ما تعرضت له دولة مالى مؤخراً من حادث إرهابي خسيس ، تسبب فى إزهاق أرواح 64 مواطن ، لا يحتاج إلى عناء لقراءته وتحليل أسبابه ، فمن الواضح للجميع ، وحسب آراء معظم المراقبين للأوضاع والأحداث الأخيرة بمنطقة الساحل الأفريقى وكما كان متوقع ، فإن الولايات المتحدة الأمريكية وحليفاتها فرنسا ، لم يجدا طريقاً لحل أزمتهم بالمنطقة ، وإحراج الدب الروسى ، إلا بترك الأذرع الإرهابية التى تواجدت بالمنطقة ، بتساهل واضح منهما ، لشن عمليات إرهابية كبرى ، لإنقاذ تواجدهما وسيطرتهما على ثروات الساحل الأفريقى.
فقد بدأت الاعيب الولايات المتحدة الأمريكية
وحليفتها فرنسا ، فى الظهور على سطح الأحداث بمنطقة الساحل بغرب أفريقيا ،
الولايات المتحدة والتى أثبتت الوقائع التاريخية ، أنها تستغل تواجد الجماعات
الإرهابية لتحقيق أهدافها ، وإن كانت تحقق ذلك بطريق غير مباشرة ، حتى تخلق
لنفسها تواجد داخل مناطق الإرهاب بدعوى محاربته والتصدى إليه ، وما كان يحدث فى
العراق ما زال عالق بالأذهان ، وتورط الأمريكان الواضح فى تدعيم الجماعات المتطرفة
، فى أكثر من منطقة لتمنح لقواتها الضوء الأخضر للتواجد ، بمناطق انتشار الإرهاب ،
بدعوى التصدى له على خلاف الحقيقة التى تقوم على أهداف محددة تبحث عن تحقيقيها.
وتوقع المراقبون ، عقب انقلاب النيجر ، أن
تنشط الجماعات الإرهابية بشكل كبير ، بدول منطقة الساحل ، بتسهيلات واضحة من الولايات المتحدة التى تواجدت بالمنطقة بهدف
مكافحة هذا الارهاب ، لتكون رسالة من فرنسا وأمريكا لدول الساحل ، بأن الإرهاب سيعود بصورة أقوى فى المناطق التى
تركوها ، لتشتيت قوات الجيوش بتلك الدول ، وخلق حالة من عدم الاستقرار
والانفلات الأمنى ، حيث تراهن أمريكا ، على أن تنقلب الشعوب التى أيدت الانقلابات على
قادتها ، بعد أن كانت تدعمها مع الأيام الأولى لتلك الانقلابات ، وإظهارها فى صورة
الحكومات الضعيفة التى لا تقوى على حماية شعوبها من مجموعة من العناصر الإرهابية.
ومن ناحية أخرى ، تستفيد الولايات المتحدة
من عودة العمليات الإرهابية بشكل شرس بدول الساحل ، فى إحراج الدب الروسى ، بعد أن ارتمت الدول التى
قامت بالانقلاب فى احضانه ، وإظهار روسيا بالدولة التى لا تسطيع حمايتهم من
الجماعات الإرهابية المسلحة ، وتوقع المراقبون للأوضاع فى منطقة الساحل الأفريقى ،
أن الحادث الإرهابى الأليم الذى ألم بدولة مالى مؤخراً ، لن يكون الأخير ، وربما
تطول العمليات الإرهابية خلال الأيام القليلة القادمة النيجر وبوركينا فاسو.
حادثة مالى واستنفار عسكرى ببوركينا والنيجر
منذ ساعات قليلة من تصريحات منسوبة لمسئولين
جزائريين ، تلك الدولة المتواجدة فى أقصى الساحل ، حول وضع الجماعات الإرهابية بغرب القارة الأفريقية
، وتحذيرهم للعالم ، بأن هناك جيوشاً من
عناصر التنظيمات الإرهابية ، بدأت تتمركز بصورة مخيفة بالمنطقة ، مستغلة حالة
الانفلات وعدم الاستقرار الأمنى ، وتأكيد حكومة الجزائر على ضرورة تكثيف الجهود ،
لمكافحة الإرهاب بمنطقة الساحل ، قبل أن تتفاقم الأمور وتخرج عن السيطرة.
وصدقت التوقعات الجزائرية سريعاً ، حيث شنت
تلك الجماعات المسلحة هجمات إرهابية مركزة بدولة مالى ، استهدفت زورق بنهر النيجر
وموقع لقوات الجيش فى منطقة بامبا شمال البلاد ، مما أسفر حسب تصريحات الحكومة
المالية ، عن مصرع 64 مواطن ، من بينهم 49 مدنياً و15 جندياً ، والتى أعلنت على
إثره الحكومة المالية إعلان حالة الحداد بالبلاد لمدة 3 أيام ، نظراً لفجاعة هذا الحادث
الأليم ، وخرجت جماعة " نصرة الاسلام والمسلمين " التابعة لتنظيم
القاعدة ، ببيان أعلنت من خلاله مسئوليتها عن الحادث .
ومن البديهى عقب هذا الهجوم الإرهابى ، أن
يكون هناك عدد من ردود الأفعال على دول المنطقة ، وعلى الفور أعلن إبراهيما تراورى قائد المجلس العسكري ببوركينا فاسو
والقائم بأعمال رئيس البلاد ، استنفار قوات الجيش وإعادة نشرها بصورة أكبر بمنطقة
الحدود ، تحسباً لأى هجمات إرهابية تستهدف بلاده ، عقب حادثة مالى ، وسار على نفس
النهج المجلس العسكرى الانقلابى فى النيجر ، الذى أعلن هو الأخر رفع حالة الطوارئ
والاستنفار الأمنى بالبلاد ، لشعور قيادات الانقلاب ، أنه من المرجح ، استغلال
الجماعات الإرهابية لإحراجهم ، وتمهيد الطريق لهم لشن عمليات ارهابية ، تربك حسابات
قيادات الانقلاب ، وتحرجهم أمام شعبهم ،
ولاسيما عقب إصرارهم على طرد فرنسا من النيجر واتهامهم لها بأنها لم تحرز أى تقدم فى الملف الخاص بالإرهاب
، وكانت سبباً رئيساً فى تكثيف العناصر الإرهابية من تواجدها بالمنطقة ، بدلاً من
القضاء عليها وتطهير المنطقة منهم.
إدانة عالمية وصمت أمريكى
ووسط صمت غريب من الولايات المتحدة وفرنسا ، حول هذا الحادث ، وعدم التعليق عليه من قريب أو بعيد ، أو حتى تقديم واجب العزاء لمالى وإدانة الحادث ، خرجت معظم دول العالم وبعض المنظمات والمؤسسات العالمية ببيانات إدانة للعمل الإرهابى ، الذى تعرضته له دولة مالى
حيث أدانت جمهورية مصر العربية بأشد العبارات فى بيان
صادر عن وزارة الخارجية ، الهجومين الإرهابيين اللذين وقعا في شمال شرقي مالي، مما
أسفر عن وقوع عشرات وأكدت مصر فى بيانها على إدانتها لمثل تلك الأعمال الإرهابية
المشينة ، مطالبةً بضرورة تكاتف المجتمع الدولى من أجل اجتثاث الإرهاب من جذوره
وتجفيف منابع تمويله ، وأعلن البيان دعم مصر لحكومة وشعب جمهورية مالى ولأسر الضحايا
، وتمنياتها بالشفاء العاجل
بينما أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية
الروسى ، ماريا زاخاروفا ، عن تعازى بلادها لهذا الحادث الأليم ، وشددت على أن
روسيا سوف تكثف من دعمها ومساعدتها لدولة مالى للخروج من هذه الأزمة وحتى تحقق
الاستقرار والأمن
وقال بيان الخارجية الجزائرية ، تدين
الجزائر بشدة الهجمات الإرهابية التي استهدفت البلد الشقيق والجار مالي ، معبّرة عن
تعازيها وتضامنها مع مالي في مواجهة هذه المحنة التي فرضتها عليه آفة الإرهاب.
x