فرضت حركة حماس شروطها على الحكومة الإسرائيلية ومن وراءها الولايات المتحدة فى صفقة تبادل الأسرى ، والتى اعتبرها مراقبون أمريكان وإسرائيليون بمثابة الفخ الذى نصبته لهما حركة حماس ، فكانت الخسائر بالجملة للرئيس الأمريكى بايدن قبل إسرائيل نفسها الطرف الثانى فى الحرب ضد حماس.
وهذا هو الأمر الذى أكده " جون بولتون " مستشار الأمن القومى
السابق بالولايات المتحدة الأمريكية ، عبر تصريحات صحفية نقلتها صحيفة "
الوشنطن بوست " ، حيث أعلن أن الهدنة التى حصلت عليها حركة حماس لمدة 4 أيام
حتى يتم ادخال المساعدات لقطاع غزة وتبادل الأسرى بين الطرفين ، قرار كارثى من الولايات
المتحدة وإسرائيل عواقبه ستكون وخيمة ، فمن المنتظر سقوط العشرات من القتلى بين
صفوف الجيش الإسرائيلى ، عقب انتهاء الهدنة.
وأوضح بولتون ، أن تلك الهدنة ستمنح حماس الفرصة كاملة لنصب المزيد من
الفخاخ لاصطياد جنود الجيش الإسرائيلى ، وستطعتيهم الفرصة لإعادة تنظيم صفوفهم مرة
أخرى ، ورصد أماكن تمركز الآليات العسكرية وجنود بالجيش الإسرائيلي ، لاسيما حسب
كلامه ، أن من بين شروط الهدنة تنازل الجيش الإسرائيلى عن المراقبة الجوية لسماء
غزة لمدة 6 ساعات ، بدعوى نقل الأسرى المفرج عنهم من سجون حماس ، وكل ذلك اعتبره
بولتون يقوى من شوكة الإرهاب حسب زعمه.
ويرى خبراء عسكريين من داخل إسرائيل نفسها ، أن صفقة تبادل الأسرى ، عار
على دولة إسرائيل ، وهزيمة منكرة لجيشها ، لا تقل عن الهزيمة التى تعرضت لها كل
أجهزة الدولة خلال هجوم كتائب المقاومة الفلسطينية على غلاف غزة فى السابع من
أكتوبر الماضى ، مؤكدين أن الموافقة على تلك الهدنة ، أظهر الجيش الإسرائيلى الذى
طالما تغنوا بقوته بالجيش الضعيف أمام جميع دول العالم ، بعدما أخفقت قيادات الجيش
فى تنفيذ تصريحاتهم العنترية ، بقدرتهم على مطاردة حماس وتحرير الأسرى بالقوة ،
واضطروا فى النهاية إلى أن يرضخوا ويقبلوا بالهدنة وتبادل الأسرى.
وأكد الخبراء ، أن الموافقة على الهدنة منح حركة حماس الشرعية الكاملة أمام
العالم وأخرجها بشكل رسمى من عباءة التنظيم الإرهابى ، ومنح كل حركات المقاومة فى
جنوب لبنان والعراق وسوريا واليمن القوة والشعور بتأثيرهم بالمنطقة ، مما يزيد من
قوة الأذرع الإيرانية ويقوى من شوكتها بمنطقة الشرق الأوسط ، مشيرين إلى أن الهدنة
ستعطى حركة حماس الفرصة لنقل الأسرى الإسرائيليين ولاسيما العسكريين لمكان أكثر
أمناً ، لما يمثله هؤلاء الأسرى من أهمية قصوى لدى حماس ، لاستغلالهم فى الوقت
المناسب ومبادلتهم بكل عناصر المقاومة المعتقلين بالسجون الإسرائيلية.
رصاصة فى صدر بايدن
تعتبر هدنة تبادل الأسرى بمثابة رصاصة فى صدر الرئيس الأمريكى جون بايدن ،
ونقطة سوداء جديدة فى بحر اخفاقاته التى
سقط فيها طوال فترة حكمه ، حيث تؤكد المؤشرات تأثيرها القوى على فرصه فى انتخابات
الرئاسة الأمريكية المقرر لها نوفمبر من العام القادم ، وهى السقطة التى استغلها
ترامب الرئيس السابق للولايات المتحدة والمنافس المحتمل لبايدن فى الانتخابات
المقبلة ، عندما أعلن عبر وكالات الأنباء العالمية ، أن اتفاقية تبادل الأسرى مع
حماس أظهرت مدى ضعف بايدن ، لأن الاتفاقية لا تضم الإفراج عن أى أسير أمريكى ، مما
يؤكد أنه لا احترام ولا تقدير لدولتنا التى فقدت احترامها أمام العالم.
وجاءت تصريحات ترامب الصادمة لبايدن
لتدفع الأخير لتنظيم مؤتمر صحفى ، أعلن من خلاله أن حركة حماس أطلقت أسيرة
أمريكية وهى طفلة صغيرة تبلغ من العمر 4 سنوات ، واعترف بايدن خلال المؤتمر أن
هناك 10 أمريكيين فى سجون حماس من بينهم 3 من مزدوجي الجنسية ، معبراً عن قلقه من
تأخر الإفراج عنهم رغم مطالبته للوسطاء بالصفقة ضرورة الإفراج عنهم.
والمصائب من جراء تلك الصفقة لا تأتى فرادى على رأس بايدن ، بعد قيام حركة
حماس بالإفراج عن أسير روسى ، وذلك بناء عن تدخل مباشر من الرئيس الروسى بوتين لدى
قيادات الحركة ، مما دفع بوتين لتقديم الشكر للحركة على استجابتها السريعة لطلبه ،
فخرجت على الفور الأبواق الإعلامية التابعة للرئيس الأمريكى لتشويه صورة الرئيس
الروسى ، بشن نقد لاذع لروسيا واتهامها بأنها تأوى الإرهاب عقب ثناء الرئيس بوتين
على حركة حماس.