كتبت – مروة عامر
الأوضاع الاقتصادية الصعبة التى تمر بها مصر مثلها مثل كل دول العالم ، وما
تلاها من ارتفاع غير مسبوق فى أسعار السلع الغذائية ولا سيما اللحوم ، ألقى بظلاله على قطاع عريض من المصريين وخاصةً
طبقة الكادحين ومحدودى الدخل ، وتغيرت بصورة واضحة حركة الأسواق من شراء وبيع ،
مما دفع الغلابة للإقبال بصورة كبيرة على طعام الكلاب والقطط من أجنحة وأرجل
الفراخ.
أرجل الفراخ أصبحت وجبة البروتين للغلابة |
فقد انخفضت حركة الإقبال على محلات الجزارة بعدما قفزت أسعار اللحوم خلال
فترة وجيزة قفزة هائلة حتى تعدت الـ 450 جنيهاً للكيلو الواحد ، ومن الطبيعى أن تتأثر أسعار
الدواجن والأسماك حيث وصل سعر الدجاج الأبيض إلى 120 جنيه للكيلو ، ناهيك عن أسعار
الزيت والأرز والسكر والخضروات والخبز الحر وخلافه من السلع الغذائية الرئيسية.
ومن الطبيعى مع هذا الارتفاع الكبير فى الأسعار ، أن تكون طبقة محدودى
الدخل الأكثر تأثراً ، لذلك كان لابد لهم أن يبحثوا عن سبل جديدة ومختلفة تساعدهم
على التعايش مع تلك الفترة الصعبة للغاية ، وتوفير الغذاء اللازم لأبنائهم ولا
سيما اللحوم والدواجن ، ولكن كيف ؟ وبأى طريقة ؟
الإجابة ببساطة ، أن تلك الطبقة الكادحة بدأت تلجأ لشراء أجنحة وأرجل
الفراخ ، والتى يقبل عليها بعض الناس لشرائها كوجبة أساسية للكلاب والقطط ، الأمر
الذى ساهم فى انتعاش سوق أطراف الفراخ ، وأصبح لها سعر نظراً للإقبال الكبير عليها
من الغلابة ومحدودى الدخل ، حتى وصل سعر كيلو الأجنحة إلى 90 جنيهاً ، وكيلو
الأرجل 50 جنيهاً ، فى سابقة غريبة لم تحدث من قبل.
" عيون الخريف " التقت عدد من المواطنين عقب شرائهم أجنحة وأرجل
الفراخ ، والذين أجمعوا على أن ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن ، جعلهم عاجزين عن
توفيرها لأبنائهم الذين يطالبون بتناولها بصفة مستمرة مثلهم مثل غيرهم ، فلم يجدوا
أمامهم أى سبيل إلا الاقبال على شراء الأجنحة والأرجل لتلبية احتياج أبنائهم
للبروتين ولاسيما مع ارتفاع أسعار الأسماك أيضاً خلال الفترة الأخيرة.
والمأساة الحقيقية لخصتها لنا " أم سعيد " ربة منزل ، وهى سيدة
فقدت زوجها منذ عشر سنوات ، الذى توفى وترك فى عنقها 4 أبناء ، جميعهم فى مراحل
التعليم المختلفة ، وما تركه لها من معاش شهرى لا يكف حتى لتسديد قيمة المرافق من
كهرباء ومياه وغاز ، أم سعيد أكدت لـ " عيون الخريف " أنها كانت قبل تلك
الأزمة الاقتصادية ، تشترى كيلو لحمة وفرخة واحدة شهرياً ، ولكن مع الارتفاع فى
الأسعار بهذا الشكل الجنونى لجميع السلع الغذائية وعلى رأسها اللحوم ، لم تجد
أمامها إلا اللجوء لشراء أجنحة وأرجل الفراخ ، بل وأكدت أيضاً أنها تجلب العظام من
جزار تعرفه ، لمجرد أن الشوربة التى تعدها بتلك العظام تحمل رائحة اللحمة.
بالفعل أم سعيد نموذج واضح لقطاع من المواطنين ، الذين يعيشون مأساة حقيقية
، لدرجة أن بعضهن بالفعل بدأ يفكر فى أن يلجأ للشحاتة من الناس ، حتى يستطيعوا
توفير قوت أبنائهم ، ومن جانبها تحاول الحكومة قدر المستطاع الوقوف مع محدودى
الدخل بتنظيم معارض لبيع السلع الرئيسية بأسعار أقل من السوق بعض الشئ ، ولكن تلك
المعارض أيضاً أصبحت عاجزة عن حل المشكلة بالنظر إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية عالمياً بصورة غير مسبوقة.
المشكلة بالفعل كبيرة ومعقدة للغاية ، لأنها ببساطة ليست مشكلة دولة ، بقدر
ما هى مشكلة عالمية أثرت على معظم دول العالم ، ومن الطبيعى أن تتأثر بها مصر على
اعتبار أنها دولة كبرى ، يعيش على أرضها أكثر من 120 مليون مصرى ، بخلاف ما يقرب
من 10 ملايين لاجئ من دول عربية وأجنبية مختلفة ، وتحتاج لجهود مضاعفة لإيجاد حلول
جذرية لإنقاذ طبقة الغلابة من الضياع وسط زحمة ارتفاع الأسعار.