القضية التى انتشرت مؤخراً عبر الإعلام العبرى ، والمتعلقة بقانون إعدام الأسرى الفلسطينيين ، يبدو فى ظاهرها أنها قضية عادية تقوم على العقاب مقابل الجريمة ، إلا أن فى ظاهره العذاب ذاته لكل الشعب الفلسطيني ، ويكفى أن الإعدام فى هذا القانون محدد تنفيذه عن طريق ما يعرف بـ " الكرسي الكهربائي " فهو قانون يمثل كارثة حقيفية تطارد كل فلسطيني ولاسيما المقيمين بالضفة الغربية.
نتنياهو |
مشروع القانون لم يكن وليد الفترة الأخيرة التى تلت هجوم كتائب المقاومة
على المستوطنات الإسرائيلية بغلاف غزة ، ولكنه مشروع تم طرحه من قبل على طاولة
الكنيست الإسرائيلى ، وبالتحديد خلال مارس الماضى ، وقدمته للجنة شؤون الأمن
القومى بالكنيست ، ليمورسون هارمليخ ، عضو حزب الليكود اليمينى المتطرف ، وتم
بالفعل التصديق على القراءة التمهيدية لمشروع القانون من الكنيست ، ولكن حدثت
خلافات حادة بين الأعضاء للتصديق النهائى على القانون بعد القراءات الثلاث التى
تلى القراءة التمهيدية ، مما أدى لتجميد
المشروع وقتها ، وارجاءه لوقت لاحق.
وظل مشروع القانون حبيس الأدراج داخل الكنيست الإسرائيلى ، حتى عاد وبقوة
على مسرح الأحداث بدولة الاحتلال ، مع اندلاع الحرب على غزة وما سبقها من أحداث
متعلقة بهجوم كتائب المقاومة الفلسطينية على المستعمرات الإسرائيلية فى السابع من
أكتوبر الماضى ، وذلك عقب التصريحات التى أدلى بها " ايمتار بن غفير وزير الأمن
القومى الداخلى بحكومة نتنياهو للقناة الـ 12 الإسرائيلية ، وأكد من خلاله ، أن
الكنيست يسابق الزمن لإصدار القانون الخاص بإعدام الأسرى الفلسطينيين فى السجون
الإسرائيلية ، ممن تسببوا عن قصد أو بسبب اللامبالاة والإهمال فى مصرع أى مواطن
إسرائيلى.
وأضاف بن غفير فى تصريحاته ، أن القانون تم التصديق علي القراءة التمهيدية
له فى مارس الماضى ، وأن لجنة الأمن القومى بالكنيست ، والتى يرأسها " تسفيكا
فوغل " ممثل حزب " قوة يهودية " بدأت بالفعل فى اعداد الشكل
النهائى لمشروع القانون لتمرير القراءات الثلاثة المتبقية فى أقرب وقت ممكن عبر
الكنيست ، ليكون هذا القانون حسب تصريحاته قوة رادعة لكل فلسطينى تسول له نفسه
إلحاق أى أذى بالمواطن الإسرائيلى.
الغريب فى هذا القانون ، أن الحكومة الإسرائيلية استحدثت فيه طريقة إعدام
جديدة بحق كل من يتورط فى مصرع أى مواطن إسرائيلى ، حيث استبعد القانون فكرة
الإعدام شنقاً أو رمياً بالرصاص ، واستحدث طريقة جديدة للإعدام تعتمد على تعذيب
المحكوم عليه بالإعدام بهذا القانون ، وذلك عن طريق ما يعرف بـ " الكرسى
الكهربائى " وهو عبارة عن كرسى يتضمن أربع وسائل للتقييد منها اثنين مخصصة
لليدين واثنين للقدمين ، حيث يتم ربط المحكوم عليه بالإعدام من يديه وقدميه ،
وموصل من ناحية اليدين دائرة كهربائية بفولت متوسط لكى يستغرق من ينفذ فيه الإعدام
بتلك الطريقة ما بين 4 إلى 7 دقائق ، حتى يفارق الحياة.
الوجه الآخر للقانون الإسرائيلى
القراءة الدقيقة لمشروع القانون الذى تنتوى إسرائيل إصداره فى أسرع وقت
نظراً لإلحاح قيادات حزب الليكود المتطرف ، يكشف أن الحكومة الإسرائيلية تهدف إلى
تنفيذ مخططات معينة ، يأتى على رأسها تنفيذ الإعدام بتلك الطريقة على عدد من
المقاومين داخل السجون الإسرائيلية من بينهم 3 عناصر تابعة لحركة الجهاد ، وواحد
فقط لسرايا القدس ، بينما العدد المتبقي ينتمى لكتائب القسام ، لذلك ظهر نتنياهو
وحكومته وهى تماطل فى ملف تبادل الأسرى ، وحتى إذا وافقت على هذا الملف سيكون بشكل
جزئى وفى أضيق الحدود ، وبعيداً عن العناصر التى تخطط إسرائيل لإعدامهم بموجب
القانون المزمع إصداره.
ويكشف إصرار الحكومة الإسرائيلية ، للتصديق على هذا القانون ، الرؤية
المستقبلية لدولة الاحتلال تجاه مدينة غزة ، ويؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن
إسرائيل بدأت تخطط من الآن لإقامة مستعمرات يهودية بالقطاع ولا سيما بالشمال ،
وبذلك يكون هذا القانون كالسيف المسلط على رقاب كل الفلسطينيين بالجنوب أو
المقيمين بالقرب من تلك المستوطنات ، فضلاً عن أن القانون سيكون قاسى جداً على
الفلسطينيين بالضفة الغربية.
وفى حقيقة الأمر هذا القانون يعتبر قانون طوارئ فى يد الحكومة الإسرائيلية ،
تستخدمه وقتما شاءت وتحت أى ظروف وملابسات تهيئها هى بنفسها ، نظراً لما يتضمنه
القانون من عبارات مطاطه من الممكن تأويلها حسب الأهواء الإسرائيلية لإعدام أى
مواطن فلسطينى بهذا الكرسى الكهربائى ، فعبارة " إعدام الأسرى الذين تسببوا
بسبب الإهمال واللامبالاة فى مصرع أى إسرائيلى " تضع كل الفلسطينيين تحت رحمة
الإعدام بهذا القانون فى أى وقت وبدون أدلة ومبررات مقنعة.
الحزب اليمينى المتطرف ، يرى أن هذا القانون سيضع كل الفلسطينيين فى حالة
ترقب وخوف دائمين ، ويدفعهم إلى الابتعاد بصورة كبيرة عن أى ظروف أو ملابسات من
شأنها أن تلحق الأذى بالمواطنين الإسرائيليين ، ومع ذلك هناك أعضاء داخل الكنيست
رافضين تمرير هذا القانون بدعوى أنه سيضع الدولة الإسرائيلية فى حالة صراع دائم لن
تنتهى مع الشعب الفلسطينى .
ومن الواضح أن هذا القانون يتماشى بشكل كبير مع الرؤية الأمريكية لمستقبل
قطاع غزة ، والتى بدأت الولايات المتحدة تعلن عنها عبر وسائل الإعلام الغربية ،
تلك الرؤية التى تؤكد عدم احتلال إسرائيل لقطاع غزة مع تطهير غزة من حركة حماس وكتائب المقاومة ،
وهى تصريحات تكشف أن إسرائيل ربما لا تحتل غزة ولكنها ستفرض الحماية عليها وتقوم
بتعيين حكومة موالية لها ، وهذا بالتأكيد لن يمنع إسرائيل من إقامة المستوطنات
بشمال القطاع.
x