google-site-verification: google954c7d63ad8cb616.html
عيون الخريف عيون الخريف
recent

أخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

دموع صلاح الدين

 

دموع صلاح الدين




بقلم - محمد مقلد




جلس وسط عائلته ، يشاهد التلفاز ، ليتابع الدمار من حوله ، ودماء وأشلاء أخوته تتناثر فى كل مكان ، وصوت طائرات العدو الصهيونى ، تدوى فى أذنه ، وهو يترقب بحذر يحتضن زوجته وأبنائه ، خشية عليهم من استهداف منزلهم ، ولم يشفع احتضانه لهم لحمايتهم ، فحدث ما كان يخشاه ، الصاروخ اخترق المنزل ، فأصيب طفله الصغير ، فهرول به لمستشفى المعمدانى ، فقابله الطبيب وطمأنه وانتشل طفله وهو يهدأ من روعه ، " لا تقلق سننقذ حياته بإذن الله " فانطلق لشراء المياه ، وترك نجله بين يدى الرحمن داخل غرفة العمليات.

 

وما أن عاد ، أصابته الصدمة ، ووقف مذهولاً ، فأين هى المستشفى ؟ لقد تحولت لركام ، وها هى أشلاء الطبيب الذى وعده بإنقاذ طفله ، تتناثر هنا وهناك ، وجسد طفله توارى بين الثرى ، فتسمرت قدماه من هول ما يشاهد ، وأخذ يهرول بشكل هستيرى ، لا يعرف أين يذهب ؟ وماذا يفعل ؟ حتى قادته قدماه ليجد نفسه يتوقف أمام قبره ، فأخذ بكاءه يصرخ ، استيقظ يا فارس العرب ، يا ناصر الإسلام والمسلمين ، استيقظ يا من كانت أوروبا كلها ترتعد بمجرد سماع اسمك ، هيا أنهض ، لتشاهد أحفادك وهم يذبحون ، وأطفالك ودمائهم تروى محيط المسجد الأقصى ، المسجد الذى ضحى الآلاف من رجالك لتحريره من أيدى أعداء الله ، وأقسمت من يومها أن يظل هذا المسجد الشريف فى يد العرب ، ما دام على الأرض رجال يؤمنون بالله ورسوله.

 

أتتذكر يوم قيادتك المسلمين ، لتقف فى وجه جيوش أوروبا كلها ، لم تبالى بأعدادهم الغفيرة وأبراجهم المرعبة ، وملوك لهم هيبتهم ، فكان النصر حليفك بعزيمة الرجال وقوة الإيمان ، والتضحية بأقرب الناس إلى قلبك ، ودماء خير جنودك ، لتتمسك بمقدساتنا الدينية ، فأديت الأمانة على أكمل وجه ، بتحرير القدس ، وإعادة المسجد الأقصى لحضن العرب والمسلمين من جديد .

 

استيقظ لترى بنفسك ، المسجد الأقصى وقد دهسوا حرمته بأحذيتهم ، وأهانوا الإسلام والمسلمين ، وذبحوا النساء والأطفال ، حتى اكتفت الأرض من دمائهم ، أتسمع يا فارس العرب ، أرواح شهدائنا وهى تستصرخك " واقدساه " ، " واأقصاه "  ،  وتنتظرك أن تنهض لتلبى النداء ، لتعيد لنا هيبتنا ، وتحرر أقصانا من أيدى هؤلاء الخنازير ، وتثأر لأرواح أطفالنا ونساءنا ، فصرخات الغضب دوت فى سماء العالم كله ولا مجيب ، وأصبح لا ملاذ لنا إلا أنت يا خير من أنجبت البشرية فى عهدك.

 

فأغرقت دموعه جوف القبر ، الذى أهتز من هول ما سمع صاحبه عن أحوال أمته ، فبدا بصوته الرخو ، ليهدأ من روع الرجل ، أهدأ أخى المسلم ، إن نصر ربك لقريب ، أما أنا فقد أديت دورى وانتهى عهدى ، أنا الآن فى دار الحق وأنتم ما زلتم فى دار الباطل ، لقد سلمتكم أمانة فخنتموها ولم تحافظوا عليها ، بتخاذلكم وتفرقكم ، وتناسيتم قوله تعالى " واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا " أنتم أهنتم دينكم وتناسيتم عقيدتكم ، وسمحتم للغرب أن يلعب بعقولكم ، ويليهكم عن إيمانكم وعروبتكم ، فلهثتم وراءه وفقدتكم عروبتكم ونخوتكم ، وتفرغ كل واحد منكم ، للبحث عن مصالحة فقط ، حتى لو كان على حساب أخيه المسلم العربى ، وسارع بعضكم ، ليضع يده فى يد ملطخة بدماء أبنائكم ، يد أصحابها دنسوا مقدساتكم  ، ودهست أحذيتهم القذرة مسجدكم الأقصى.

 

أنتم السبب أخى المسلم ، أنظر إلى حكامكم الذين تركوا أطفالهم ونسائهم تقطع أشلائهم ، وتروى دمائهم رمالكم الطاهرة ، فلم تتحرك ضمائرهم لضعف عقيدتهم ، وصموا آذانهم عن أصوات النساء والأطفال وهى تستصرخهم وتستنجد بعروبتهم وإسلامهم أن ينقذوهم ، المسلم يا أخى لا يخشى فى الحق لومة لائم ، ولم يكن أبداً بهذا الضعف الذى يغضب الله ، فالمؤمن القوى عنده تعالى أفضل من المؤمن الضعيف.

 

للأسف أخى المسلم ما  عرفته عن عصركم ، ضيع جهود أجيال وعقود كان للعرب والمسلمون كلمتهم ، أترى معى هؤلاء الحكام ممن عقدوا اتفاقيات مع عدوكم ، وهم يتمسكون به ، ولم تحرك ضمائرهم مشاهد الإبادة لأطفالكم ونسائكم  ومقدساتكم ، فأى عار لحق بكم وأنا أشاهد تأثر الغريب عنكم وعن ملتكم بما حدث من إبادة لشعب مسلم ، وقطع علاقته مع هذا العدو الغاشم ، وأنتم ما زال بينكم من يتمسك بها ، حتى أصبح شريك فى سفك الدماء التى ارتوت بها أرضكم.

 

لا تحزن أخى المسلم ، ولا تنتظر أن ينصركم الله فى هذا العصر ، الذى تخاذل فيه حكامكم ، عصر ضاعت فيه كل قيم ومبادئ دين الله الحنيف ، وضعفت فيه العقيدة ، وتفككت أمة العرب ، وأبشرك أن نصر الله آت لا محالة ، ولكنه وحده لديه سر المكان والزمان الذى يتحقق معه نصره ، فما عليك إلا الصبر حتى يعود اتحادكم ، وقوة إيمانكم ، وتمسككم بعقيدتكم ، وتذكر قوله تعالى " إن ينصركم الله فلا غالب لكم "

 

وقبل أن أتركك وأعود لعالم الحق ، هذه رسالتى لحكام العرب ، فقل لهم ، أن عدوكم اذا استسلمتم له مرة واحدة ، سيقضى عليكم دولة وراء الأخرى ، اعتصموا بحبله وتعاونوا وتكاتفوا ، فاتحادكم قوة ترهب عدوكم ، مهما كانت الأسلحة التى يمتلكها ، وحذرهم من غضبة الله على أى مسلم يضع يده فى يد عدو الإسلام ، قاتل النفس المسلمة بدماً بارد ، قل لهم أفيقوا من غفلتكم لعل الله يغفر لكم ، وتذكروا قوله تعالى " لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا " صدق الله العظيم.

 

 

 

 

 

عن الكاتب

عيون الخريف

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

عيون الخريف