الكيان الصهيونى يستغل الفقر لإحكام قبضته على دول أفريقيا
استغلت
إسرائيل انشغال الدول العربية بالشمال الأفريقي ، فيما أطلق عليه ثروات الربيع
العربي، للتوغل بشكل كبير في قلب القارة
الأفريقية ، ونجحت في ذلك خلال السنوات الأخيرة ، بعد أن غابت عقدين من الزمان عن
القارة السمراء ، وبدأت تستغل فقر هذه
الدول وجهلها وعجزها عن استغلال ثرواتها ،
بأنشاء مشروعات تنموية وزراعية وخدمات صحية وخلافه ، وتشغيل الشباب في هذه المشروعات
التي نفذتها على أرضها بالفعل ، وفى المقابل تستفيد إسرائيل نفسها بالثروات
الزراعية والمعدنية الموجودة في تلك الدول ، وخاصةً فيما يتعلق بشق الزراعة
والبترول.
العلم الإسرائيلى فى كل مكان بجنوب السودان |
الأمر
المخزي في هذا المخطط الإسرائيلي ، للسيطرة على الدول الأفريقية الفقيرة ، أن شعوب
بعض هذه الدول ، وصل بمواطنيها الحال بأن يضعوا إسرائيل في موضع الوطن الأم ،
يحملون أعلامها ويحتفون بعلاقتها مع حكوماتهم ، ويحتفلون بالمناسبات الإسرائيلية
المختلفة .
وإذا كانت الحكومة الإسرائيلية ، نجحت في تقوية
علاقاتها مع دول مثل أثيوبيا وأوغندا وتشاد وغيرها ، حتى أصبحت دولة صديقة لعدد 46
دولة أفريقية خلال عام 2022 أى ثلثى دول القارة ، فالعلاقة التى تربطها مع دولة
جنوب السودان بعد انفصالها خلال عام 2011 ، فاق كل التوقعات ، حتى صرح بعض
المحللين وخبراء السياسية ، بأن جنوب السودان يظهر وكأنه ولاية تابعة لإسرائيل ، مما وضع إسرائيل في نظرهم كمتهم رئيسى في انفصال جنوب السودان ، بهدف استغلالها
من ناحية ومزاحمة مصر في المشروعات الزراعية التى كانت تخطط لتنفيذها بجنوب
السودان من ناحية أخرى.
محاولات إسرائيل للتقارب مع الدول الأفريقية
حكومة
إسرائيل تتطلع منذ سنوات بعيدة ، للتوغل في القلب الأفريقى وتوطيد علاقاتها مع
الدول الأفريقية ، ومعظم محاولاتها كانت تبوء بالفشل في ظل رفض معظم الدول ،
ممارساتها العدوانية ضد الشعب الفلسطينى ، وكانت تنظر لها بأنها دولة اغتصبت أرض
الغير ، وحاولت إسرائيل خلال شهر أكتوبر من عام 2017 تنظيم مؤتمر " إفريقيا
وإسرائيل " وبعد أن حددت الحكومة الإسرائيلية مكان المؤتمر بمدينة "
بلومى " عاصمة دولة توجو ، والتأكيد على أن المؤتمر سيكون تحت عنوان "
التنمية والأمن التكنولوجى " إلا أن المؤتمر تم إلغائه ولم يعقد في الموعد
المحدد ، لرفض عدد كبير من الدول الأفريقية حضور المؤتمر،
وحتى الدول التى وافقت على الحضور تراجعت في قرارها في ظل اعتراض الجانب الفلسطينى
على عقد مثل هذا المؤتمر
أطفال جنوب السودان يحتفون بالمسئول الإسرائيلى |
وكثف
بنيامين نتينياهو من زياراته للدول الأفريقية ، خلال الفترة من 2010 حتى 2021 ، حيث قام بزيارة تشاد والسودان وكينيا وأثيوبيا
ورواندا و أوغندا وغيرها ، بهدف توطيد علاقة إسرائيل بتلك الدول.
أسرار محاولة إسرائيل التقرب من الدول الأفريقية
وبدأت
تخرج التصريحات من رؤساء دول ومسئولين كبار ، تتساءل عن الهدف الذى تصبوا حكومة
إسرائيل إلى تحقيقه ، من جراء سعيها المتواصل للتقارب من الدول الأفريقية بهذا
الشكل ، قبل أن تخرج القناة السابعة
الإسرائيلية في سبتمبر من عام 2021 لتكشف
عن بعض أهداف إسرائيل من هذا السعى.
حيث
كشفت القناة تصريحات ، جاءت على لسان جلعاد أردان ، السفير الإسرائيلي في الأمم
المتحدة ، أكد من خلالها أن إسرائيل
مستمرة في توسيع علاقتها بالدول الإفريقية، وذلك خلال لقاء جمعه بأكثر من 25 سفيراً
للأمم المتحدة من الدول الإفريقية.
وأشار
إلى أن إسرائيل ، تخطط لتوطيد العلاقات
الدبلوماسية والاقتصادية مع الدول الإفريقية ، من أجل ضمان الحصول على أصواتهم داخل اللجان
المختلفة بالأمم المتحدة ، ومن هذا المنطلق لابد أن تكون إسرائيل عضو مراقب في
الاتحاد الأفريقي.
وأوضحت
القناة السابعة الإسرائيلية ، أن جلعاد أكد على قيام الحكومة الإسرائيلية ،
بالإعلان عن مؤسسة إسرائيلية ، من أجل تقديم المساعدات للدول الأفريقية الفقيرة ،
والعمل على إنشاء مشروعات كهرباء ومياه ، داخل 2000 قرية فقيرة بالدول الأفريقية
المختلفة.
وتمكنت
إسرائيل خلال السنوات الأخيرة من توطيد علاقاتها مع 46 دولة إفريقية ، معظمها بدأت
تنفذ معها إسرائيل مشروعات خدمية وتنموية وهذا
ما أكده موسى فقى رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقى ، من خلال بيان رسمى خلال عام 2021
، أكد من خلاله أن ثلثي دول القارة الأفريقية استعادت علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل ، وقرر
من تلقاء نفسه الموافقة على طلب إسرائيل ، بأن تكون ضمن أعضاء الاتحاد الأفريقي
بصفة مراقب ، وادعى في البيان بأن القرار جاء بناءً عن طلبات تقدمت بها بعض الدول
داخل الاتحاد ، وهو ما رفضته معظم دول
الاتحاد الأفريقي ، وكانت نتيجته رفض التصويت على القرار وإرجاءه لوقت لاحق ، خلال
أعمال القمة رقم 36 ، الذى عقد في فبراير
من عام 2022 ، والذى شهد طرد الوفد الإسرائيلي من المؤتمر .
أسرائيل تحكم قبضتها على جنوب السودان
نجح
الجانب الإسرائيلي في تحويل جنوب السودان ، إلى ولاية تابعة له في ظل الخدمات
والمشروعات التى أقامتها إسرائيل بها ، ودشنوا حساب على موقع التواصل الاجتماعى
" فيس بوك " ، تحت عنوان " إسرائيل تتكلم عربى " يتضمن كافة
المشروعات التى أقامتها إسرائيل بجنوب السودان ، وثناء وشكر أبناء الجنوب لدور
إسرائيل في بلادهم ، بل وطالب بعضهم بأن تتبع دولتهم لإسرائيل ، ومنذ عدة أيام ،
فى العاصمة جوبا بجنوب السودان مواطن سودانى رفع علم إسرائيل ، معلقاً على ذلك
بأنه اعترافاً منه وعرفاناً بالدور الذي
تقوم به دولة إسرائيل من أجل تحسين الإنتاج الزراعي في دولته وتحقيق الاكتفاء
الذاتي لها.
وساهمت
الشركة الاسرائيلية (غلوبال) في إقامة العديد من المشروعات التنموية بجنوب السودان
، حيث قامت بزراعة 30 الف شتلة موز في مزرعة بالقرب من جوبا ، هذه المزرعة هي واحدة من 8 مشاريع زراعية نفذتها
الشركة في جنوب السودان.
وأعرب
المزارعون في تعليقاتهم على الصفحة الخاصة بتلك المشروعات ، عن حبهم لإسرائيل مع
المساعدات الإنسانية التي قدمتها لهم
وقالوا بالحرف الواحد ، " فحب
الوطن غالي والأغلى في كثير من الأحيان حب من يسانده " .
كما
أنشأت إسرائيل في جنوب السودان ، ملجأ أيتام جوبا والذى أقام احتفال بدعوى أنه خاص
بالذكرى الـ 75 لاستقلال إسرائيل ، كما اهتمت إسرائيل بالجانب الصحى في جنوب
السودان ، وأقامت مشروع المستشفى التعليمى بجوبا ، ومستشفى الصباح للأطفال ،
واهتموا بإرسال بعثات طبية من إسرائيل ،
لعلاج المرضى من الأطفال ، ووصلت الأمور إلى حد قيام " وول ميار أريك "
السفير الإسرائيلي في جنوب السودان ، بزيارة الأطفال المرضى في منازلهم والتقاط
الصور التذكارية معهم ، ومنذ أيام قليلة قررت الحكومة الإسرائيلية سفر 4 أطفال من
جنوب السودان لديهم مشاكل في القلب ، لتل أبيب لإجراء جراحات عاجلة لهم.
وبدأت
الحكومة الإسرائيلية تطمأن جنوب السودان بأنها ستقرب وجهات النظر مع الجانب الصينى
، المكلف بإقامة مشروع سد " واو " بجنوب السودان ، والذى يهدف إلى توليد
الطاقة الكهرومائية ، وحماية البلاد من الفيضانات ، وهو مشروع الذى أكدت الحكومة
المصرية ، أنه لن يؤثر عليها لا قامته على النيل الأبيض ، كما أعلنت إسرائيل عن إقامة مزرعة الأفق الأخضر
بمدينة جوبا الذى يستهدف زراعة الفاكهة والخضروات المتنوعة.
وبذلك وبتلك الخطوات ، تمكنت إسرائيل من فرض سيطرتها بصورة كاملة على جنوب السودان ، والتى بدت وكأنها تتبع إدارياً لدولة الكيان الصهيونى ، الأمر الذى يدق ناقوس الخطر على مستقبل الدول العربية ، في ظل الزحف الإسرائيلي المتوقع حدوثه ، داخل القارة الأفريقية خلال السنوات القليلة القادمة ، واستخدام أساليب تجعل تلك الدول تدين بصورة كاملة لإسرائيل