تقرير يكتبه – محمد مقلد
جماعة الإخوان الإرهابية أخذت على عاتقها أن تربى النشأ لديها على فكرة
كراهية الجيش ، واعتباره العدو الأول للجماعة ، الذى يعرقل طموحها ومستقبلها
وانتشار تواجدها ، وهذا ما يوضح حالة الهجوم المتواصل من كتائب الإعلام التابعة
لتلك الجماعة المحظورة على الجيش وقياداته ، ويستخدمون فى سبيل ذلك كافة الأبواق
الإعلامية من مقروءة ومسموعة ومرئية ، فى محاولة لتشوية صورة القوات المسلحة أمام
الرأى العام العالمى.
ولابد لكل نتيجة أسباب واضحة تؤدى إليها ، فلم تتولد كراهية الإخوان للجيش
بالمصادفة ، ولكن هناك تداعيات وظروف معينة أدت إلى ذلك الشعور البغيض ، بدأت بشكل
واضح مع ثورة 23 يوليو 1952 ، تلك الثورة التى نقلت مصر من الملكية للحكم الجمهورى
، فالضباط الأحرار الذين خططوا وقاموا بالثورة ، كان من بينهم عدد ليس بالقليل من
المنتمين لجماعة الإخوان ، على رأسهم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، والذى تنصل
من الجماعة عندما شعر أنهم يهدفون إلى تقلد الحكم فى مصر والسيطرة على مفاصل
الدولة ، وما يمثله ذلك من خطورة بالغة على مستقبل البلاد وشعبها.
ومن هنا رفض عبد الناصر ورجاله الرضوخ لطلب محمد نجيب أول رئيس للجمهورية
عقب الثورة ، بعودة قوات الجيش لثكناتها وإجراء انتخابات رئاسية لانتخاب رئيساً
مدنياً يدير مقاليد الأمور فى مصر ، وكان رفض عبد الناصر نابع من علمه الكامل بأن
جماعة الإخوان وقتها كانت الفضيل السياسى الأقوى ولا يستطع أى فصيل آخر منافسته فى
أى انتخابات حتى حزب الوفد نفسه بما له من قوة حينها ، وهو الأمر الذى يؤكد أن مصر
سوف يتسلم مقاليدها تلك الجماعة بأفكارها المتشددة البعيدة كل البعد عن صحيح
الإسلام ، وايمانها بنظرية انغلاقها على نفسها وأعضائها.
فكان من الطبيعى ، أن تكون تلك هى اللبنة الأولى لكراهية تلك الجماعة المحظورة
للجيش بوجه عام ، وليس كما تدعى الجماعة بأن عدائها مع قيادات الجيش فقط ، فإذا
كان كذلك فلماذا قامت التنظيمات الإرهابية التابعة للجماعة باستهداف جنود الجيش فى
سيناء وغيرها عقب الثورة ؟ ، ولم تفرق ما بين قادة أو جنود كل جريمتهم أنهم يؤدون
خدمتهم العسكرية ، وخير دليل على ذلك أن الجماعة بمجرد وصولها لسدة الحكم أيام
الرئيس الراحل محمد مرسى ، شرعت فى تأسيس ما يعرف بالجيش الحر على أرض سيناء ،
ليكون الذراع العسكرى للجماعة على غرار الحرس الثورى الإيرانى.
وزادت حدة كراهية الجماعة المحظورة للجيش عقب اكتشاف مخططهم أيام حكم
الرئيس جمال عبد الناصر ، لتدمير مرافق الدولة وتفجير القناطر الخيرية ، وهى
العملية التى خطط لها سيد قطب صاحب فكر العنف والدم داخل الجماعة ، فقد تمكنت قوات
الجيش وقتها من إلقاء القبض على المخططين لتلك العملية ومن بينهم الرأس المدبر سيد
قطب ، وتم التحقيق معهم عن طريق قيادات داخل الجيش ومن ثم محاكمتهم عسكرياً لفداحة
العملية التى خططوا لتنفيذها ، والتى كان سيروح ضحيتها الآلاف من المدنيين
الأبرياء ، الذين لا ذنب لهم فى هذا الصراع السياسى.
وصدر الحكم فى تلك القضية على ستة من قيادات الجماعة بالإعدام من بينهم سيد
قطب ، والذى تم تنفيذ الحكم بإعدامه رغم الضغوط الخارجية الرهيبة التى تعرض لها
جمال عبد الناصر لتخفيف الحكم عنه ، ولا يفوتنا هنا أن نذكر واقعة تعرض عبد الناصر
نفسه لمحاولة اغتيال على يد عناصر الجماعة فى حادث المنشية الشهير بمحافظة الإسكندرية
، فكان من الطبيعى نتيجة لتلك الأحداث أن يقود عبد الناصر حملة تطهير البلاد من
تلك الجماعة ، بإصدار قرار بتجميد نشاطها واعتقال أعداد كبيرة منهم لحماية البلاد
من خطرهم الداهم ، والزج ببعضهم داخل السجون الحربية ، فبدأ يترسخ الشعور بالكراهية
داخل عناصر الجماعة للقوات المسلحة بوجه عام.
وفى عهد الرئيس الراحل أنور السادات ، بدأت الحياة تعود للجماعة مرة أخرى ،
فقد منحهم السادات قبلة الحياة ، وأخرجهم
من السجون والمعتقلات ليواجهوا التيار
العلمانى والناصرى ، وظلت الجماعة تتوغل فى مفاصل الدولة حتى تمكنت من الوصول لسدة
الحكم عام 2013 عقب ثورة يناير والاطاحة بنظام الرئيس الراحل حسنى مبارك ، وكشفت
وقتها الجماعة عن أنيابها ونيتها الخبيثة تجاه الجيش والشعب المصرى بوجه عام ، فقد
حاولت خلال عامها الأول من الوصول للحكم فرض هيمنتها وسيطرتها على كل مؤسسات
الدولة ، واستخدام أسلوب أخونة كل شئ بصورة كادت تقضى على البلاد وتصبغها بصبغة
إيرانية بحتة.
والنتيجة المتوقعة لأسلوب تلك الجماعة ، إجبار الشعب المصرى على تقديم
الولاء والطاعة للمرشد العام للجماعة ، فخرج الشعب فى كل المحافظات فى 30 يونية
لإنقاذ بلادهم من بين أنياب هذا الذئب المفترس ، وكان للقوات المسلحة دور كبير فى
مساندة المصريين للتخلص من تلك العصابة المتأسلمة ، وتقلد أحد أبناء المؤسسة
العسكرية مقاليد الحكم عقب انتخابات أجريت عام 2014 ، وأصبح عبد الفتاح السيسى
رئيساً للبلاد ولجأ لنفس أسلوب عبد الناصر فى تطهير مصر من هذا السرطان الذى يهدد
وجودها ، فكان من الطبيعى أن تخرج أبواق الجماعة الإعلامية لتحاول تشويه صورة
الجيش وقادته ، لأنه ببساطة كان العقبة الوحيدة أمام تلك الجماعة عبر التاريخ ،
لتحقيق حلمها بالسيطرة الكاملة على مصر وشعبها.