كتب – محمد مقلد
يبدو أن حكومة إسرائيل ، لديها انفصام بالشخصية ، وتعمل
الشئ ونقيضه فى آن واحد ، ففى اليوم الذى كثفت فيه طائراتها الحربية تحليقها على
المحاصرين بقطاع غزة مساءً وقصفت العديد من المناطق مما أدى لاستشهاد العشرات
وإصابة الآخرين من الفلسطينيين المحاصرين بغزة ، فوجئ العالم كله فى صباح
اليوم التالى ، استبدال الطائرات الإسرائيلية القذائف بمنشورات تهنئ المحاصرين
بحلول شهر رمضان ، وتدعو للتسامح فى تصرف تعجز كل معاجم اللغة عن ايجاد كلمات للتعبير
عنه بدون الخروج عن النص الأخلاقى لغوياً .
منشورات التهنئة برمضان التى ألقتها الطائرات الإسرائيلية |
حيث فوجئ المحاصرون الفلسطينيون بمدينة رفح ، بإلقاء
الطائرات الحربية الإسرائيلية بمنشورات عليهم تهنأهم بحلول شهر رمضان المبارك ،
وتدعوا للتسامح ، وهذا على النقيض تماماً لحرب الإبادة التى يقودها الجيش
الإسرائيلى ضد المدنيين الغزل بالقطاع وحرب التجويع والتشريد ، وجاء فى تلك
المنشورات نصاً " اطعموا الطعام
وأطيبوا الكلام " صوماً مقبولاً وذنباً مغفوراً وإفطارا شهياً بإذن الله ، ويتذيل
النص المكتوب في المنشورات عبارة "الفتح الصادق - فتح آفاق جديدة لسكان
غزة"، مرفقة بنجمة داوود.
وهى منشورات لم تثير سخرية واستهزاء سكان قطاع غزة
المحاصرين وحسب ، بل أثارت سخرية معظم سكان الكرة الأرضية ، فهو تصرف غريب يعكس مدى
الاستخفاف من جانب العدو الإسرائيلى بالعالم أجمع ، وقد قابل سكان القطاع تلك
المنشورات بالاستهزاء واستخدمها بعضهم للتبول عليها للإعلان عن غضبه ورفضه مثل هذه
الدعوات المزيفة ، والبعض الآخر استخدمها فى إشعال النيران.
أضف إلى ذلك ما أعلن عنه المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية ،
والذى صرح بأن إسرائيل ترحب بالمبادرة
التى قدمها الرئيس الأمريكى جون بايدن ، وذلك بمناسبة قرب حلول شهر رمضان المبارك
، والمتعلقة بإنشاء الممر البحري بين قبرص
وقطاع غزة ، بهدف نقل المساعدات الإنسانية الى
القطاع عن طريق البحر ، بعد اخضاعها للتفتيش الأمني حسب المعايير الإسرائيلية ، مضيفاً أن إسرائيل
ستواصل اتاحة الفرصة لنقل المساعدات الإنسانية لسكان القطاع وفقا لقوانين الحرب
الدولية وبالتنسيق مع الولايات المتحدة وحلفاء إسرائيل في العالم.
ولكنه أكد فى
نفس التصريحات ، أنه رغم تلك الموافقة على إنشاء هذا الممر البحرى ، فإن الجيش الإسرائيلى سوف يواصل محاربة حركة
حماس التي ارتكب عناصرها المجزرة الوحشية في السابع من أكتوبر الماضى ، والتي ما
زالت تدعو الى محو إسرائيل ، على حد وصفه ، ولفت المتحدث باسم الخارجية الصهيونى ، إلى أهمية أن تنضم دول أخرى الى
المبادرة القبرصية وإلى المساعي الدولية لنقل المساعدات.
ولم تتوقف ألاعيب إسرائيل لمحاولة إظهار أنها دولة تدعوا
للتسامح عند هذا الحد ، بل نشرت وسائل إعلام عبرية خبراً جاء فيه ، إن قصة إنسانية
واحدة هي أكبر من كل أكاذيبهم ، لقد قامت قوات جيش الدفاع الإسرائيلى ، بإنقاذ الطفلة
الفلسطينية " حلا حمادة " ، من قلب منطقة القتال بخان يونس ، بعد ان حُوصرت بين أنقاض المبانى
، حيث تمكن جنودنا بعد مجهود كبيرمن رصد موقع الطفلة بعد فقدان الاتصال بها ، و
بذلوا جهودا جبارة لإنقاذها في الظروف الميدانية المعقدة ، ثم قدمت القوات الإسعافات الأولية للطفلة بعد إنقاذها ، ومن ثم جرى التنسيق مع الهلال الأحمر الفلسطيني لنقلها إلى المستشفى.
وهذا هو الحادث الذى علق عليه عدد كبير من المواطنين
بمعظم الدول العربية ، حيث أجمعوا ، أن الجيش الإسرائيلى قام بإنقاذ الطفلة
الفلسطينية ، حسب إدعائه ضباحاً لتقتلها طائراتهم فى المساء ، كنوع من أنواع
السخرية على تلك الادعاءات الإسرائيلية الكاذبة التى تدعو للتسامح المزيف.