google-site-verification: google954c7d63ad8cb616.html
عيون الخريف عيون الخريف
recent

أخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

القلب قبل النفس أحياناً

 



بقلم – محمد مقلد



طباع البشر وسلوكهم يختلف من شخص لآخر ، وهى طبيعة فطرية خلقها الله تعالى داخل كل انسان ، وبالتالى فالنظرة للحب والوقوف على معناه الحقيقى يختلف أيضاً بين الأفراد ، وكل فرد ينظر إليه من منظوره هو ، طبقاً لتركيبته الاجتماعية والبيئة التى نشأ فيها ، والطبقة الاجتماعية  التى أثر فيها وتأثر بها ، فالبعض ينظر للحب من منظور سطحى أساسه أمور شكلية لا علاقة لها بالقلوب على الإطلاق ، وهذه النوعية يسيطر عليها الغريزة الحيوانية والشهوانية بصورة أكبر.

 

ولكن وعلى الرغم من صعوبة تولد المشاعر الحقيقة للحب فى العصر الذى نعيش فيه الآن ، والذى سيطرت عليه أمور مادية قتلت كل المشاعر الوجدانية داخل معظم البشر ، واقتصر دورهم فى الحياه على أنهم موجودين وفقط ، مثلهم مثل غيرهم وكأنهم آلات تحركها الأحداث اليومية الرتيبة  التى تمر عليهم  ،  إلا أنه ورغم كل هذه الصعوبات المعيشية  ما زال موجود بيننا قطاع من البشر رغم قلة وجودهم  ،  لديهم إيمان كامل بوجود الحب بمعناه الحقيقى ، الذى يقوم على مشاعر يصعب على الكثير منا فهمها.

 

وهذه النوعية من البشر ، دائماً ما يتولد بداخلهم صراع مستمر ما بين القلب والنفس ، وهو وللحقيقة يكون صراع شرس للغاية يؤثر على صاحبه بصورة كبيرة ، وفى غالب الأحيان تنتصر النفس على القلب ، لاعتبارات تتعلق بالكرامة وربما الغرور والكبرياء وعزة النفس ، ورغم ذلك هناك حالات نادرة جداً ، ينتصر فيها القلب على النفس ، وليس من الضرورى أن يكن الحب هو السبب الرئيسى فى انتصار القلب على النفس  ، ولكن هناك مواقف واعتبارات أخرى ربما تكون أقوى فى ترجيح كفة القلب على النفس.  

 

وهناك نماذج تمثل هذه النوعية من البشر ، الذى يصل الحب لأحد الطرفين إلى حالة الصراع الشرس بين القلب والنفس ، ويخرج منها القلب منتصراً لأسباب متباينة ، ربما لا تتعلق بالحب فى المقام الأول ، وهذا النموذج بالذات له أمور متعلقة بخصائص وصفات وسلوك الطرفين ، ودائماً ما تبدأ القصة بينهما باكتشاف كل طرف منهما ، أن هناك صفات مشتركة بينهما مثل المعنى الحقيقى للمشاعر ، وطريقة التفكير ، وعزة النفس والكرامة ، والنظرة للمجتمع وأفراده ، والبحث عن ما هو أفضل لخريطة المستقبل لكلاهما

 

ولكن للأسف من الممكن أن تسيطر صفة  " الأنا " على أحد الطرفين ، فمن هنا تستطيع أن تكتشف أن معظم أوقاتهما كانت تمر بينهما فى مشادات ومناوشات وعراك تصل لحد الخصام الذى لا يدوم لأكثر من دقيقة واحدة ، لأن الطرف المصاب بـ " الأنا "   يحاول باستمرار أن يثبت للطرف الآخر أنه مرغوب فيه ، وتصل معه الأمور إلى نسج قصص من وحى الخيال حتى يجبر الطرف الآخر للتمسك به أكثر.

 

 

ومع المتعة التى يشعر بها  الطرفان بعد كل عراك وخصام ، وحالة الشد والجذب بينهما بصفة مستمرة ، فمن الطبيعى أن ينفجر الوضع بينهما لاسيما إذا تدخلت عوامل خارجية ، ومن هنا الطرف المصاب بـ " الأنا "  يحاول قدر الإمكان أن يحافظ على كرامته ومكانته بشتى الطرق ، باستخدام أساليب وتصرفات غير محسوبة بالمرة ، فمن هنا يبدأ الطرف الآخر الدفاع عن كرامته ومكانته والرد على كم الإهانات التى تعرض لها وهو يسأل نفسه ، لماذا يحدث كل ذلك ؟ ويظل يبحث عن إجابة لهذا السؤال حتى يفطن أخيراً ، أن هناك " كلمة واحدة "  هى السبب الرئيسى لتفاقم الأوضاع بهذا الشكل الغير مقبول.

 

 

ومن هنا يبدأ الصراع بين قلبه ونفسه ، فنفسه تطلب منه أن ينتقم لكرامته وإهانته ، وأن يثبت للجميع أنه على صواب ، وأن الطرف الآخر هو من أخطأ فى حقه ، فتنتصر النفس لبعض الوقت ، حتى يأتى الوقت الذى يتدخل فيه القلب ، والذى يحاول بشتى الطرق أن يجنب النفس حتى يحاول اقناعه بالعدول عن رأيه ، ويستخدم فى سبيل ذلك إعادة بعض اللحظات والمواقف الجميلة التى جمعته بالطرف الآخر، فيحتدم الصراع لأقصى درجاته ، ولكن فى النهاية يخرج القلب منتصراً ، ولكنه انتصر فى منافسه شريفة تجعله يحتضن النفس ويتفقان أن يبدأن صفحة جديدة ، ويتفقان أنها كانت تجربة قاسية  ودرس مستفاد لما هو قادم .           

     

عن الكاتب

عيون الخريف

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

عيون الخريف