بقلم - محمد مقلد
" دكتورة .. الحياة بنعيشها مرة واحدة ، حرام نضيعها فى الحزن على اللى راح " جملة حوارية قالها النجم عادل إمام للفنانة يسرا قبل نهاية فيلمهما الشهير " الانسان يعيش مرة واحدة " ، يحتاج لفهمها وتطبيق ما تحمله من معنى ، السواد الأعظم من الناس ، فى ظل حالة الإحباط والاكتئاب العام والاضطراب النفسى التى أصابت الجميع ، ودفعتهم لاختيار الجانب المظلم من الحياة.
وتختلف المقدمات التى تقود لتلك الحالة القاسية ، فالبعض
يفقد عزيز عليه ويرى الدنيا من حوله مظلمة وكأنها تحولت لقبر لا يختلف عن القبر
الذى يضم جثمان من افتقد ، وتظل الستارة السوداء تحجب عنه الدنيا ومن عليها ، لا
يشعر بوجوده ، أنفاسه توقفت وحواسه تجمدت وشعوره تلبد ، فيرسم بيدية خط النهاية لحياته وكأن روحه رافقت
من افتقده دون رجعة ، ويظل داخل العربة المظلمة بقطار العمر حتى يصل لمحطة نزوله
وقد أفنى حياته فى الحزن وقسوة الألم.
وهناك من أحكمت الظروف الاقتصادية الصعبة قبضتها عليهم ،
وزجت بهم لسجن الديون بما يحمله من
مطاردات بشرية ونفسية جعلتهم يعيشون فى دوامة تعكر عليهم صفو حياتهم ، فيحاولوا
التخفيف من آلامهم وأحزانهم بنغمات شعبية عن ظلم الدنيا وغدر الزمان
ومن الطبيعى أن الشباب والفتيات هم أكثر فصيل مجتمعى سقط
فى غياهب جانب الحياة المظلم ، أسرى المراهقة والمشاعر والأحاسيس المرهفة ،
لاعتناقهم عقيدة أن الحب هو الحياة نفسها ، واختفاءه من حياتهم بمثابة خروج الروح
من الجسد ، فهؤلاء تتحكم فيهم مشاعر نفسية معقدة بحكم المرحلة التى وصلوا إليها ، فيشعرون بالتشتت بمجرد
الوصول لتلك المحطة العمرية ، ولا يجدون طريقاً للتخلص من تلك الحالة إلا بالحب
الذى سيطر عليهم سيطرة كاملة ، ويعتقدون أن الحياة خلقت للحب ، و الحب خلق من أجل
الحياة ، لذلك تكون الصدمة أشد وطأة علي نفوسهم ، فيسقطون فى فخ " وصل العمر
لمحطة النهاية " فيغلفوا حياتهم بالحزن والألم والاحباط الكامل ، يزيد من
تأثيره النفسى عليهم أغانى الفراق والوداع والخيانة التى يلجئون إليها ، معتقدين
أنها ستخفف عنهم آلامهم وأحزانهم ، ولكنها للأسف تزيد من أوجاع قلوبهم والضغط أكثر
على مشاعرهم.
ولكن هل إغراق أنفسنا فى بحر الآلام والأحزان وأمواج
الاحباط والكبت ، هو الحل لما نتعرض له من أزمات فى حياتنا سواء اقتصادية أو
اجتماعية أو حتى عاطفية ، سؤال وجيه لابد أن نسأله لأنفسنا ، ولكن قبل أن نجيب
عليه ، علينا أن نختار العقل ليكون وسيلتنا الوحيدة للإجابة بعيداً عن العواطف
والمشاعر والضغوط المتنوعة ، فإذا تركنا أنفسنا فريسة بين فكى تلك الحالة ،
وأفنينا عمرنا نبكى على أيام انقضت ، سنقدم بأيدينا أيامنا القادمة لقمة سائغة
يلتهمها الحزن والاكتئاب.
ونستيقظ على كابوس سنوات جديدة ضاعت من عمرنا دون أن
ندرى ، فيجب علينا أن نتذكر ونضع نصب أعيننا عنوان الفيلم الذى استهليت به مقالى
هذا " الانسان يعيش مرة واحدة " ، فإذا قرأت بعقلك قبل قلبك هذا العنوان
بعناية شديدة ، ستطرح كل آلامك وأحزانك جانباً ، وتفتح الباب أمام التفاؤل لتعيد
ترتيب أوراقك ونظرتك لمستقبل أيامك
وصدق الكاتب الساخر شريف عرفة عندما قال فى كتابه "
لماذا كل من حولك أغبياء ؟ " ، ( نحن
نعيش فى هذه الدنيا حياة واحدة فقط ، فدعنا نجعلها أفضل حياة ممكنة )
x