النقابات العمالية هى كيانات حرة ، يتم انتخابها من قبل العمال فى أى مؤسسة عمالية ، يكون منوط بها الدفاع عن حقوقهم ، وفقاً للقانون وتوفير المناخ المناسب للعمال داخل المؤسسات والشركات ، ولكنها ضلت طريقها ، وتقلص دورها بصورة كبيرة فى مصر لاسيما عقب ثورة يناير 2011 ، وتحولت إلى كيانات اجتماعية تخصصت فقط فى العزاءات والأفراح وتنظيم الرحلات ، ويرجع السبب فى ذلك ، إلى حركة 6 أبريل ، التى خلطت بين حقوق العمال والسياسة ، مما دفع الدولة لتغيير القانون المنظم للنقابات العمالية
اتحاد نقابات عمال مصر |
بداية ظهور النقابات العمالية
ظهرت النقابات العمالية لأول مرة فى العالم فى دولة بريطانيا ، مع بداية القرن التاسع عشر ، بعدما أطلت
الرأسمالية برأسها وأصبحت تتحكم فى الجانب
الاقتصادي وسوق العمل ، فكان لابد أن تولد كيانات عمالية تدافع عن حقوق العمال فى
مواجهة تعنت الرأسمالية ، وبدأ الاعتراف بالنقابات العمالية لأول مرة فى بريطانيا
، بعد ظهور أول كيان عمالى يدافع عن حقوق العمال ، تحت اسم " جمعية الخياطين
"
وفى الدول العربية بدأت تظهر النقابات العمالية ، مع نهايات القرن التاسع
عشر وأوائل القرن العشرين ، حيث بدأت تلك الكيانات العمالية تطفو على السطح ، عقب
التخلص من الاستعمار ، وتوالت ظهور النقابات فى الدول العربية ، من بينها أول
نقابة عمالية عربية ، وهى " نقابة عمال السجائر " التى ظهرت فى مصر عام
1900 ، عقب اضراب عام من عمال تلك الشركة ، لأكثر من عام للمطالبة بتحسين أجورهم ،
وتقليل ساعات العمل ، وبدأ يخرج للنور أول قانون ينظم أعمال النقابات فى مصر عام
1945 ، ويحمل رقم 85 ، والذى تم تعديله بالقانون 213 لسنة 2017.
القانون ينظم أعمال النقابات العمالية
ووضع قانون النقابات العمالية النظام العام لأعمالها ، ودورها فى المؤسسات
العمالية ، ومن بين تلك الأدوار ، نشر الوعى الثقافى ورفع مستواه بين العمال ، عن طريق الدورات والنشر والإعلام ،
وممارسة الحق فى تنظيم الإضراب السلمى عن العمل وفقاً للضوابط القانونية ، فضلاً
عن إنشاء صناديق زمالة أو إدخار ، وصناديق تمويل الأنشطة الاجتماعية والثقافية ،
ودورها الأكبر يتمثل فى رعاية مصالح العمال والدفاع عن حقوقهم ، وتحسين الحال
الاجتماعية والمادية للعمال ، بجانب دورها المؤثر فى تمثيل العمال خلال المفاوضات
التى تجرى مع صاحب العمل ، أو رئيس المؤسسة ، حول تحسين الأجور وساعات العمل
والترقيات والمكافآت وخلافه.
6 أبريل وتأثيرها على دور النقابات
وعقب ثورة يناير فى مصر ، بدأت تتقلص أدوار النقابات العمالية ، لاسيما
بعدما تم الربط بين القضايا العمالية والسياسة ، والتى تسبب فيها حركة 6 أبريل
الشبابية التى ظهرت فى مصر عام 2008 ، واستغلت الإضراب العام الذى دعت له نقابة
العاملين بشركة الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى ، للمطالبة بتحسين أجورهم ، وخلطت
بين السياسية وحقوق العمال
حيث حولت القضية من قضية عمالية
بحتة ، إلى قضية سياسية تنال من النظام ، وتسئ لرمز الدولة ، ومن يومها وبدأت الدولة تفطن إلى أن خطورة استغلال النقابات العمالية فى القضايا
السياسية ، وما تمثله من خطراً أمنياً على الدولة ومؤسساتها ، فبدأت تتقلص أدوار النقابات العمالية منذ ذلك
الحين ، وتغير قانون النقابات العمالية رقم 85 ، بالقانون 213 لسنة 2017 ، والذى يمنع الإضراب
تحت أى ظرف ، وأصبح دور النقابات قاصر فقط على المناسبات ولاسيما عزاءات العمال ، بالإضافة إلى تنظيم عدد من
الرحلات المحدود كل عام.