google-site-verification: google954c7d63ad8cb616.html
عيون الخريف عيون الخريف
recent

أخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

الوظيفة وسنينها

 

الوظيفة وسنينها


يوميات - فاهم أفندى 



عاد فاهم أفندى من عمله منهك بصورة كبيرة ، يظهر عليه الاكتئاب وعدم الرضا من أمور مرت عليه فى عمله بالمؤسسة التى يعمل بها ،  جعلته ليس على ما يرام ، وبمجرد أن دخل منزله ، جلس ليستريح دون أن يغير ملابسه ، وألقى برأسه بين يديه المتشابكتين خلفها ، وأخذ ينظر لأعلى وهو يتنهد بحزن وأسى ، فشرد بذهنه وهويقول لنفسه " فعلاً الرئيس السيسى عنده حق ، 6 مليون موظف فى مصر لا يعمل منهم إلا مليون فقط "

 

وبدأ يلعن الوظيفة واليوم الذى اكتوى فيه بنارها ، ويقول لنفسه ، من الذى جاء بى إلى هذا الهم ، وأين كان عقلى عندما وافقت أن اربط مصيرى ومستقبلى بهذا الوهم الكبير  ، الذى جعلنى أعيش بين تلك الأوضاع المقلوبة التى يحيط بها  الانحطاط الأخلاقى وضياع المبادئ والقيم ، عالم النفاق والرياء وحب الأنا والعظمة الكدابة ، واللعب على كافة الحبال ، وارتداء الأقنعة المتعددة ، صراعات ، ضرب من تحت الحزام ، نميمة ، فتنة ، كذب ، لقد اجتمعت كل الأخلاق الذميمة المشينة تحت سقف مكان واحد ، اللهم رحماك.

 

وإذا هو غارق فى لعن الوظيفة وسنينها ،  انتشله من الغرق صوت جرس الباب ، فنهض من مكانه ليفتح الباب فوجد أمامه صديقه محروس البقال ، الذى بادره ، أوعى تكون اتغديت يا فاهم ، أنا عارف أنك لسه راجع من شغلك دلوقتى ، أما أنا جايبلك شوية تقطاطيع يا ابنى  تاكل صوابعك وراها ، هات العيش وتعالى بقه عشان نتغدى مع بعض ، وأوعى تنسى المخلل ، وهات مية معاك ، ويا اريت لو عندك حتتين خيار ولا طمطماية يبقه تمام ، كل هذا وفاهم لم يسمع كلمه واحدة من كلام صديقه محروس وعاد ليجلس مكانه ، دون حتى أن يرد بكلمة واحدة على محروس.

 

فشعر محروس أن هناك شئ ما ، وأن صديقه فاهم ليس على ما يرام ، فوضع لفة التقاطيع على التربيزة ، وجلس أمام فاهم ، وبدأ يستفسر منه عن سبب حزنه هذا ، مالك يا فاهم فى أيه ، أنت شكلك عندك مشكلة كبيرة ، أنت اتخانقت مع حد فى الشغل ولا أيه ، لا أبداً يا محروس ولا خناقة ولا حاجة ، بس أنا بصراحة اتخنقت من اللى بشوفه فى المخروبة اللى أنا شغال فيها دى ، ده مش شغل يا محروس دى غابة كله بياكل فى بعضه ، ولا عاملين حساب أنهم زمايل وبيقضوا مع بعض وقت أكتر من اللى بيقضوه بين أهاليهم ، حاجة تقرف ، مفيش دين ولا أخلاق ولا قيم يا أخى.

 


وبدا محروس يشعر أن صديقه فاهم بالفعل وصل لمرحلة خطيرة ، فأخذ يهدأ من غضبه ، ويحاول أن يخفف عنه ، ما أنت عارف يا فاهم أن احنا فى زمن غريب ، زمن ضاعت فيه الأخلاق ، فين زمان وأيام زمان ، فقاطعه فاهم بنبرة صوت عالية ، بس مش كده يا أخى ، المفروض الزملاء فى عمل واحد يسود بينهم الحب والمودة ويكونوا مكملين لبعض ، يخففون آلام بعض ، يكونوا سند لبعض ، يحبون الخير لبعض ، لكن للأسف العكس هو اللى بيحصل كله متربص لكله ،  كله عايز يوصل على حساب زمايله.

 


خد عندك يا سيدى ، بعضهم تلقيه كل همه أنه يخطط ويفنن عشان يوقع زميله فى الغلط ، ويجرى على الريس عشان يفضحه ، وده كله عشان أيه عشان طمعان فى رضى الريس والمزايا اللى هيخدها منه ، وواحد تانى تلقيه معاك نعامه ، حمل وديع ، وياخد منك الكلمتين من هنا وجرى برضو على الريس وهاتك يا رغى ، والعيب مش عنده بس يا محروس ، العيب على اللى بيسمعه وفاتح ودانه لده ولده ، وتلاقى واحد تانى قدامك يقول فيك أشعار وأول ما تديله ظهرك ، يلعن سلسفيل أبوك.

 

لأ ومش كده وبس ، في ناس تحسسك أن المكان اللى بتديره ملكهم ممنوع حد يقرب منه ، ويتصرفون بعنجهية مع زملائهم ، كل  حاجة فى  المكان بتاعتهم المكاتب والكراسى والشبابيك ، حتى المكان نفسه وكأنها الأبعدية اللى سبتهالوا مامى ، والود وده يطرد كل الموظفين زملائه من المكان عشان يبرطع فيها براحتو ،  أنا مش عارف يا محروس ، هى الناس اللى زى دى مغيبه ، هم مش عارفين أن كل حاجة فى المؤسسة دى ملك للدولة ، ولا سلطان لأحد عليها مهما كان اسمه ومنصبه ، النهاردة هو موجود وبكره غيره هيبقه مكانه ، أظاهر مرض التملك والعبط والهبل أصاب عقولهم الفارغة.

 

بص يا محروس معلش أنا تعبان شوية ، هأخش أريح جوه وبالليل نكمل كلامنا ، فعلا أنا محتاج أفضفض مع حد عن كل حاجة فى المؤسسة دى ،  يمكن ارتاح  يا أخى من الهم ده ، وقبل دخوله لغرفة النوم ، حاول محروس ايقافه ،  طيب يا فاهم مش تاكل لقمة الأول ، فلم يجد إجابة من صديقه ، فنهض من مكانه ليعود للدكان وهو يقول لفاهم بصوت عالى ، هبقه أعدى عليك بالليل عشان نكمل كلامنا ، وانطلق محروس وهو على السلم تذكر ما قاله صديقه فاهم، فقال وهو سعيد " ربنا يخللنا البقالة "   

   

عن الكاتب

عيون الخريف

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

عيون الخريف