بقلم – محمد مقلد
جماعة الإخوان الإرهابية منذ نشأتها ، وهى تمثل كابوس
مزعج ومصدر قلق دائم للسلطة فى مصر ، فهى جماعة تعمل مثل الخفافيش فى الظلام ، لتحقيق هدفها الأسمى بالوصول لسدة الحكم
والسيطرة على مفاصل الدولة ، ولم تتوان فى سبيل ذلك لاستخدام كل أنواع التآمر مع
الغرب ، واللجوء للعنف وسفك الدماء ، وتشويه صورة مؤسسات الدولة ، رافعة شعارها
المحبب " أنا من بعدى الطوفان "
وإذا حاولنا النظر للفترات التى نشطت فيها تلك الجماعة
المشؤمة بصورة كبيرة ، سنلاحظ أنها طفت على سطح الأحداث بعد ثورتى 23 يوليو عام 52
، وثورة يناير عام 2011 ، فقد لجأت لنفس الأسلوب خلال الثورتين ، أسلوب القفز على
أكتاف الثورة واغتصاب مكتسباتها لنفسها ، ومن هنا كان الرئيسين الراحل جمال عبد
الناصر وعبد الفتاح السيسى ، على رأس الحكام المصريين الذين عانوا من أطماع تلك
الجماعة ، فأوجه الشبه واضحه فى تعامل
الجماعة الإرهابية خلال الفترتين وإن كان الاختلاف بسيط بينهما.
ففى عهد عبد الناصر حاولت الجماعة القفز على ظهر الثورة
وتحقيق أهدافها ، بعدما عقدوا عدة اجتماعات مع عبد الناصر ، طالبوا من خلالها
تحويل مصر لدولة تطبق الشريعة الإسلامية ، وهى أولى الخطوات التى استغلوها من أجل
استعطاف الشعب المصرى المتدين بطبعه لتحين الفرصة للقفز على كرسى السلطة ، ولكن
عبد الناصر كان يعلم جيداً مقصدهم فرفض طلبهم ، لأنه فى النهاية كان يميل للقومية
الاشتراكية ، عموماً بعد هذا الرفض أعلنت الجماعة الإرهابية انطلاق المواجهة
المسلحة مع ناصر والسلطة بأكملها ، فدبروا لمحاولة اغتياله عام 1954 أثناء خطابه
الشهير بمنشية الإسكندرية ووجهوا له 8 رصاصات طائشة لم تصب هدفهم الشيطانى ، فقرر
عبد الناصر حل الجماعة والقبض على قادتها.
وبعد عام واحد عاد ناصر ليتسامح معهم ، ولكنه فوجئ
بمخططهم التدميرى عام 1956 عندما خططوا لتدمير الكبارى ومحطات الكهرباء والمياه
والقناطر الخيرية لإغراق محافظات الدلتا بالكامل ، فألقى ناصر القبض على زعماء
المخطط وعدد كبير جداً من عناصر الجماعة المسلحين ، وحكم على 6 منهم بالإعدام
شنقاً على رأسهم سيد قطب ، وعقب ثورة يناير 2011 تمكنت الجماعة الإرهابية من
اختطاف الثورة بشكل فج ، وامتطوا جواد السلطة ، الذى كشف عن وجههم القبيح أمام
الشعب المصرى ، فقرر التخلص منهم واسقاط حكمهم فى ثورة 30 يونية ، و تدخلت القوات
المسلحة فى الوقت المناسب ، وأطاحت بحكم الجماعة بناء على رغبة الشعب ، الذى خرج بالملايين فى كل ميادين المحافظات
يطالب بالتخلص من هذا السرطان الذى استشرى فى جسد مصر وكاد يفتك بها.
وكما نعلم جميعاً أنه عقب ازاحة الجماعة من السلطة ،
بدأت بأفكارها الشيطانية ، مسلسل الانتقام من الشعب المصرى ، وهى الفترة التى عانى
منها الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى اختاره الشعب ليكمل المشوار ، فانتشرت
الاغتيالات وأعمال العنف فى جميع المحافظات ، على رأسها اغتيال المستشار هشام
بركات النائب العام ، وأشعلوا النيران فى
الأخضر واليابس ، والقوات المسلحة والأمن المصرى يواجهان تلك الأعمال التدميرية
بكل حسم ، ويدفعون ثمن بقاء هذا الوطن من أرواح أبنائهم الذين سقطوا شهداء ، وتعرضت سيناء
لمسلسل من الإرهاب لم تتعرض له من قبل ، وظلت مصر وقادتها يتصدون لإرهاب الجماعة
أكثر من ثلاث سنوات ، أخذت من جهد ووقت واقتصاد البلد الكثير ، حتى تمكنت مصر حكومة
وشعباً من القضاء على هذا الكابوس المزعج.
وربما يطرح البعض سؤال حول إمكانية عودة تلك الجماعة
الإرهابية للحياة السياسية مرة أخرى ، كما حدث بعد الذى تعرضوا له أيام حكم ناصر ، وهذا أمر
مردود عليه بأن الجماعة فى عهد جمال عبد الناصر كانت تلعب على وتر الدين ، فكسبت
تعاطف الشعب ، أما فى عهد السيسى فثوب الرياء كشف عما تحته من أهداف تلك الجماعة ،
وأن الدين بالنسبة لهم ما هو إلا سلم يستخدمونه للوصول للسلطة ، لذلك انكشفوا أمام
الشعب نفسه قبل أن ينكشفوا أمام رجال السلطة ، وأصبحوا ملفوظين من المصريين أنفسهم
، وقضية عودتهم للساحة مرة أخرى أعتقد أنها مستحيلة وغير واردة بالمرة
وللحديث بقية إذا كان فى العمر بقية