الإدارة الأمريكية فى عهد الرئيس بايدن ، من أخطر الإدارات التى مرت فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية ، فهذا الرجل رغم أنه تعرض لهزات عنيفة خلال فترة حكمه ، وتمكن الدب الروسى من فرض هيمنته على الهيمنة الأمريكية فى العديد من المناطق سواء بأفريقيا ، أو الشرق الأوسط ، أو حتى شرق أوروبا ، إلا أن هذا الرجل يستخدم أسلوب الثعالب بخبثها المعروف عنها ، لإدارة الأوضاع فى منطقة الشرق الأوسط مستغلاً فى ذلك عقول مغيبة لا تقرأ المستقبل ، ولا تعرف النوايا الحقيقية للولايات المتحدة ومن ورائها الكيان الصهيونى.
الرئيس السيسى وبايدن |
فقد استغل بايدن تطلعات ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان ، وشعوره بأنه اسبارتكوز العرب وقائد الدول العربية وزعيمها ، ونجح فى التلاعب به وبعقله و اقناعه بأنه لابد أن يكون هو زعيم العرب ، وعليه أن يعمد على تقليص الدور المصرى بالمنطقة لتتحول الزعامة العربية له ولمملكته ، والسر فى ذلك أن الإدارة الأمريكية تعترض على بعض الأعمال التى نفذها الرئيس السيسى ، واعتبرتها بأنها خطايا وقع فيها الرئيس المصرى.
الولايات المتحدة الأمريكية ، تعلم علم اليقين ، أن مصر رغم ما تعانيه من
هزة اقتصادية نتيجة الأحداث العالمية الأخيرة ، عقب انتشار فيروس كورونا والحرب
الروسية على أوكرانيا ، إلا أنها تدرك تماماً أن الرئيس السيسى نفذ بعض الأعمال فى
مصر ستساعدها فى النهوض لتتصدر المشهد فى المستقبل القريب.
والإدارة الأمريكية لديها اليقين
الكامل ، أن السيسى تمكن من تقوية القوات المسلحة ونجح فى عمل طفرة فى التسليح ،
تفرض على الجميع بأن تكون أقوى دولة بالمنطقة ، هذا بجانب بعض المشروعات وعلى
رأسها شق الطرق وتطوير الموانئ وقناة السويس ومشروعات المجال التكنولوجى ، حتى
سبقت مصر العالم كله فى عدة مجالات ترتبط بهذا الشأن ، وهى خطوات تستفيد منها
الدولة المصرية ، ولكن أمريكا وإسرائيل تصنفها على أنها خطايا للسيسى ، فقوة مصر
وتقدمها يرهب الكيان الصهيونى ، ويجعل حكومته تعيش فى قلق دائم ، هذا بخلاف رفض السيسى
التدخل الأمريكى فى الشؤون المصرية.
الثعلب بايدن وخلق الصراعات
الولايات المتحدة الأمريكية ، تحت
قيادة الرئيس بايدن ، تمثل أكبر خطر خلال الفترة الأخيرة على الدول العربية
والإسلامية ، فهذا الرجل الثعلب ، بدأ يلجأ إلى أساليب خبيثة ، لضرب الشرق الأوسط
، وخلق صراعات بين الدول فى المنطقة ، وللحقيقة هناك من يساعده ويقدم له السلاح
الذى يضرب به المنطقة العربية بالكامل ، وتقديمها لقمة سائغة لتكون تحت السيطرة الأمريكية ، التى
تحاول أن تنقذ هيبتها وهيمنتها على منطقة الشرق ، والتى اهتزت وتقلصت خلال السنوات
القليلة الماضية.
بن سلمان |
فمشروع الممر الدولى المزمع انشاءه ، والذى تم الإعلان
عنه خلال قمة العشرين الأخيرة ، فى ظاهره أنه مشروع تجارى ، بينما فى باطنه بركان
سيخلق الصراعات بين دول المنطقة ، وهو ما يخطط له بايدن وإدارته ، فمشروع كهذا مع
استبعاد مصر بموقعها الجغرافى ، والذى كان سيساعد فى ربط الهند شرقاً بأفريقيا أيضاً والتى تعتبر المنجم
الرئيسى للثروات فى المستقبل القريب ، يؤكد أن الإدارة الأمريكية هدفها الرئيسى
ليس تجارى بحت ، ولكن سيخلق الصراعات الكبيرة بين دول المنطقة لاسيما وأن إسرائيل
ضلع رئيسى فى المشروع الخبيث ، وبدت السعودية بتصرفات محمد بن سلمان تضع المنطقة
على فوهة بركان ، ولا يخفى على أحد أنه فى حالة اتمام المشروع ، ستزداد العمليات
الإرهابية ، والتى من المتوقع أن تستهدف الناقلات التجارية ، نظراً لوجود إسرائيل
على رأس المشروع.
وما يفعله العاهل السعودى محمد بن سلمان ، وإلقاء مملكته فى أحضان الكيان الصهيونى
بمباركة أمريكية ، جعل الجميع يترحم على أيام الملك فيصل بن عبد العزيز رحمة الله
عليه ، والذى كان له موقف صارم ضد الغرب والإدارة الأمريكية والكيان الصهيونى ،
فهذا الرجل لديه من الحنكة والخبرة السياسية ، التى وضعت أمامه ، إيمان كامل بأن
أمريكا والغرب ومعهم إسرائيل ، لن ولم يسمحوا بتقدم الدول العربية ، ويعملون
دائماً على تفتيتها وخلق الصراعات فيما بينها .
وتصرفات هذا الرجل وموقفه من إسرائيل كان واضحاً علنياً
أمام العالم ، ومقولته الشهيرة المتعلقة بالقضية الفلسطينية ، ما زالت عالقة بقلب كل مواطن عربى مسلم ، يصون
عروبته ويحافظ على اسلامه ، والتى قال فيها " ماذا ننتظر هل
ننتظر الضمير العالمي ؟ أين هو هذا الضمير؟ إن القدس الشريف يناديكم ويستغيثكم
لتنقذوه من محنته ، ومما أبتلي به ، فماذا يخيفنا هل نخشى الموت؟ وهل هناك موتة
أفضل وأكرم أن يموت الإنسان مجاهداً في سبيل الله؟
ومن سياسة هذا الزعيم و التي اتبعها حول هذه القضية عدم
الاعتراف بإسرائيل، وتوحيد الجهود العربية وترك الخلافات بدلًا من فتح جبهات
جانبية تستنفذ الجهود والأموال والدماء، وإنشاء هيئة تمثل الفلسطينيين ، وإشراك
المسلمين في الدفاع عن القضية ، بل وقرر حظر النفط عن الدول
الغربية والمتعاونة مع إسرائيل وعلي رأسها الولايات المتحدة الامريكية لإجبار
إسرائيل على الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة ، بجانب دوره الذى يعلمه القاصى
والدانى فى حرب أكتوبر.
خطايا الرئيس السيسى وخلق الصراعات
الظروف المحيطة فى العالم كله ، تحتم على المصريين الصبر
، ولا يكونوا معوالاً فى أيدى الأعداء والمتربصين للنيل من مصر وإسقاطها ، فكل
التحركات الأمريكية الصهيونية خلال الفترة الأخيرة ، توحى بأن ما انجزته مصر من
مشروعات خلال الفترة الأخيرة تقلقهم ، وجعلتهم يحاولون عرقلتها ، وإيقاف مسيرة تقدمها ، فماذا
نفسر أن تهتم الصحف الكبرى فى الولايات المتحدة وعلى رأسها " الوشنطن بوست
" بمشكلة مثل مشكلة انقطاع الكهرباء فى مصر وتسليط الضوء عليها ، والايحاء
بتلك الصحف أن مصر تعانى من نضوب فى انتاج الغاز الطبيعى خلال الفترة الأخيرة على
عكس الواقع تماماً ، وتسير على نفس النهج الصحف والمواقع التابعة للكيان الصهيونى.
فمعظم المشروعات
الحيوية التى قام بها الرئيس المصرى خلال الست سنوات الماضية ، تعتبرها الولايات
المتحدة من خطايا السيسى ، لأنها ببساطة تساهم فى أن تسبق مصر معظم الدول فيما هو قادم
بعدة خطوات ، وهذا من شأنه أن ينقل مصر للصفوف الأولى بين الدول المتقدمة ، ويضعها
على قمة الدول العربية ، ويحولها من دولة تعانى اقتصادياً إلى دولة ذات شأن رفيع
فى جميع المجالات ، فالعديد من المشروعات الخاصة بالنقل وربط الطرق والسكك
الحديدية وغيرها ، والتى نفذها الرئيس السيسى ، بدأت عدد من الدول أن تنفذها الآن
وعلى رأسها دول الخليج ، حتى مشروع الممر التجارى الجديد ، يعتمد بشكل كبير على
مثل هذه المشروعات.
ومن هنا نستطيع أن نزيح الستار عن سبب العداء الدفين
تجاه مصر ، ووضع مخطط خبيث بقيادة الثعلب بايدن ، للقضاء على مصر ومنع تقدمها ،
فضلاً عن محاولة إعادة الصراعات مرة أخرى للمنطقة بالكامل ، بعد أن استقرت فى معظم
الدول عقب ثروات الخريف العربى ، أمريكية الصنع ، فبدأ بايدن فى ملف تطبيع عدد من
الدول العربية مع إسرائيل ، لخلق عداء بين تلك الدول وباقى الدول العربية ،
واستبعاد مصر من مشروع الممر التجارى ، لخلق صراعات ما بينها وبين باقى الدول
العربية ولاسيما بمنطقة الخليج ، خاصةً بعد توقف مشروع الجسر المصرى السعودى ، والدليل على أن أمريكا تبحث عن توليد الصراعات
بالمنطقة ، أن طريق الحرير الصينى يضم كل
الدول والتى يصل عددها لأكثر من 120 دولة ، لذلك لا يخلق أى نوع من أنواع الصراعات
بين الدول الواقعة على هذا الخط ، بينما المشروع الأمريكى يخلق الصراعات ، ويكفى
أنه سيؤثر على طريق الحرير ، وسيقضى على مشروع الخط التجارى المزمع إنشاءه بين
تركيا والعراق.
وكان بايدن هو
المخطط الأول للقاء الذى جمع بين وزيرى الخارجية فى ليبيا وإسرائيل فى روما ،
تمهيداً للتطبيع ، وكشف تفاصيل اللقاء لخلق صراع فى دولة ليبيا للاستمرار فى نهب
ثرواتها النفطية ، بعيداً عن التصريحات الأمريكية لتوجيه اللوم لإسرائيل ، فتلك هى
سياسة الثعلب بايدن ، ومن الطبيعى أن الملف النووى الخاص بالسعودية ، والتى تخطط
أمريكا له ، سيعود بالعلاقات السعودية الإيرانية إلى نقطة الصفر ، وربما يعود
الحوثيون فى اليمن لعدائهم القديم للسعودية ، وتعود الصراعات لتضرب المنطقة
العربية بالكامل ، والنتيجة تعيش إسرائيل بمنأى عن الخطر وتظل الدول العربية فى
تناحر ، حتى يقضى الله بأمراً كان مفعولا.
تقرير يكتبه : محمد مقلد