google-site-verification: google954c7d63ad8cb616.html
عيون الخريف عيون الخريف
recent

أخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

لسانك حصانك

 

لسانك حصانك



بقلم – محمد مقلد



الصمت صفة يعتقد البعض بالخطأ أنها تعكس الضعف والسكينة وقلة الحيلة على أصحابها ، رغم أن الصمت فى غالب الأحيان وسيلة ينتهجها البعض للحفاظ على هدوئهم وحلمهم ، والابتعاد قدر المستطاع عن سرعة الغضب والثورة الداخلية التى ربما تقودهم إلى أمور هم فى غنى عنها.

 

فهناك أشخاص يعتقدون أن الثرثرة عمال على بطال واللهث وراء كثرة الكلام ، ربما يكون سبيلهم الوحيد لحفظ ماء وجوههم أمام الناس ، مما يجعلهم ينسجون أقوالاً وآراء غريبة على أمل أن تحقق لهم مأربهم وتحفظ مكانتهم وغرورهم أمام الآخرين ، ومثل هؤلاء يسيطر عليهم الشعور بأن هناك من يحيك لهم المؤامرات ويخطط لتشويه سمعتهم على عكس حقيقة الأمور تماماً ، فهناك شعرة معاوية التى لابد أن نحافظ عليها لأقصى درجة ممكنة ، فالمسألة ليست عداء أو حرب ليثبت كل طرف أنه صاحب حق وتعرض للظلم والادعاء عليه بالباطل.

 

والفرق شاسع ما بين الثرثرة بكلام لا داعى له والصمت ، فإذا افترضنا جدلاً أن هناك شخصين كانت تجمعهم المودة والاحترام المتبادل ، وقادتهم ظروف  ربما تكون نابعة منهم أو تسبب فيها أشخاص آخرين ، إلى نشوب خلاف بينهما حتى ولو كان خلاف حاد ، ولاحظنا أن لكل طرف منهما ردة فعل حول هذا الخلاف تختلف عن الآخر، فإذا كان هناك طرف متمرد بطبعه تسيطر عليه صفة " الأنا " والشعور بالنرجسية ، فسيكون همه الأول أن يثبت للجميع أنه الأقوى وصاحب الحق ليحافظ على غروره وكبرياءه أمام الناس.

 

لذلك تلجأ مثل هذه النوعية من البشر إلى استخدام أسلوب الثرثرة بصورة مبالغ فيها ، والكلام بشكل مستمر لتوصيل رسالة للمحيطين بهما بأنه على حق وتعرض للظلم والادعاءات الكاذبة ، ومحاولة إثبات أن الطرف الذى نشب الخلاف معه ، شخصية غير سوية وصفاته مشينة وأمور عديدة لا وجود لها إلا فى مخيلته هو فقط ، فكل ما يؤرقه ويبحث عنه ، هو تشويه صورة الطرف الآخر بدون داعى.

 

وعلى الرغم من كل هذه المحاولات الغريبة ، نلاحظ أن الطرف الآخر رغم قوته ، تمكن من إحكام سيطرته تماماً على انفعالاته ولم يلتفت للقيل والقال ، وترك الطرف الآخر يقول ما يشاء دون أى محاولة منه ليبرئ نفسه ، وأخذ على عاتقه ألا يشغل نفسه  بمثل هذه المهاترات التى لن تفيد فى شئ ، لأنه ببساطة كان أكثر حكمة ، وصب كامل تركيزه للنظر للمستقبل ، معتبراً الأيام السابقة ماضى وانتهى بحلوه ومره ، فهو يبحث عن الهدوء والاستقرار فى حياته وأخذ عهد على نفسه أن يصمت ثم يصمت وأخيراً أيضاً يصمت ، فالصمت فى مثل هذه المواقف قيمته من ذهب.


ومن هنا نجد أن هذا الطرف التزم الصمت ولا شئ غير الصمت ، لأنه يعلم تماماً أن الكلام لن يجدى فى شئ ، ونتيجته بدون شك تشويه صورتهما معاً بشكل غير مقبول على الإطلاق ، فالصمت يا سادة لغة العظماء ، الصمت كفيل بأن يزيل لغة الانتقام والحقد والغل ، ويخط بديلاً لها الشعور بالطمأنينة والسكينة والهدوء.

 

للصمت بالفعل قيمة كبيرة ونتائج ايجابية لا يعلمها إلا من يعرف قيمتها ، ويكفى أن الرسول الكريم ذكر قيمة الصمت فى قوله صلى الله عليه وسلم " من آمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت " صدق الرسول الكريم ، وقال ابن العباس عن الصمت " يا لسان قل فاغنم ، أو أسكت واسلم ، قبل أن تندم " ، اختصار الكلام أن " لسانك حصانك أن صنته صانك وأن هنته هانك " فعلينا أن نلتزم الصمت عند وقوع أى خلاف مع الآخرين للحفاظ على شعرة معاوية قبل أن يمزقها كثرة الكلام.


اللهم قد بلغت اللهم فأنت الشاهد.         

عن الكاتب

عيون الخريف

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

عيون الخريف