هل تطلق بولندا شرارة الحرب العالمية الثالثة ؟ سؤال بدأ يطرحه البعض ، فى
ظل الأوضاع على الحدود البولندية البلاروسية ، تلك المنطقة أصبحت بالفعل على صفيح ساخن ، منذ تحرك قوات
فاغنر والتمركز فى بيلاروسيا وتلقيهم التدريبات العسكرية هناك ، عقب مناوشات
مجموعة " فاغنر " مع الرئيس الروسى بوتين ، ولكن على ما يبدو وفى ظل
الأحداث الجارية ، بأن علاقة روسيا مع مجموعة " فاغنر " لا زالت قائمة
بغض النظرعما تذكره وسائل الإعلام العالمية من استمرار التوتر بين الجانبين ، حيث
يرجح معظم خبراء السياسة ، بأن تهديد مجموعة " فاغنر " بدخول الأراضى
البولندية ، جاء بإيعاز من روسيا نفسها .
الحدود البولندية مع بيلاوروسيا |
أمريكا تمد بولندا بالأسلحة والجانب الروسى يهدد
رغم تصريحات " يفغينى بريغوجن " قائد مجموعة " فاغنر "
من خلال فيديو له تم بثه من بيلاروسا ، والتى رحب من خلالها بقواته فى بيلاروسيا ،
وأعلن أنهم متواجدون فى بلاروسيا للقيام ببعض التدريبات العسكرية ، قبل الانتقال
للقيام بعمليات عسكرية فى بعض المناطق بالقارة الأفريقية ، إلا أن الحكومة
البولندية رصدت تحركات مريبة من قبل مجموعات " فاغنر " ولم تستبعد
تسللهم فى صورة مهاجرين لداخل الأراضى الشرقية ببولندا ، والقيام بعمليات تخدم
الجانب الروسى.
وعلى ما يبدو أن الأوضاع على الحدود البولندية ستزداد تصاعداً خلال الفترة
القليلة القادمة ، فى ظل التعزيزات العسكرية التى أرسلتها بولندا لتأمين حدودها مع
بيلاروسيا ، وتهديد الحكومة البولندية بإغلاق كامل لحدودها هى ودولة لتوانيا مع بيلاروسيا
، وهو الأمر الذى أغضب الرئيس الروسى بوتين ، والذى أعلن خلال لقاءه بمجلس الأمن
القومى الروسى ، بأن أى اعتداء على بلاروسيا من جانب القوات البولندية ، ستعتبره
روسيا اعتداء عليها ، وسيكون الرد رادع ، واتهم بوتين بولندا بأن لها أطماع منذ زمن بعيد فى بيلاروسيا ، وهى أطماع معروفة للجميع عقب حل دول الاتحاد السوفيتى .
فيما اتهمت الخارجية الروسية ، الحكومة البولندية ، بأنها تضخم الأحداث ،
وتساهم فى زيادة حدة التوترعلى حدودها مع بيلاروسيا ، علماً بأن الحكومة البولندية
تلقت تعليمات من حليفتها الولايات المتحدة الأمريكية ، تؤكد قيام روسيا بنشر أسلحة
نووية فى بيلا روسيا ، ومدها ببعض الأسلحة الحديثة ، مما زاد من مخاوف بولندا ،
التى استغلت عضويتها فى حلف الناتو
والاتحاد الأوربى ، ونقلت مخاوفها للرئيس الأمريكى بايدن ودول الاتحاد الأوربى.
وعلى الفور بدأت تتحرك الولايات المتحدة الأمريكية ، وقامت خلال الأسبوع
المنقضى بمد بولندا بعدد ألف دبابة حديثة بعضها جاء من كوريا الجنوبية ، وخرجت
تصريحات على لسان وزير الدفاع الألمانى ، لإعلان رفضه لتلك التهديدات ، التى
توجهها روسيا لدولة تابعة لحلف الناتو والاتحاد الأوربى ، مؤكداً أن بلاده مع حلف
الناتو سوف يقدمون كل الدعم لبولندا فى حال تعرضها لأى خطر.
السقوط الأوكرانى والمخاوف البولندية
المشكلة الكبرى ، التى بدت تزيد من مخاوف بولندا ، أن القوات الأوكرانية بدأت
تنهار فى العديد من المناطق ، التى تساقطت الواحدة تلو الأخرى فى يد القوات
الروسية ، وأصبح الاحتلال الروسى لأوكرانيا أمر متوقع حدوثة فى المستقبل القريب ، ويأتى
ذلك مع تواجد مجموعة " فاغنر " ببيلاروسيا ، والتأكد من نوايا المجموعة
بأنها تخطط لدخول بولندا ، ولاسيما بعد إعلان الحكومة البولندية ، بأنها اعتقلت منذ
أيام قليلة ، مواطنين روسيين ، تم ضبطهما وههما يوزعان ، منشورات تدعو لمجموعة
" فاغنر " بأكبر مدينتين ببولندا ، وهما كراكوف ووارسو ، هذا بالإضافة
إلى وجود ملصقات بالشوارع وضعها مجهولين ، كلها تدعو لمجموعة " فاغنر "
وتتضمن شعارات تطالب المواطنين بالانضمام للمجموعة ، هذا بجانب
رصد السلطات البولندية تحرك ما يقرب من ألف مقاتل تابعين لـ " فاغنر "
باتجاه مدينة غرودنو التى تقع على الحدود البولندية اللتوانية .
ومن جانبه حذر الخبير السياسى ،
يوغينيوش زينكيفيتش ، فى مقاله الأسبوع الماضى بصحيفة " مايل بولسكا "
من جراء الحرب المحتملة على الحدود البولندية ، وأرجع سبب ذلك لحالة النهم التى
أصابت الحكومة البولندية ، لشراء أسلحة حديثة ، وحشد قواتها بصورة تدعو للقلق على
حدودها مع بيلا روسيا، مؤكداً أن التحركات البولندية على حدودها مع بيلاروسيا ،
تكشف أن بولندا تستعد لدخول الحرب ، وليس لتأمين حدودها فقط كما تدعى.
بينما أرجعت الخارجية الروسية ،
هذا الحشد على الحدود والأسلحة التى دخلت بولندا خلال الفترة القليلة الماضية ،
بأنه ربما يكون استعداد من جانب بولندا ولتوانيا ، وبتخطيط من جانب الولايات
المتحدة الأمريكية وبريطانيا ، لإرسال قوات داخل أوكرانيا لصد الهجوم الروسى ، لاسيما
فى ظل الانتصارات التى بدأ يحققها الجيش الروسى ، داخل أوكرانيا خلال الفترة
الأخيرة ، ودللت الخارجية الروسية على ذلك ، بتصريحات المستشار السابق لوزير الدفاع الأمريكي، العقيد
دوغلاس ماكغريغور، والذى أكد من خلالها ، أن دول حلف شمال الأطلسي " الناتو
" تخطط لإرسال قوات إلى أوكرانيا، وأن
هناك اتفاق مع حكومتى بولندا وليتوانيا لشن غزو مشترك في المنطقة والدفاع عن
الأراضى الأوكرانية ، قبل سقوطها بشكل كامل فى يد القوات الروسية.
وجاءت الأحداث المتلاحقة ، لتؤكد أن منطقة الحدود البولندية ستشهد صراع من
نوع آخر بين الدول العظمى ، وربما بالفعل يكون هناك هجوم مسلح مشترك داخل الأراضى
الأوكرانية ، خاصةً بعد إعلان رئيسة
الوزراء اللتوانية ، عبر التليفزيون الرسمى ، بأن بلادها عززت من تواجدها العسكرى ، بمنطقة الحدود مع
بيلاروسيا ، وذلك بإرسال ما يقرب من 2000 جندى ، لتأمين حدودها الشرقية مع الدول
المجاورة ، ودخلت الصين حليفة روسيا على خط الأحداث بإعلانها فرض عقوبات على دولة
ليتوانيا ، بسبب قيام نائب وزير النقل والمواصلات الللتوانى ، بزيارة دولة تايوان
، التى تعتبرها الصين تابعة لها .
فإذا كان معظم المهتمين بالشأن السياسى العالمى ، توقعوا
نشوب حرب عالمية ثالثة بسبب الغزو الروسى على أوكرانيا ، إلا أن هذا التوقع لم يجد
له الطريق لأن يتحول لحقيقة ، لعدة أسباب ، على رأسها بالطبع ، أن أوكرانيا لم
تحصل على عضوية حزب " الناتو " ، ولن تجد الدول الأعضاء بالحزب أى مبرر
للتدخل فى هذا الغزو ، واكتفوا بمساندة أوكرانياً اقتصادياً ومدها بالأسلحة ، مما
ساعد فى طول أمد الحرب الروسية الأوكرانية ، ولكن الأمر يختلف كثيراً بالنسبة
لبولندا بسبب عضويتها بـ " الناتو " والاتحاد الأوربى ، وأى تعدى عليها سيشعل الأوضاع ، ويجعل التدخل العسكرى واجب على الدول الأعضاء وعلى
رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا ، وإذا تطورت الأمور لهذا المشهد ستتحرك الصين
وكوريا الشمالية ، لمساندة حليفتهما روسيا ، فهل تتطور الأحداث وتصل لهذا الوضع المرعب ؟
وتكون بالفعل بولندا الشرارة التى تتسبب فى الحرب العالمية الثالثة المتوقع حدوثها
فى أى وقت ، ربما.