google-site-verification: google954c7d63ad8cb616.html
عيون الخريف عيون الخريف
recent

أخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

حوار الشيطان

 

بقلم - محمد مقلد 


استيقظت من نومك على صوت آذان الفجر ، فأخذت تنهض من فراشك استعداداً للصلاة ، فباغتك بالهمس فى أذنيك ، يا عم نام هتصحى تعمل أيه ، صلاه أيه دلوقتى بس ، نام ... نام يا رجل ، والصباح رباح ، أنت تعبان ، ريح جسمك الساعتين دول ، أنت وراك شغل الصبح .


حوار الشيطان يقنع الانسان الصعيف


صراع الحوار صب فى صالحه ، ونجح فى اقناعك بكلامه ، فعدت لتغرق فى نوماً عميقاً ، وكأنك لم تنم منذ فترة طويلة ، وقبل وقت العمل بساعة ، انهيت حمامك وارتديت ملابسك ، وإذا بك تغلق باب منزلك ، فورد بخاطرك أنك نسيت الصلاة ، فنظرت لساعتك  ، أكثر من  نصف ساعة على موعد العمل ، والوقت يسمح بالصلاة ، فهممت بالعودة لأداء الصلاة ، فقفز على رأسك واخترق عقلك ، أنت لسه هتدخل البيت تانى  وتصلى ، أنت كده هتتأخر على شغلك ، يا عم مش مهم صلاة الصبح النهاردة ، الأيام جايه كتير ، وللمرة الثانية ينتصر عليك ويقنعك باستئناف المسير إلى عملك دون أن تصلى.

 

وبينما تجلس فى الميكروباص فى طريقك للعمل ، فوجئت بمن يهز كتفك برفق ، تسبقه كلماته " لو سمحت ، بعد اذن حضرتك ، قول للسوق اتنين معاك من العشرة ، وبمجرد أن توجهت يديك لالتقاط العشر جنيهات ، حاصرك صاحبك بجملة اعتراضية ، أيه ده .. أنت بتعمل أيه ، هو أنت شغال عنده ، هو أنت كمسرى ، ميوصل هو الفلوس للسواق بمعرفته ، وما أن انتهى ، حتى صرخت فى وجه الرجل ، وأنا مالى يا عمنا ، هو أنا كمسرى ، هو أنا شغال عندك ، ده أيه الناس دى ، فبادره الرجل بالاعتذار " خلاص .. خلاص أنا متأسف ".

 

دخلت مكان عملك ، فشاهدت بأم عينك الأتربة تكسوا مكتبك ، فأخذت تخرج المناديل من درج المكتب لتنظيفه ، فارتسمت صورته يضحك ضحكته الخبيثة ، ليكتب لك عبارات بين ثتايا التراب المتناثر ، " يا سلام ، أنت هتنضف المكتب بنفسك ، يعنى الفراش ده بيعمل أيه هنا ، ومنضفوش ليه ، لازم تتصرف معاه عشان متتكرش تانى " وبصوتك العالى ، أنت يا زفت أيه التراب ده ، أنت مستنى مين ينضف القرف ده ، أمال أنت بتعمل أيه هنا بالظبط.

وإذا بالرجل الذى قارب على الستين ، يطأطأ رأسه ، والله أنا كنت لسه هنضفه ، فقاطعته بعنجهيتك ، طب مستنى أيه ، روح هات أى حاجة نضف بيها المكتب ده ، ده أنت قلتك أحسن.

 

التقطت جورنالك لتتصفحه كعادتك اليومية ، فإذا بزملائك يتحدثون فيها بينهم عن أمور تخص العمل ، وتطرقوا للحديث فى حق مديركم ، بينما أنت تائه بين الصفحات ، لا تلتفت لحديثهم ، فجأة صوته الجهورى يطرق طبلة أذنيك ، " أصحى شوية ، وأسمع بيقولوا أيه ، فرصتك جت لحد عندك ، أنت كده هتبقه فرخة بكشك عند المدير ، ولم يمر إلا ساعة واحدة ، حتى صدر القرار بمكافئتك ، وتوقيع الجزاء على زملائك ، وأنت تواسيهم على ما ألم بهم.

توجهت رافعاً الرأس بكل فخر وعزة للخزينة ، لتصرف المكافأة ، وصرت مشغولاً بعد النقود ، فاكتشفت مائة جنيه زائدة عن مبلغ المكافأة ، فشرعت فى العودة سريعاً للخزينة لإعادتها ، فتسمرت قدماك ، وسمعت صوته يهمس برفق " نعم .. أنت هترجع أيه ، ده حقك ، ده رزق جالك من السما ، عايز ترفسه برجلك يا حمار ، حط الفلوس فى جيبك بلاش عبط " فعدت لمكتبك ، بعدما اقتنعت أن المائة جنيه من حقك ، وليس من المنطق إعادتها لموظف الخزينة ، الذى سيتحمل خطأه ، وسيدفع ثمن انعدام ضمير رجل سلم عقله ونفسه لشيطانه.

 

غادرت العمل واتجهت لكافيه وسط البلد ، لتحتسى قهوتك ، قبل العودة للمنزل لتناول الغداء مع زوجتك وأبنائك ، فاخترقت رائحة البرفان فتحتى أنفك ، فأسرعت عينيك لتتحسس مصدره ، فوجدتها إمرأة متوسطة الجمال ، ملابسها تبرز مفاتن جسدها ، تجلس بالقرب منك ، ونظراتها تعبر عن ما بداخلها ، فمر أمامك شريط يذكرك أن لديك بنتين ، وكما تدين تدان ، فوجه صاحبك لكمة قوية ، أسقطت ضميرك مغشياً عليه تحت قدميك ، " صحصح فوق ، أنت بشر ودى فرصة متتعوضش ، وجت لحد عندك ، ألحق نفسك قبل ما تمشى ، قوم كلمها وخلص ، هو فى أحسن من كده ، بلا عندى بنات بلا خيبة.

 

فعدت لمنزلك بعد  أربع ساعات كاملة ، رائحة البرفان تفضحك ، وتكشف تفاصيل فيما قضيت هذا الوقت ، بعدما وقعت فى فخ شيطانك ، فتهربت عيناك من لقاء زوجتك ، وهى تسأل عن سبب تأخرك ، وتبادرك بالعبارة المنزلية المعتادة ، هجهز الأكل ، يكون خلصت حمامك وصليت المغرب ، فصدمتها بردك ،  لأ لأ أنا تعبان هتدخل أنام شوية ، فتوجهت فى صمت لحجرتك ، وألقيت بجسدك المنهك لتغرق فى نوم عميق ، بينما صاحبك يجلس بجوارك يراقبك وأنت نائم ، ويتحسس بيديه شعر رأسك وهو يغنى لك  بصوتاً خافت " نام يا حبيبى نام "

 

 

 

عن الكاتب

عيون الخريف

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

عيون الخريف