google-site-verification: google954c7d63ad8cb616.html
عيون الخريف عيون الخريف
recent

أخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

سامحينى ... حقك عليّ

 






بقلم – محمد مقلد



طوال حياتى وأنا أفضل لنفسى أن تعيش فى هدوء ، بعيداً عن المشاكل والمهاترات ، أحاول أن أنأى بها عن التعامل مع الآخرين ، وأعتبرها أقرب صديق لقلبى تهون علىّ وأهون عليها ، نقضى أوقات طويلة نتحدث سوياً ، أحكى لها عن أدق أسراري ،  تخفف عنى حزنى وألمى ، وأنا دائماً أعدها بأن أحافظ على هدوئها واستقرارها ، وكل المعارك التى خضتها طوال عملى بمهنة البحث عن المتاعب ، كنت أحرص بصورة كبيرة أن أجعلها بعيدة دائماً ، حتى لا أرهقها معى وأحافظ عليها من الإصابة بأى أذى.

 

وعشت سنوات طويلة معها يجمع بيننا الحب والمودة والاحترام المتبادل ، أحاول قدر الإمكان أن أحافظ علي كرامتها ، أبعدها عن الإهانة أو التقليل من شأنها ، حتى جاءت التجربة الأخيرة ، تلك التجربة التى خرجت منها بنتائج بعضها ربما يكون مفيد لكلانا ، والبعض الآخر كان قاسى على نفسى وحدها ، قاسى بصورة صعبة للغاية ، أصابها بشرخ وألم عميق من المستحيل التخلص منه مهما كان العلاج ، ألم سيظل طوال ما تبقى من عمرى ينزف الحزن والأسى دون توقف ، لذلك وجدتنى أقف أمامها لا أقوى على مواجهتها ، لا حيلة لى  إلا أن أقول لها " أنا آسف ,, سامحينى ,, حقك علىّ "

 

ولكن هيهات كيف لها أن تسامحنى وتغفر لى خطأى ، وقد نصحتنى أكثر من مرة ، أن أكن حريص فى تعاملى مع الآخرين ، لقد قضت أوقات طويلة تحذرنى من الوقوع فى الخطأ ، وأن أظل كما أنا محافظ على وقارى ومكانتى الاجتماعية التى تعبت كثيراً طوال حياتها لأفرضها على الجميع ، وأضعها فى صورة محددة تجعل الآخرين يقدرونها ويكنون لها كل التقدير و الاحترام ، لقد نصحتنى أكثر من مرة أن أتخلص من سرعة الغضب التى سيطرت على تصرفاتى ، وأن أكون شخص حليم لأقصى درجة ، وأن أتريث فى اتخاذ القرارات دون انفعال حتى لا أهدد حياتى وأخسر كل شيئ جميل فيها.

 

نصحتنى بألا أصدق أى شخص ولاسيما فى هذا العصر بسهولة ، ولا أقترب من أحد مهما كان ، وألا أتعامل مع أى شخص إلا إذا أيقنت أنه حالة شاذة تختلف عن معظم البشر من أصحاب الذمم الخربة والأخلاق الذميمة ، فنفسى كانت تخشى علىّ من الانخراط وسط المجتمع والتعامل مع أفراده بحسن نية ، حتى لا أسقط  تحت عجلات الوجه القبيح منه وأغرق فى أعماق بئر الرذيلة وغياب الضمير ، مجتمع سيطر عليه أصحاب الأقنعة المتعددة والوجوه المزيفة التى تحتاج إلى ثعلب ماكر حتى يستطع التعامل معهم.

 

لقد نلت قسط كبير من اللوم والتوبيخ من نفسى ، بسبب طريقة تعاملى مع تلك التجربة القاسية ، فلم يعجبها منى سرعة الغضب التى حولتنى لأسد جائع يلتهم كل من يقابله دون رحمة أو هوادة ، سرعة غضب جعلتنى أقسو على الطرف الآخر دون أن أضع أمامى أموراً لا أريد أن أبوح بها ، لقد اتهمتنى نفسى بأننى فقدت صوابى وكنت أتعامل بدون فكر لشخص فقد عقله تماماً.

 

 وعندما حاولت أن أقنعها أننى كنت رد فعل ، وأحافظ على كرامتى ومكانتى بين الآخرين ، زاد غضبها منى واتهمتنى بأننى المتسبب الأول فى تفاقم الأمور وتصاعدها بسرعة كبيرة ، وبدأت تسألنى ، أين حكمتك ورزانتك ؟ أين ذهب عقلك ؟ لماذا تقع فريسة لغضبك بهذا الشكل وتجعله يتحكم فيك ويسيطر عليك وعلى تصرفاتك لهذه الدرجة ، أفيق مما أنت فيه وعد لصوابك ، وسيطر على نفسك وأقتل الغضب بداخلك ، وحكم عقلك فى تعاملك مع الآخر ، ووقتها ربما أتناسى ما فعلته فى حقى ، وأسامحك على اهانتك لكرامتى والتقليل من شأنى ومكانتى أمام الناس ، وحتى تحقق ما طلبته منك ، سيظل الفراق يحكم بيننا وطريقى يختلف عن طريقك


هداك الله وسدد خطاك على الطريق الصحيح  

 

 

 

عن الكاتب

عيون الخريف

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

عيون الخريف