بقلم – محمد مقلد
يعتقد
البعض أننى بصدد توصيل رسالة للواء محمود توفيق عبارة عن مظلمة أو شكوى أو حتى نقد
من أى نوع ، وأنا هنا لست بصدد توجيه أى نقد من أى نوع لجهاز الشرطة ، ليس خوفاً
من أى شئ فأنا لا أخشى إلا الله ما دمت على حق وأعرف حقوقى و واجباتى في حدود
القانون ، ولكن لأنى وبصراحة أعرف قيمة
ومكانة هذا الجهاز الحساس ، الذى عرفت قيمته أنا والعديد من المصريين عقب ثورة
يناير وما عنيناه وقتها من غياب الأمن وتعرضنا للبلطجية والخارجين عن القانون.
فاللواء
محمود توفيق ، أعرفه عندما كان يعمل بجهاز الأمن الوطنى بالقليوبية وتشرفت
بمقابلته بأحد الفنادق ، قبل نقله للفرع الرئيسى بالقاهرة وتقلده منصب
نائب رئيس الأمن الوطنى تحت قيادة طيب الذكر دائماً اللواء سعيد حجازى ، ووقتها كنت أعمل بصحيفة الوطن بقسم الإسلام
السياسى، ومدير مكتب قناة المحور بسيناء ،
وكنا جميعاً نواجه الإرهاب كلاً في موقعه ، وكان اللواء محمود توفيق شعلة من
النشاط داخل جهاز الأمن الوطنى وواجه وقتها أحداث صعبة لاسيما وأنه كان مسئول عن ملف
التطرف ومكافحة الإرهاب ، وما أدراك ما يعنى هذا الملف في هذا التوقيت العصيب
، مع ألاعيب جماعة الإخوان الإرهابية
والتنظيمات المسلحة التابعة لها.
فكان
من الطبيعى أن يتقلد اللواء محمود توفيق منصب رئيس جهاز الأمن الوطنى عام 2017 ،
حتى جاء التغيير الوزارى في يونيه من عام 2018 ووقع اختيار الرئيس السيسى والقيادة
السياسية على توفيق ليتقلد منصب وزير الداخلية ، وقتها وبكل أمانة أيقنت أن
الوزارة ستشهد طفرة على يد هذا الرجل ، فهذا التوقيت بالذات لا يصلح له إلا رجل
طوال فترة عمله بالأمن وهو يواجه الإرهاب وفصائله المتنوعة ، فكان الرجل المناسب في
المكان المناسب بل والوقت المناسب.
وقبل
ثورة يناير كان اللواء محمود توفيق قد حصل على العديد من الدورات المتعلقة بمكافحة
الإرهاب وتحليل البيانات ، وتم اختياره أكثر من مرة ليمثل مصر في العديد من
الندوات والمؤتمرات العالمية المتعلقة بمكافحة الإرهاب ، فساعدته تلك الخبرات التى
اكتسبها في إدارة ملف الإرهاب باقتدار ، فأصبح الرجل يتميز بعقلية أمنية ذات وعى
مختلف تماماً عن الآخرين ، وأسلوب جديد في مواجهة الجريمة ، لذلك لم يكن غريباً
عليه أن يحقق تلك النجاحات داخل وزارة الداخلية وفرض الأمن في كل ربوع مصر
المحروسة.
وعندما
وصل توفيق إلى منصب وزير الداخلية ، كان لديه رصيد كافى من الخبرات يجعله يطبق
أسلوب جديد لمواجهة الجريمة بشتى طرقها سواء كانت جنائية أو إرهابية ، ولاسيما
الإرهابية فهو أصبح قارئ جيد لكل أفكار ومخططات جماعة الإخوان الإرهابية وكل
ألاعيبها ، لذلك وجدناه يهتم بإدارة الرصد والتتبع الخاصة بالسوشيال ميديا ، لأنه
يعلم علم اليقين مدى اهتمام الجماعة المحظورة على تلك الطريقة لنشر أفكارها
المتطرفة وأعمال العنف ونشر الفوضى ، وحققت هذه الإدارة نجاحات متواصلة لا ينكرها
إلا من غاب عنه عقله ، وتمكن توفيق ورجاله من كشف الخلايا النائمة للجماعة
الإرهابية من الموظفين والعاملين داخل المؤسسات الاقتصادية والشركات المختلفة ،
فتم استبعادهم لما يمثلونه من خطر حقيقى على تلك المؤسسات والعاملين بها.
ولا
يفوتنى هنا أن أذكر دور الرجل لعودة الاقتصاد المصرى لسابق عهده ، بالنظر لما تقوم
به الإدارة العامة لمكافحة جرائم المال العام ، وجهودها المكثفة في أحكام قبضتها
على عصابات الاتجار فى العملة الصعبة خارج الجهاز المصرفى ، وما تمثله تلك
العصابات من خطورة بالغة على الاقتصاد المصرى في تلك الفترة الحساسة ، هذا بخلاف
الإدارات الأخرى التى استحدثها توفيق مما ساهم في فرض الأمن بصورة غير مسبوقة في كل
المحافظات المصرية.
ومن
القرارات التى تعجبنى في هذا الرجل ، أنه لا يترك أى مسئول بالشرطة في موقعة لفترة
طويلة بل يهتم بنقل القيادات بين المحافظات مع كل حركة تنقلات للشرطة ونفس الأمر
بالنسبة لجهاز الأمن الوطنى ، لأنه يعلم جيداً أن أى مسئول ليس في صالحه أو صالح
العمل أن يستمر لفترة طويلة في موقع واحد ، ويحسب له أنه لا يسمح لأى رجل أمن سواء
من القيادات أو الضباط بالتجاوز على الإطلاق أو الخروج عن الدور المنوط له القيام
به ، ومن يحيد منهم عن السياسة العامة للوزارة يتم استبعاده على الفور.
فتحية للرئيس السيسى على اختياره لهذا الرجل ، وتحية للرجل على أنه كان عند حسن ظن الرئيس به.