google-site-verification: google954c7d63ad8cb616.html
عيون الخريف عيون الخريف
recent

أخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

" دموع على وسادة عاشق " 2

 

 

" دموع على وسادة عاشق " 2



بقلم - محمد مقلد



وبعد أن نجحت فى تهدئة سامر وإخراجه من حالة البكاء والحزن التى سيطرت عليه ، بدأت أحدثه بصراحتى المعهودة معهم ، على فكرة أنا عارف كل اللى أنت بتعانى منه ، حبك الكبير لرحاب باين عليك ، بس عايز أقولك حاجة يا سامر ، اللى بيحبك بجد بيحبك زى ما أنت ، بشخصيتك ، بأخلاقك ، بطباعك ، بسلوكك ، بمظهرك ، بكل ظروفك الاجتماعية والمادية ، وأنت غلط لما حاولت تجمل صورتك قدامها ، وده مش صح خالص ، عموماً حاول تكلمها ، من حقها عليك أنها تعرف أن فى شخص بيحبها كل هذا الحب ، بس لازم تكون صريح معاها لأقصى درجة.


ففوجئت به ينتفض من مكانه ويصرخ فى وجهى " أنا مستحيل أقولها ، أخاف تزعل وأخسرها للأبد ، أنت متعرفش حاجة يا محمد ، أنا بتنفس بحبها ، بشوفها فى كل الوجوه اللى بتقابلنى ، مبسمعش غير صوتها ، ومبحسش بوجود حد فى الدنيا كلها غيرها ، أنا مش عارف أيه اللى بيحصلى ده ، بجد مش عارف.

 

وعاد سامر للانتظام فى دراسته ، وبدت المواقف والأحداث تتوالى ، وحبه لرحاب يتنامى يومياً داخل قلبه ، وكأنه وردة جميلة يرويها بدموع عشقه لها ، مواقف وأحداث متتابعة جعلتنى بالفعل أتأكد بأننى أمام الحب بمعناه الحقيقى ، لا يختلف عن أساطير العشق القديمة التى يتصدرها قيس بن الملوح فى حبه لليلى.

 

وفى أحد الأيام كنت مع سامر على ضفاف النيل ، ففتح قلبه لى وتحدث عن كم العذاب الذى يعانيه يومياً ، وإهماله لدراسته بصورة تهدد مستقبله ، وأنه وصل لمرحلة خطيرة فى حياته ، وكل ذلك ورحاب لا تعلم بأن هناك من يتألم ويذوب عشقاً فيها ، وكشف عن بعض المواقف التى تقابله يومياً بسبب هذا الحب ، أقساها عليه نومه كل يوم بعد صراع رهيب بين قلبه وعقله ينتهى به لدموع حارقة تغرق وسادته.

 

بصراحة شديدة ما عرفته من مواقف وأحداث مؤلمة وقاسية بشكل غير طبيعى ، دفعنى لأسأل نفسى ، ما هذا الذى يحدث ؟ مستحيل يكون حب مراهقة لقد تعدى هذا الحب ظروف سن المراهقة والحياة بأكملها ، ووصل إلى عالم مختلف تماماً عن العالم الذى نعيش فيه ، ومن يومها أيقنت أن صديقى سامر فى خطر ومستقبله على حافة الانهيار ، فقررت أن أضع حداً  لتلك المأساة لإنقاذه من الضياع ، فتحدثت بشكل مباشر مع رحاب فكانت المفاجئة ، أن نار حبه لها حاولت اختراق قلبها لولا أن هناك من يسكن بداخله ويدافع عنه ، أنه ابن عمها الطالب بالفرقة الأخيرة بإحدى الكليات العسكرية.

 

فقررت كتم هذا الأمر عن سامر ، وطلبت منه أن يلتفت لدراسته ، وبعدها تتغير الأمور ولكل حدثاً حديث وقتها ، واستمرت الحياة الجامعية بيننا ، وانتشر الحب بين معظم أفراد الشلة ، من بينها قصص عرفت مؤخراً أنها كللت بالزواج ، وفى أحد الأعوام الدراسية ، جاءت رحاب فى قمة السعادة ، وهى تدعونا لحضور حفل خطبتها على ابن عمها ، إلى هنا ولن استطع أن أصف لكم ما هو رد فعل سامر والأيام التى تلت تلك الدعوة ، فقد حاولت أن أبحث فى جميع معاجم اللغة عن الكلمات التى تعبر عما حدث حرفياً فلم أجد وعليكم أن تتخيلوا أنتم ماذا حدث.

 

عموماً توالت الأحداث وانتهت الحياة الجامعية بحلوها ومرها ، وافترقنا جميعاً كل واحد فينا فى طريق يختلف عن الآخر ، وبعد مرور 30 عاماً ، صادفت أحد زملاء الشلة الجامعية على " الفيس بوك " وعرفت منه أن سامر أصبح من أشهر أطباء الأسنان فى مدينته ، ويحاضر فى الجامعة بعد أن نجح فى الحصول على الدكتوراه ، وتزوج ولديه طفلان

 

 وفى أحد الأيام استغليت تواجدى بمدينته وتوجهت للعيادة الخاصة به وسط المدينة ، فتأكدت بالفعل أنه من أشهر أطباء الأسنان فى المدينة ، وبمجرد أن دخلت عليه غرفة الكشف ، أصابتنى الدهشة فقد تغيرت ملامحه كثيراً وأصبحت أكثر حده ، وبصوت مختلف عن صوته أثناء الدراسة " أتفضل حضرتك ، خير أيه الموضوع الخاص اللى عاوزنى فيه " فقلت له " طبعاً ما هو 30 سنه مش شوية ، أرجع يا سامر كده لأيام الجامعة وأنت تعرف ، " فأسرع نحوى وهو يحتضنى مين ، أبو حسن ، فكان لقاء حميم بما تحمله هذه الكلمة من معنى ، وعلى الفور ألغى كل ارتباطاته ، واصطحبنى معه للجلوس فى أحد الأماكن الهادئة ، وبدأنا نسترجع شريط ذكريات الجامعة ، وتطرقنا للحديث عن حبه لرحاب.

 

وفاجئنى بأنه التقى بها بعد 25 عاماً انقطعت فيها أخبارها تماماً بعد أن تزوجت وسافرت لإحدى المحافظات مع زوجها ، وبرومنسيته المعهودة ، أخبرنى أنه فى يوم لقاءه بها كان قلبه يخفق بقوة وكأنه يرسل إشارة له بأن حبيبة عمره قريبة منه ، ومع لقاء عينيه بعينيها بعد كل هذه السنوات ، كاد أن يسقط على الأرض فقدماه لا تتحمل هول تلك المفاجئة السارة لقلبه وكيانه وكل حواسه ، وبعد السلام والترحاب بينهما ، عرف منها أن زوجها توفى وأنجبت منه طفلة ، وعادت لتعيش بين أهلها ، وأكد لى أنها حاولت التقرب منه ولكنه كان يغلق الطريق عليها ويبتعد قدر الإمكان ، ليس لأنه يخشى أن يزداد تعلق قلبه بها ، فحبه لها ما زال يحتل المكانة الأولى داخل قلبه رغم ابتعاده عنها ، وعندما سألته عن سبب هذا الجفاء ، ولماذا لا يستغل الظروف ليقدم لقلبه أجمل هدية ظل طوال دقاته يحلم بها.

 

ففوجئت به يرد على بكلمات ما زالت محفورة بداخلى حتى الآن

 

" لا أريد أن ألوث هذا الحب الكبير الذى نشأ أخرس واحتضنته بين جدران قلبى طوال هذه السنوات ، فيكفى أننى أحبها وما وزال قلبى ينبض بحبها ، وأصبح لا يهمنى شعورها نحوى ، فقد تعودت على ذلك ، فحبى لها ازداد فى قلبى بابتعادي عنها ، يا محمد أنا لو تزوجتها الآن سيكون حبى لها هو السبب فى كسر قلب زوجتى وينال من أبنائي ، وأنا لا يمكن أبداً أن  أضع حبى لرحاب فى موضع اتهام تحت أى ظرف.

وهكذا أحب سامر فى صمت ، وكبر حبه داخل قلبه فى صمت ، وما زال حبه حتى الآن يصيبه الصمت ، لقد ترجم سامر المعنى الحقيقى للحب الذى من الصعب أن تجده بيننا هذه الأيام.     

    

   

عن الكاتب

عيون الخريف

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

عيون الخريف