يوميات فاهم أفندى
عاد فاهم أفندى لمنزله بعد يوم عمل شاق ، فنال منه التعب والإرهاق ، ما جعله يحتاج لقسط من الراحة ، وبمجرد أن خلع ملابس وبدأ يستعد لإلقاء جسده على السرير ، اصطدم بصوت جرس الباب ، فعاد ليرتدى ملابسه مسرعاً ، واتجه ناحية باب شقته ، فإذا به صديقه هادم الملذات دائماً ، محروس البقال ، الذى دفع فاهم من أمامه ودخل بلهفة يسبقه صوته " أزيك يا فاهم عامل أيه " فرد عليه فاهم والذى كاد يحطم أسنانه من الغيظ ، " نحمده يا محروس .. خير "
شفت يا فاهم يا أخويا ، شفت الواد الإعلامى ده اللى اسمه إبراهيم عيسى ، بيقول
أيه على بتوع المقاومة الفلسطينية ، بقه المقاومة إرهابيين وسبب خراب فلسطين يا
فاهم ، ينفع كده ، الواد ده مش لاقى حد يلمه ، هو بسلامته عاوز أيه يعنى ، عاوز اليهود
الصهاينة بتوع إسرائيل ، يدخلوا المسجد الأقصى بالجزم ، ويعتقلوا ويموتوا أخواتنا
فى غزة ، والمسلمين يتفرجوا عليهم ، ده أيه القرف ده ، هو يا فاهم فى جيش
أصلاً لفلسطين عشان يدافع عنها وعن
أراضيها ، لو كان فى جيش كنا قلنا ماشى مفيش داعى لمقاومة ولا غيره ، أنا مش عارف
الناس دى عايزه أيه يا أخى.
وما زال محروس يسترسل فى حديثه الغاضب ، وإذا بفاهم شارد الذهن وعيناه كسهم
كاد يخترق الأرض أمامه ، وبدا وكأنه انتقل لمكان آخر ولم يسمع كلمة واحدة من كلام
صديقه محروس ، ولم يخرج من هذه الحالة إلا على صوت محروس " أيه يا فاهم أنت
مش سامعنى ولا أيه "
لا سامعك يا محروس ، وبدت الكلمات تخرج منه وقد أثقلها الحزن والألم ، أنت
عارف يا محروس العيب مش عليه خالص ، إن كان عليه فهو صورة لا تختلف عن شخصية الفنان الراحل سمير غانم فى فيلم " الرجل
الذى عطس " مترهل وأخبل وعقله بلا وعى ، العيب يا محروس فى المسئولين اللى
سابوه يشطح شمال ويمين بتصريحات تحمل أفكاره الشاذة ، التى تشكك فى كل شئ وخلاص ،
الرجل ده يا محروس ميهموش إلا أنه يجمع فلوس وبس ، ويمتلك تركيبة نفسية معقدة ،
وكان يجب على الدولة أن تحيله من زمان لمستشفى العباسية.
وقبل أن يستكمل فاهم حديثه ، قاطعه محروس ، لأ استنى بقه لحد هنا نعمل
كوبيتين شاى نعدل بيهم الطاسة ، وبعد كده نكمل كلامنا ، وأثناء تواجد محروس فى
المطبخ لعمل الشاى لحقه فاهم " أنت عارف يا محروس الراجل المعقد ده اتحبس
أيام الرئيس الراحل مبارك ، وباس الأيادى وكان ناقص يبوس الجزم عشان يسيبوه ،
ودلوقتى رجع للهبل تانى مش بأقولك ده الرجل الذى عطس.
أنا سمعت يا فاهم ، أنه غلط حتى فى الدين بتاعنا ، فابتسم فاهم ابتسامة
حسرة قائلاً للأسف ده حصل ، ومحدش قرب منه ولا عمله أى حاجة ، ولا حتى الأزهر تدخل
لوقف جنون هذا المعتوه ، يا راجل ده وصلت معاه أنه شكك فى الإسراء والمعراج ،
وطالع ينكر وجود المعراج من الأساس ، رغم أن تلك الواقعة مذكورة فى القرآن الكريم
بسورتى " الإسراء والنجم " هو كده بيشكك فى القرآن نفسه ، لأ وأيه بيدعى
أن صلاة التراويح بدعة اخترعها سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، بسلامته مش
عارف أن الرسول الكريم صلاها بالمسلمين فى شهر رمضان ، لأ وكمان عايز يلغى الآذان فى
مكبرات الصوت.