بقلم – محمد مقلد
محور
الأحاديث خلال الفترة الأخيرة لا تخرج عن حيز أن البشرية تمر بأيام صعبة ، أيام
أعلنت فيها الطبيعة نفسها عن غضبها واستيائها ، وعبرت عن ذلك بما نشاهده من تغير
مناخى يتوقع الخبراء أن يكون أسوأ عام تلو الآخر ، وخرجت الزلازل والبراكين من
قمقمها برسائل تحذيرية بأن القادم أسوأ
، وغضب البحر المتوسط بين الحين والآخر
والذى أوشك هو الآخر على الانفجار فى وجه العديد من المدن التى تطل بوجهها على
أمواجه ، وهو يكشر عن أنيابه يستعد لالتهامها فى جوفه ، ولم يتوقف الغضب عند هذا
الحد وفقط ، فما شاهدته البشرية عندما أطل الفيروس إياه برأسه على أجواء كل دول
العالم ، ما هو إلا رسالة واضحة لغضب مكتوم من تصرفات وسلوك البشر ، أنه غضب إلاهي
يا سادة ، ونأتى نحن وبكل بجاحة وعدم مسئولية لنتهم المسئولين بأنهم السبب لما آلت
إليه أحوالنا النفسية و الاقتصادية.
لا
وألف لا ، أنه تواكل منا ، يجعلنا نحاول أن نلقى بالمسئولية على غيرنا ، دون أن
ننظر للأمر بنظرة أكثر عمقاً ، فهل أى مسئول على وجه الأرض مهما كان اسمه ومنصبه
يستطيع أن يسيطر على المناخ ، وأن يروض الطبيعة ويتحكم فى البراكين والزلازل ،
ويمنع الأوبئة والفيروسات من التواجد بيننا ، ويمسح بيديه برفق على أمواج البحر
المتوسط حتى يهدأ ويعدل عما يفكر فيه من تدمير مدن بالكامل ، كلها أمور فى النهاية
يا سادة لها تأثيرها ودفعتنا إلى ما نحن فيه الآن من حالة اكتئاب عام وظروف
اقتصادية صعبة.
فالحقيقة
وبدون اجهاد عقولنا فى التفكير تتعلق بقدرة أكبر وأعظم من البشرية كلها ، قدرة هى
السبب الرئيسى فى تواجد تلك البشرية نفسها ، قدرة وجدتنا جميعاً نخالف تعاليمها
والأسس والقواعد التى وضعتها لكى نسير عليها ونلتزم بها وبتعاليمها ، قدرة وضحت
لنا الطريق وحددته حتى نسير فيه لنصل لبر الأمان ، ولكن للأسف السواد الأعظم منا
انحرف عنه وفضل أن يسير فى طرق أخرى صنعها له وزينها من رفض السجود لسيدنا آدم
عليه السلام ، إن الله يا سادة لن يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم أولاً.
سلوك
البشر وتصرفاتهم وأخلاقهم التى طفت على سطح الحياة خلال الفترة الأخيرة ، وضياع
معالم الإسلام ، كفيلة وبدون أى اجتهاد منا أن تغضب خالق الكون ، وغضبه تعالى يغضب
الزمن نفسه ، ويغضب الطبيعة فهو فى النهاية خالقها ومن حقها أن تغضب لغضبه ، نحن
يا سادة من أفسدنا الحياة على أنفسنا ، نحن أفسدنا كل شئ بأخلاق فصلها الشيطان ، وسلوك
يخالف شريعتنا ، واللهث وراء ملذات الدنيا التى تزينها لنا أنفسنا وكأنها أقصى
مبتغى يصل إليه الانسان ، الذى لا يفيق من تلك الغفوة إلا وهو يحتضر على فراش
المرض.
تعالوا
ننظر لأنفسنا ونكتشف حقيقة ما وصلنا إليه بالنظر لمرآة الحياة ، ستجد أن تلك
المرآة تعكس صور مخزية لرجال تشبهوا بالنساء ، رجال لديهم أبناء ربما يتفوقوا
عليهم فى طول القامة ، وتجد الوالد المبجل يرتدى بنطال ممزق من كافة الجهات بحجة
أنها موضة ، ويفتح قميصه ليكشف صدره بالكامل ليظهر أمام الناس أنه يرتدى سلسلة
تزيده رونق وجمال ، ناهيك عن قصة الشعر والحواجب المرسومة بفعل فاعل ، وفى الجانب
الآخر تجد النساء تشبهن بالرجال بصورة مقززة وهذا الأمر واضح لا يحتاج لتفسير أو
ضرب أمثلة ، وفى النهاية مطلوب أن نحافظ على الأجيال القادمة ، بأى منطق يكون ذلك
وشيمة رب البيت بتلك الصورة المرفوضة التى تخالف عادات وتقاليد مجتمعنا الشرقى.
فمرآة
الحياة تحمل الكثير من الصور التى تعكس حالة الانحطاط الأخلاقى والسلوكى الذى
وصلنا إليه ، صور تكشف الغيرة والحقد والنفاق والنميمة والتربص بالغير ونسج
المؤامرات والبحث عن المصالح الخاصة حتى ولو كان الوصول إليها على جثث الغير ، صور
تعكس الفجور والفسق الذى وصل إليه قطاع ليس بالقليل ، فالصور كثيرة ولن تنتهى
وتحتاج لمجلدات كاملة لسردها ، وفى النهاية نتساءل بغباء منا , لماذا أصبحت الدنيا
ضيقة علينا لهذا الحد؟ ونتجاهل عن عمد منا بأننا السبب الرئيسى فيما وصلنا إليه ،
لأننا ببساطة لا زلنا نحتفظ بما داخلنا من صفات زرعها الشيطان ، وعاجزين أو قل ليس
لنا رغبة فى تغيير تلك الصفات داخل أنفسنا ، ونطالب أن يغيرنا خالق الكون ويغير
الحياة من حولنا إلى الأفضل ، بأية أمارة
لا أعلم.