الإخوان والحوثيون يعرقلان أى محاولات لحل الأزمة
ِالوضع
المتردى الذى وصلت إليه دولة اليمن ، والمعاناة الإنسانية التى يواجهها المواطن
اليمنى ، وتردى الأحوال الغذائية والصحية
والتعليمية ، وموت الأطفال من جراء الجوع ، ومصرع المئات لتأخر الحالة الصحية ، هو
نتاج لما أطلقوا عليه ثورات الربيع العربى ، التى أثبتت الأيام ، أنها ثروات
الخريف العربى ، خططت لها الولايات المتحدة وحلفائها ، لتجد لنفسها شرعية التواجد
في الدول العربية التى شهدت انقلابات على الحكم تحت زعم تغيير الأنظمة الحاكمة .
وكم
من دولة عربية ، ودعت الاستقرار بلا رجعة ، عقب تلك الثورات الوهمية ، التى
استخدمت فيها الولايات المتحدة سلاح جماعة الإخوان الإرهابية ، لتكون المحرك
الأساسى لتلك الانقلابات ، واتضح دور الجماعة المحظورة فيها ، بالتأثير على الشعوب بشعارات الدين ، وايهام
الشعوب بضرورة رفع المعاناة والظلم ، وتحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية ، وهى في
حقيقة الأمر وافقت على الاتفاق مع الولايات المتحدة من أجل هدف واحد هو الوصول
للسلطة في الدول التى ستشهد الانقلابات ،
بينما تجنى الولايات المتحدة وحلفائها ، ثمار سقوط الأنظمة بالدول العربية ، في الانقضاض
عليها لنهب ثرواتها ، ولاسيما من بترول ونفط ، ونشر قواعدها العسكرية هنا وهناك .
مشروع " نهب الشرق الأوسط "
الولايات
المتحدة الأمريكية ، كانت تتغنى برؤيتها في إنشاء مشروع تحت مسمى " مشروع
الشرق الأوسط الكبير " بهدف ترسيخ نفوذها بالمنطقة العربية ، إلا أن هذا
المشروع تحول عقب ثورات الخريف العربى إلى مشروع " نهب الشرق الأوسط " ،
فكانت تلك الثورات المدبرة من الولايات المتحدة بمثابة شهادة وفاة لاستقرار عدد من
الدولة العربية ، فها هى " دولة
سوريا ، منذ انطلاق ثورات الخريف العربى ، وهى تعانى ، ويدفع شعبها ، الذى تعرض
للخداع من قبل جماعة الإخوان ، الثمن من فقر وجوع وموت بسبب عدم توفر الغذاء و
الوسائل الصحية والأدوية ، وعدم الشعور بالأمان والاستقرار ، في ظل انتشار الجماعات
الإرهابية ، وتواجد الأمريكان على أرضها بحجة ردع الإرهاب وتخفيف حدة الصراع
المسلح بعد الانقلاب السورى .
وفي
حقيقة الأمر أمريكا تفننت في نهب ثروات الشعب السورى ، ووصلت الأمور إلى تشكيل
تنظيم كردى تحت مسمى " قوات سوريا الديمقراطية " قسد " وزرعته
بمنطقة الشمال الشرقى السورى ، وهى
المنطقة التى تعتبر الأكبر انتاجاً للنفط ،
كما دخلت تركيا تحاول أن تجد لنفسها نصيب في الكعكة السورية ، تحت زعم أنها
تحارب مجموعة كردية ، التى صنفتهم كجماعة إرهابية تهدد المصالح التركية ، ومن
الطبيعى أن تنتشر القواعد العسكرية الأمريكية والروسية والتركية وغيرها ، على
الأراضى السورية ، للاستفادة من موقعها الجغرافى ، و كلها في النهاية قواعد تهدد الأمن العربى كله ، وقضية محاربة الإرهاب ،
ما هى إلا مراوغة لا أساس لها من الصحة على أرض الواقع.
وخرج المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية الصينية ،
ليفضح الولايات المتحدة عبر وسائل الإعلام العالمية ، وأعلن أن القوات الأمريكية
في سوريا ، تنهب 66 ألف برميل من النفط السورى يومياً ، بنسبة تتعدى الـ 80% من
انتاج سوريا للنفط ، ونفس الأمر وقع في ليبيا ، حيث مهدت جماعة الإخوان المحظورة
ومليشياتها للثورة في ليبيا ، طمعاً في الحكم من جهة ، ومن جهة أخرى التخلص من
الرئيس الليبى معمر القذافى ، الذى فضح الإخوان وألاعيبهم في أكثر من موقف ، وأعلن
عدائه الشديد لهم ، وبعد انتهاء الدور الإخوانى بمقتل الزعيم معمر القذافى ، جاء
الدور الأمريكى لنهب النفط الليبى ، والذى يعتبر من أفضل أنواع النفط في العالم ،
واستعانت خلال عام 2012 بفرنسا وإيطاليا ،
للسيطرة على حقول النفط ، على أن تحصل الولايات المتحدة على نصيب الأسد من هذا
النفط ، ووصلت عمليات النهب إلى حد خسارة ليبيا ما يقرب من 800 مليون دولار سنوياً
، من جراء نهب ثرواتها البترولية.
اليمن الخاسر الأكبر من ثورات الخريف العربى
تعتبر
دولة اليمن ، الأكثر تضرراً من ثورات الخريف العربى ، ودفع الشعب اليمنى فاتورة
الطمع الأمريكى ، والتطلعات الإخوانية ، وتكالب قادتها على السلطة ، والدور الذى
لعبته جماعة الإخوان الإرهابية متمثلاً في حزب " التجمع اليمنى الإصلاحى
" في اليمن ، دور خطير للغاية ، لأنه
لم يهدف إلى إسقاط النظام اليمنى فقط ، بل
كانت تخطط بالاتفاق السرى مع إيران على تحويل اليمن ، كمنطقة تصدر القلق والرعب
لدول الخليج العربى واستنزافهم ، ولاسيما السعودية ، وهذا التوتر من شأنه أن يمنح
أمريكا الضوء الأخضر للسيطرة على دول الخليج ، ويساعد ويعضد من موقف إسرائيل في بالمنطقة ، الأبن المدلل للولايات المتحدة ، وظهرت
الأطماع الإخوانية ، في ظل تعيين على محسن الأحمر نائباً للرئيس عبدربه الهادي.
كما
كان للإخوان دور كبير في تعطيل المفاوضات التى يجريها التحالف العربى بقيادة
السعودية ، لحل الأزمة اليمنية ، ووصل بهم الأمر إلى محاولة تعطيل أى مشروعات في
الجنوب اليمنى ، وعرقلة أى مساعى للقضاء على الإرهاب والجماعات المسلحة الموالية
لها ، والغريب أن الإخوان باليمن عقدوا تحالف واضح مع الحوثيين ، وكان لهم دور سرى في الهجمات التى
شنها الحوثيين على عدد من الأهداف الاسترتيجية والاقتصادية بالسعودية والإمارات ،
من بينها استهداف مطار أبوظبى الدولى ، وشركات نفط تابعة للمملكة السعودية ، حيث
ترى الجماعة الإرهابية ، أن هذا التوجه يعد رداً منها على موقف السعودية والإمارات
من ثورة 30 يونية في مصر والإطاحة بحكم الجماعة الإرهابية .
ومن المتوقع ، أن يعرقل هذا التحالف الحوثوى
الإخوانى ، أى مساعى لحل الأزمة اليمنية ، بغض النظر عن التصريحات التى خرجت من
مسئولين حوثيين ، والتى تؤكد أن لقائهم بالوفد العمانى قرب من وجهات النظر ، لمد
فترة الهدنة مع المجلس الانتقالى ، والجلوس على طاولة المفاوضات ، للوصول لحلول
جذرية للأزمة اليمنية ، وهو أمر مستبعد في ظل سيطرة الولايات المتحدة على بعض
المواقع الحيوية شمال اليمن ، بمساعدة الحوثيين والإخوان ، والولايات المتحدة
نفسها يتلاقى هدفها مع هدف جماعة الإخوان ، في استمرار التوتر في اليمن ، واستمرار
الحرب بين طرفى النزاع مما يحقق مصالحهما بالمنطقة .
وهذا
التوجه من الحوثيين والإخوان ، اتضح بصورة جلية بعد مساعدتهما للولايات المتحدة
الأمريكية للسيطرة الكاملة على جزيرة سقطرى ، والتى تحولت إلى ترسانة للقواعد
العسكرية ، لكل من أمريكا وإسرائيل وفرنسا ، بجانب نهب ثروات المنطقة من نفط وثروة
سمكية وخلافه
القضية
اليمنية بالفعل ، قضية معقدة ، في ظل
تواجد فصائل متعددة ، ولدت من رحم ثورات الخريف العربى ، حيث ظهر الحوثيون خلال
عام 2014 ، وسيطروا على العاصمة صنعاء ومعظم محافظات الشمال اليمنى ، ويمتد نفوذهم
حتى الحدود
وتتهم
الحكومة الشرعية بدولة اليمن الحوثيين ، بأنهم يميلون للتصعيد بشكل واضح ،
ويتصرفون بشكل يزيد من حدة الصراع ، لاسيما فيما يخص رواتب الموظفين بشمال البلاد
، وعدم التزامهم بدفع راتبهم لسبع سنوات كاملة ولاسيما طائفة المعلمين ، الأمر
الذى أدى لانهيار التعليم بصنعاء ومحافظات الشمال اليمنى ، بشكل كبير ، وتؤكد
الحكومة اليمنية ، أن رواتب موظفى الشمال ، لا يتعدى المليار دولار خلال العام ، بينما الإيرادات التى تحصل عليها الحركة الحوثية ، تفوق هذا المبلغ بأضعاف مضاعفة
وكشفت
الحكومة اليمنية ، عن مصادر متعددة لإيرادات
الحوثيين ، منها إيراد ميناء الحديدة ، إضافة إلى المساعدات المالية والنفطية التى تحصل
عليها من دولة إيران ، بجانب الضرائب الكبيرة التى تحصلها من جهات عدة ، حتى وصل
إجمالى إيرادات الحركة الحوثية خلال عام " 2022- 2023 " إلى 4 تريليونات و620 مليار ريال ، وفقاً لما
أعلنته التقارير الرسمية الحكومية في هذا الشأن ، ومع ذلك ترفض صرف رواتب الموظفين ، بحجة أنها ترى أن الرواتب لابد أن
يتم دفعها مباشرة للموظفين من الحركة ، دون أى تحويلات مصرفية.
وفى
هذا الشأن كشفت صحيفة البيان الإماراتية ،
تصريحات صادرة عن مسؤولين يمنيين ، أكدوا
من خلالها ، أن الوساطة الإقليمية وجهود
التحالف العربى حصلت على موافقة بشأن إنهاء
الملف الوطنى بشكل مؤقت ، حيث تم التوصل إلى اتفاق مبدئي يقضى بعقد هدنة طويلة الأمد ، وإلغاء القيود على الرحلات
التجارية من وإلى مطار صنعاء ، وكذلك ميناء الحديدة ، كما تم الاتفاق على صرف
رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الحوثيين ، وهى أموراً اتضح أنها للاستهلاك الإعلامي
فقط وننتظر أن تدخل حيز التنفيذ .
فمن الواضح أن اليمن
، التى وصفتها منظمة الغذاء العالمى " فاو " بأنها الأفقر بين دول
العالم ، والجوع وقلة الموارد الانسانية من أدوية وملبس وخلافه ، أموراً صعبة من
شأنها أن تودى بحياة أطفال ، واستصرخت المنظمة ، المجتمع الدولى بضرورة التعاون
لتوفير الغذاء للشعب اليمنى ولاسيما الأطفال ، بعدما أصبح الوضع مأسوى ويهدد
بكارثة مروعة مستقبلاً ، وهذا ما جنته اليمن من جراء ثورات الخريف العربى ، بتدبير
الأمريكان وتنفيذ الإخوان .