يبدو أن الصراع على الانتخابات الرئاسية الأمريكية ، المقرر لها نوفمبر من العام القادم ، ستكون أشرس انتخابات تعرفها الولايات المتحدة عبر تاريخها الانتخابي ، في ظل انطلاق المناورات بين المرشحين المحتملين من الآن ، وقبل أكثر من عام على موعد الانتخابات.
مناظرة بايدن وترامب |
حيث بدت تطفو على السطح ، بعض الأحداث الغريبة المتعلقة بالانتخابات ، من بينها على سبيل المثال ، استعداد عدد من الصحفيين المنتمين للحزب الجمهوري والمنتمين لدونالد ترامب ، بإعداد كتاب صغير يتضمن كل الأخطاء التى وقع فيها الرئيس الحالى بايدن ومرشح الحزب الديمقراطى في الانتخابات المقبلة ، وأطلق عدد من خبراء السياسة الأمريكية علي هذا الكتاب " كتاب ترامب " وهو حدث لم يقع من قبل ضد أى مرشح لرئاسة الولايات المتحدة ، وسيكون فريد من نوعه فى تاريخ الانتخابات الرئاسية الأمريكية .
محتوى الكتاب وملف الشرق الأوسط
يصدر
كتاب ترامب حسب المصادر التى أعلنت عنه ، ما بين 300 إلى 500 صفحة ، يتضمن مسيرة
الرئيس الأمريكى بايدن ، منذ توليه
الرئاسة الأمريكية في يناير من عام 2012 ، ويتوقع المراقبون أن يحتوى هذا الكتاب
على كل الخطايا والأخطاء التى وقع فيها الرئيس الأمريكى ، وسيكون على رأسها بالطبع
ادارته لملف الشرق الأوسط وعلاقة الولايات المتحدة الأمريكية بالمنطقة في عهد
بايدن ، حيث يرصد تقليص دور الولايات المتحدة في عهد بايدن على الشرق الأوسط
وانقلاب الأوضاع بشكل كبير لصالح القوى الأخرى المتمثلة في الصين وروسيا ، ومن هنا
كانت محاولات بايدن المستميتة لإنهاء ملف التطبيع الإسرائيلى السعودى بأى شكل.
ويرى
المراقبون ، أن كتاب ترامب سوف يكتفى بذكر الأخطاء التى وقع فيها بايدن خلال فترة حكمه
مع نبذة بسيطة لكل خطأ منها ، لأن الهدف من الكتاب هو توزيعه على الشعب الأمريكى
قبيل الانتخابات الرئاسية ، للحد من شعبية بايدن ، وتوجيه ضربة قاسمة للحزب الديمقراطي
، وهذا ما يفسر وقوف الرئيس الأسبق أوباما في صف بايدن ومساعدته لعبور تلك الفترة
، حتى يحتفظ الحزب بمقعد الرئاسة ، واتهم بعض المحللين السياسيين في أمريكا ،
الرئيس السابق ترامب والمرشح المحتمل لمنافسة بايدن خلال الانتخابات المقبلة ،
بأنه وراء اصدار مثل هذا الكتاب ، لأنه يعتبر بايدن شخص فارغ ولا يمتلك أى مقومات
للرئاسة ، واتضح ذلك خلال المناظرة التى حدثت بينهما قبل الانتخابات السابقة.
ويرى
المراقبون ، أن المملكة العربية السعودية ومصر من الدول التى أثرت بصورة كبيرة على
شعبية بايدن بالولايات المتحدة ، وأن الكتاب سوف يتطرق لتلك النقطة ،وخاصةً فيما
يتعلق بنجاح السعودية في التقارب مع إيران بعد 7 سنوات عجاف ويتم ذلك تحت قيادة
الصين ، والتقارب ما بين السعودية والحوثيين في اليمن بمباركة روسية صينية ،
وبموافقة من إيران ، بجانب فشل ملف التطبيع ما بين ليبيا وإسرائيل ، ووضع الادارة
الأمريكية في موقف محرج ، عقب تسريب لقاء وزيرى الخارجية للبلدين والذى عقد في
روما تمهيداً للتطبيع وبتدبير أمريكى , هذا بجانب رفض الرئيس عبد الفتاح السيسى
رئيس مصر ، بأن يكون تحت الوصايا الأمريكية ، وقيامه بتسليح جيشه بأحدث الأسلحة في
عهد بايدن ، الأمر الذى أقلق الجانب الصهيونى من تلك التطورات العسكرية الرهيبة.
ويتوقع
المراقبون ، أن يتضمن الكتاب أيضاً ، الملف السورى ، وتقليص دور الولايات المتحدة
في سوريا وسيطرة الدب الروسى على الأوضاع بشكل كبير في سوريا وفرض هيمنته على تلك
المنطقة ، بعد انسحاب معظم القوات الأمريكية ، التى تواجدت في المنطقة بدعوى
محاربة الإرهاب ، سواء في روسيا أو العراق ، ومن البديهى والمنطقى ، أن يحتوى
الكتاب على الملف الأفريقى ، ولاسيما منطقة الساحل بغرب أفريقيا ، وضياع الهيمنة
الأمريكية الفرنسية على عدد من الدول هناك ، عقب الانقلابات العسكرية بالمنطقة ،
وسيطرة روسيا على الأوضاع وتحالفها مع معظم القوى التى كانت تتحالف من فرنسا
وأمريكا ، ولاسيما مالى وبوركينا فاسو والنيجر.
ترامب صداع فى رأس بايدن
يعتبر
دونالد ترامب ، هو أبرز المرشحين المحتملين للحزب الجمهورى ، لمواجهة الرئيس بايدن
، ويمثل صداع في رأس بايدن ، بسبب السلوك الذى يتبعه ترامب في ادارة معاركه
الانتخابية ، والذى يقوم على تشويه صورة منافسه بأى طريقة ، والعالم كله يتذكر ،
أن ترامب خلال الانتخابات الرئاسية السابقة ، خرج أمام وسائل الاعلام والوكالات
العالمية ، ولقب بايدن بـ " بايدن النعسان " وهو اللقب الذى ظل
يحاصر الرئيس الأمريكى حتى الآن ، كما أن ترامب في مناظراته مع المنافسين يتطرق في
الحديث بصورة تهين المنافسين وتقلل من شأنهم بشكل كبيرة.
ومن
المعروف أن الانتخابات السابقة ، التى فاز
بها بايدن على منافسه الأول ترامب ، شهدت بعض الأحداث والأمور التى توضح شكل
الانتخابات القادمة في حال ترشح ترامب للمنافسه فيها ، فالرئيس بايدن، الذى ينتمى للحزب الديمقراطى،
كان نائبًا للرئيس في فترة رئاسة باراك أوباما من 2009 حتى 2017 ، وقدّم
بايدن نفسه في تلك الانتخابات ، كمرشح يمتلك الخبرة والاستقرار اللازمين لقيادة
البلاد، وركز في حملته على وحدة الأمة الأمريكية والتغلب على التحديات الداخلية
والخارجية ، بينما دونالد ترامب المنتمى
للحزب الجمهوري، كان رئيسًا للولايات
المتحدة من 2017 حتى 2021، و يتميز ترامب بأسلوبه الشديد والمثير للجدل، وقد تمسك
بالشعار "أمريكا أولاً" وتعهد بتنفيذ سياسات تجارية وتقليل الهجرة غير
القانونية وتغيير السياسات الخارجية.
وشهدت
المناظرات بين بايدن وترامب مواجهات حامية، حيث تبادلا الانتقادات والهجمات الكلامية
حول القضايا السياسية المهمة ، وقد تركزت
المناظرات على الاقتصاد، والرعاية الصحية، وتغير المناخ، والعلاقات الخارجية،
والعدالة الاجتماعية ، وقدّم كلا المرشحين حملات انتخابية مكثفة ونشطة، استخدم بايدن شعار "بناء أفضل" وركز
على توحيد البلاد وإصلاح النظام الصحي والتصدي لتغير المناخ. في المقابل، ركز
ترامب على تعزيز الاقتصاد وإحداث تغيير في النظام الهجرة والتصدي للتدخل الخارجي.
وفى
النهاية حقق جو بايدن الفوز بالانتخابات وأصبح الرئيس الـ46 للولايات
المتحدة ، بعدما حصل على أغلبية الأصوات الانتخابية (306 صوتًا) مقابل 232 صوتًا
لترامب ، ولكن على ما يبدو أن الانتخابات المقبلة ستكون صعبة على بايدن ويتوقع
المراقبون ، أن فوزه بمقعد الرئاسة لن يتحقق إلا بصعوبة بالغة.
نظام الانتخابات الأمريكية والعوامل المؤثرة
تُعد
الانتخابات الرئاسية الأمريكية ، من أهم الأحداث السياسية في الولايات المتحدة
وتلقى اهتمامًا كبيرًا داخل البلاد وعلى مستوى العالم ، فكل أربع سنوات، يتوجب على
الناخبين الأمريكيين اختيار رئيس جديد للبلاد.
وتتميز
الولايات المتحدة بنظامها الفريد للانتخابات الرئاسية ، فبجانب اعتماد النسبة
الأكبر من الأصوات الشعبية لتحديد الفائز بالانتخابات، يعتمد النظام الأمريكي على
نظام الأصوات الانتخابية ، حيث يوجد لكل ولاية في البلاد عدد محدد من الأصوات
الانتخابية، وتكون هذه الأصوات مرتبطة بعدد السكان في الولاية. ويحتاج المرشح
الرئاسي للفوز بأغلبية الأصوات الانتخابية (270 صوتًا من أصل 538) ليصبح رئيسًا
للولايات المتحدة.
و
يعتبر الانتماء الحزبي أحد العوامل الرئيسية في اختيار الناخبين للمرشح الرئاسي ، فعادةً ما يتمسك الناخبون بتوجهاتهم السياسية
ويصوتون للمرشح المنتمي للحزب الذي ينتمون إليه ، و يؤثر موقف المرشح من القضايا
السياسية المهمة على قرار الناخبين ، فقد
يتم اختيار المرشح الذي يدعم القضايا التي يهتم بها الناخبون، مثل الاقتصاد،
الرعاية الصحية، الهجرة، التغير المناخي، وغيرها.
كما
يمكن أن تلعب شخصية المرشح ، دورًا مهمًا في اختيار الناخبين ، فالناخبون يتطلعون
إلى قادة يتميزون بقوة الشخصية ، وقادرين على التواصل معهم وممثلين لقيمهم
ومصالحهم ، كما يمكن أن يؤثر أداء المرشح
في مواقع سابقة وخبرته في الحكومة أو المجال العام على قرار الناخبين ، فقد يميل الناخبون إلى اختيار المرشح الذي يمتلك
سجلًا حافلًا وخبرة في التعامل مع القضايا الحكومية والسياسية.
و
تلعب الحملات الانتخابية ووسائل الإعلام ، دورًا مهمًا في تشكيل رأي الناخبين، فمن خلال الحملات الانتخابية، يسعى المرشحون
للتواصل مع الناخبين وإقناعهم بأفكارهم وبرامجهم السياسية، كما يؤثر الإعلام في تقديم المعلومات والتحليلات
حول المرشحين ويمكن أن يؤثر على اتخاذ القرار.
ولكن
في النهاية تعتبر تلك العوامل السالف ذكرها ، ليست عوامل مطلقة ، وقد يختلف تأثيرها من ناخب
لآخر، كما يمكن أن تظهر عوامل أخرى مثل
الظروف الاقتصادية والاجتماعية والحوادث الجارية في البلاد والعالم، والتي قد تؤثر
أيضًا على قرار الناخبين.