادة الجماعية ،
وطالبت المحكمة بتقديم تقرير يقضى بتنفيذ تلك القرارات خلال شهر.
ومن المرجح حسب ردود الأفعال الإسرائيلية عقب صدور
القرارات من محكمة العدل الدولية ، أن إسرائيل لن تقم تنفيذ تلك القرارات حتى يتم رفع الأمر لمجلس الأمن
الدولى ووقتها يأتى الدور الأمريكى ، حيث
شن المسئولون بإسرائيل هجوماً حاداً على محكمة العدل الدولية ، عقب صدور تلك
القرارات ، فقد خرج إيتمار بن غفير وزير الأمن القومي
الإسرائيلى بتصريحات نقلتها القناة 12 الإسرائيلية ، أكد من خلالها ، أن مستقبلنا ليس منوطاً بما
يقوله الأغيار، بل بما نفعله نحن اليهود ، و أن الرد على قرار المحكمة " اللاسامية
"، حسب وصفه، هو احتلال رفح وزيادة الضغط العسكري على حماس.
فيما عبر المتطرف بتسلئيل سموتريتش وزير المالية الإسرائيلي ، عن
استياءه من قرارات محكمة العدل الدولية ، وأشار إلى أن إسرائيل في حرب على وجودها،
ومن يطلب منها وقف الحرب يطلب أن تكون غير موجودة ، وكأنهم يطلبون زوال دولتنا ،
فيما أعلن بنيامين نتنياهو عن عقد عدة اجتماعات هامة خلال الساعات القليلة القادمة
لدراسة القرارات الصادرة ، وإن كانت كل المؤشرات تؤكد رفض إسرائيل لتلك القرارات.
النموذج الروسى
موقف إسرائيل من قرارات محكمة العدل الدولية ، ورفض
الامتثال له ، يعيد بالذاكرة إلى ما حدث عقب قرارات مماثله من محكمة العدل الدولية
ضد روسيا فى السادس عشر من مارس عام 2022 ، عندما أصدرت المحكمة قرار طالبت من
خلاله روسيا بوقف كافة عملياتها العسكرية على أوكرانيا إلا أن روسيا لم تمتثل
لهذا القرار ، وأكدت استمرار الحرب حتى تحقق أهدافها ، لاعتمادها على الصين بعد
تحويل القضية لمجلس الأمن ، واستخدام حق الفيتو وقتها من الجانب الصينى لوقف أى
قرارات ضد روسيا.
فقد صدر القرار وقتها من محكمة العدل الدولية ضد روسيا ،
وجاء فيه ، يجب على روسيا الاتحادية أن تعلق فوراً العمليات العسكرية التي بدأتها،
في 24 من فبراير 2022 على أراضي أوكرانيا ولكن
الدب الروسى تجاهل الأمر برمته وكأنه لم يكن ، على اعتبار أن المحكمة الدولية ليست
وسيلة مباشرة لتنفيذ قراراتها ، ومن هنا رفضت روسيا إرسال أى وفد قانونى لحضور جلسات
المحكمة ، وأعلنت أنها مستمرة فى حربها العسكرية في أوكرانيا حتى تستجيب أوكرانيا
لكافة الشروط لوقف إطلاق النار.
ووصل التحدى الروسى وقتها لقرار المحكمة ، بتصريحات
نارية لديمتيرى بيسكوف ، المتحدث باسم الكرملين ، حيث قال ، لا يمكننا أن نولي أي اعتبار لهذا الحكم ، موسكو
لا يمكن أن تتفق مع أمر المحكمة ، ولن تأخذه في الاعتبارمن الأساس ، لدى المحكمة الدولية مفهوم مثل موافقة الأطراف
ولا يمكن أن يكون هناك اتفاق هنا ، في هذه الحالة.
ومن المعروف أن اتخاذ إسرائيل نفس النهج الروسى ، بتجاهل قرار مجلس الأمن
بوقف العمليات العسكرية ، يرجع فى المقام الأول إلى اعتماد إسرائيل بشكل كبير على
الولايات المتحدة الأمريكية ودورها داخل مجلس الأمن الدولى ، ففى حالة إصرار
إسرائيل على تجاهل القرار سيتم التصويت عليه فى مجلس الأمن ، ووقتها يبدأ الدور
الأمريكى باستخدام حق الفيتو لرفض أى قرار يصدر ضد إسرائيل ، مما يؤكد أن قرار محكمة
العدل الدولية حبر على ورق