يوم 7 أكتوبر لعام 2023 ، سيظل كابوس مزعج ، يطارد إسرائيل حكومة وشعباً ، لما تعرضوا له مع بزوغ نهار هذا اليوم ، على يد كتائب القسام واقتحامها للمستعمرات بمنطقة غلاف غزة وبعض المستعمرات بالضفة الغربية ، لذلك أطلق الإعلام الإسرائيلى على هذا اليوم " السبت الأسود " وتصارع الأحداث بشكل كبير عقب هذا الاقتحام ، فكان رد الجيش الإسرائيلى عنيف بشن حرب إبادة للمدنيين بقطاع غزة ، ودخول حزب الله على خط الصراع باستهداف شمال إسرائيل بالقذائف والصواريخ ، وإعلان الجيش الإسرائيلى استعداده لاقتحام غزة برياً ، مما يوحى بأن الأحداث تجرنا إلى الحرب الإقليمية.
السبت الأسود كابوس لإسرائيل |
الإدارة الإسرائيلية بين نارين.
الإدارة الإسرائيلية وضعت نفسها فى موقف صعب للغاية ، فى ظل الضغوط الكبيرة
التى تتعرض لها من شعوب معظم الدول سواء عربية أو أجنبية ، لوقف حرب الإبادة على
قطاع غزة ، وإنهاء تلك المجزرة التى يتعرض لها الشعب الفلسطينى ، وأصبح بنيامين نتنياهو
، رئيس الوزراء الإسرائيلى ، بين مطرقة وقف الحرب وإعلان هزيمته على يد كتائب
المقاومة ، وسندان تحويل المنطقة بالكامل لصراع ملتهب يجرها لحرب إقليمية
شاملة ، تتدخل فيها أطراف عدة ، سواء بدخول المعركة بشكل مباشر ، أو الاكتفاء بدعم
أطراف الصراع بالأسلحة والذخائر.
ويرى خبراء السياسة ، بأن نتنياهو سيكون الخاسر الأكبر ، إذا توقفت الحرب
عند هذا الحد ، وربما يقدم للمحاكمة ، لاسيما فى ظل الضغوط الشعبية التى يتعرض لها
من الإسرائيليين أنفسهم ، لذلك يتوقع المراقبون ، أن الأقرب لتلك الحرب ، استقرار
الجيش الإسرائيلى على اقتحام قطاع غزة برياً ، بدعوى القضاء على رجال المقاومة ،
والتخلص من حركة حماس بشكل نهائى ، كما يصرح مسئولى الكيان الصهيونى.
وفى هذه الحالة ستكون إسرائيل أمام أمرين لا ثالث لهما ، أولهما أن تحقق إسرائيل
فى هدفها ، وتنجح فى اخضاع القطاع بالكامل تحت سيطرتها ، والتخلص من كتائب
المقاومة ، وهذا الأمر مرهون بأن تتخلى الأطراف المساندة للمقاومة عن تلك المساندة ، وتترك المقاومة تحدد مصيرها بنفسها ، أما الأمر الثانى ، فيتعلق بدخول حزب الله
بشكل مباشر فى حرب علنية ضد إسرائيل بمجرد اجتياحها قطاع غزة برياً ، وبالتالى
تدخل كل من المقاومة فى سوريا والعراق لحلبة المعركة ضد إسرائيل ، وتتحول المنطقة
بالكامل لحرب شاملة.
حلف المقاومة وتدخلات الغرب
وبنظرة عامة لهذا الصراع الدائر فى غزة ، يتلاحظ وجود عدة أطراف ، تراقب
الموقف عن كثب ، والكل يتأهب للتعامل مع السيناريو الذى سترسمه الحرب الإسرائيلية
على قطاع غزة ، أهم تلك الأطراف على الإطلاق ، ما يعرف بـ " حلف المقاومة
" والذى يضم المقاومة فى كل الدول العربية ، سواء فى غزة أو لبنان ، وسوريا
والعراق واليمن ، فكل هذه الأطراف يربطها عقيدة واحدة ، عقيدة ترفض التواجد
الصهيونى ، وتعتبره كالسرطان وسط الدول العربية ، وموقفهم واضح فى هذا الشأن ، وبالتالى
الضرر الذى يلحق بأى فصيل من فصائل المقاومة فى أى منطقة ، تأثيره سيكون عليهم
جميعاً ، ويمهد لنهايتهم فصيل وراء الآخر.
ويرى بعض المراقبون ، أن الاجتياح البرى من جانب الجيش الإسرائيلى لقطاع
غزة ، ربما يكون القشة التى تقسم ظهر البعير ، فدولة مثل إيران مثلاً ، لن تسمج
بأى حال من الأحوال ، أن تنجح إسرائيل فى القضاء على المقاومة فى غزة ، والسيطرة
على القطاع ، لأن ذلك يمهد للجيش الإسرائيلى ، اجتياح الجنوب اللبنانى ، للقضاء
على حزب الله ، وبالتالى ، يكون المشروع النووى الإيرانى فى خطر ، ويصبح فى مقدور
إسرائيل استهدافه و تدميره بكل سهولة.
الدمار لحق بقطاع غزة |
وهذا ما يفسر الدعم الكامل من الإدارة الأمريكية والدول الأوربية لإسرائيل
، لأنها تأمل فى أن تنجح إسرائيل فى إنهاء الكابوس الإيرانى بمنطقة الشرق الأوسط ،
وفى المقابل تقف الصين وروسيا مع حليفتهما إيران ، ولن تترك الصين على وجه الخصوص
إيران تسقط مهما كلفها ذلك ، لما تمثله إيران من أهمية قصوى لدى الدولتين بمنطقة
الشرق الأوسط.
ومن هذا المنطلق يرى المراقبون ، أن الاجتياح البرى لقطاع غزة سيدفع حزب
الله لا محالة فى لبنان وسوريا لدخول الحرب ضد إسرائيل ، بدعم من الصين وروسيا ،
وربما تتطور الأمور ونجد تتدخل مباشر من الجيش الإيرانى ، ومن هنا يبدأ التحرك
الأمريكى والأوروبى ، لمساندة إسرائيل ودعمها بأحدث الأسلحة لمواجهة تلك الحرب ،
لأن إسرائيل هى الممثل الشرعى لهم بالمنطقة ، وبالتالى تشتعل المنطقة بحرب شرسة ،
بين إسرائيل ومن يدعمها ، وحلف المقاومة فى الدول العربية ، ومن خلفه إيران والصين
وروسيا ، مما يوحى بحرب طويلة الأمد ، لا يستطع أحد وضع السيناريو الذى تنتهى
إليه ، أو الأطراف التى ممكن أن تنضم إليها وفقاً للمتغيرات التى تتعلق بتلك المعركة
النتائج المتوقعة والخسائر الإسرائيلية
فى حال اتخذ الجانب الإسرائيلى السيناريو الذى يؤدى للحرب الإقليمية ،
فيتوقع الخبراء العسكريين ، أن الخسائر الإسرائيلية ستكون فادحة ، لأنها ببساطة
ستكون حرب طويلة الأمد ، فإسرائيل كجيش نظامى ، سوف يواجهون جيش من الفدائيين
المنتمين لحلف المقاومة ، والجيش
الإسرائيلى يعتمد بصورة كبيرة فى تحقيق النجاحات العسكرية على سلاح الطيران ، والتاريخ
يؤكد أن هذا السلاح من المستحيل أن يحقق أى انتصار على رجال المقاومة فى أى مكان
فى العالم ، واتضح ذلك فى فشل الولايات المتحدة فى أفعانستان على سبيل المثال.
أضف إلى ذلك أن الجيش الإسرائيلى ، فى الحرب البرية ، سوف يواجه صعوبات
كبيرة ، لمواجهة فدائيين يستخدمون الأنفاق والطبيعة الجغرافية والمباغتة ، واستخدام تكتيكات عسكرية سوف ترهق الجيش الإسرائيلى ، ويتوقع أن يتعرض لخسائر فادحة فى
معداته العسكرية وجنوده ، ربما لم يتعرض لها من قبل.
أما الشق الأخطر على إسرائيل ، أن
الاتجاه الواضح من الولايات المتحدة ، عدم الحاق أى مجندين أمريكان للحرب مع الجيش
الإسرائيلى ، والاكتفاء فقط بمد الجيش الإسرائيلى بما يحتاجه من أسلحة وذخائر ،
لاسيما بعدما تعرضت الإدارة الأمريكية من قبل ، لمعارضة شديدة بعد دخولها فى حرب
برية على العراق ، وهناك قرار أمريكى بعدم خوض أى معارك برية بمنطقة الشرق الأوسط لصالح أى طرف مهما كان ، فضلاً عن أن الولايات التحدة تعلم جيداً ، أن مساندة إسرائيل بالجنود وبشكل مباشر ، سوف
يجعلها تفقد جميع حلفائها فى المنطقة ، فضلاً عن تعرض القواعد العسكرية الأمريكية
، للخطر وتصبح معرضه للإستهداف من قبل حلف المقاومة ، وتعرض 50 ألف جندى أمريكى
منتشرين بتلك القواعد للخطر.
وبالتالى فأن هذا التوجه الأمريكى ، سوف يدفع الحكومة الإسرائيلية ، لخوض
المعركة وباعتماد كلى على قوات الجيش الإسرائيلى فقط ، والذى يصل تعداده إلى ما
يقرب من 600 ألف مجند ، يمثلون 10% من الشعب الإسرائيلى ، و30% من الأيدى العاملة
بإسرائيل ، واستمرار أمد الحرب لفترات طويلة من شأنه أن يصيب الحياة الاقتصادية
لإسرائيل بالشلل التام ، ويساهم فى تعرضها لخسائر اقتصادية فادحة ، ويرى معظم
المراقبون ، بأنه فى حال الوصول لمحطة الحرب الإقليمية بالمنطقة ، ستكون محطة
عواقبها وخيمة على الجميع ، ونتائجها غير مضمونة لأى طرف على حساب الآخر.