google-site-verification: google954c7d63ad8cb616.html
عيون الخريف عيون الخريف
recent

أخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

ذئاب داعش وأرض الميعاد

 

اعلان تنظيم داعش بشكل رسمى ،  مقتل زعيمه أبو الحسين الحسيني القرشي واختيار أبو حفص الهاشمي القرشي خليفة له ، وفقا لما أعلنه متحدث باسم التنظيم عبر تسجيل غير مؤرخ نشر على حساب تابع للتنظيم الإرهابى على تطبيق تيليغرام ،  لابد أن يكون له توابع ، ومهما كانت المسميات لزعيم التنظيم ، أو ترتيبه بين قادته منذ نشأته وحتى الآن ، فالمتابع بدقة لتنظيم " داعش " وتحركاته ، يعلم جيداً أن هذا الإعلان الرسمى عن مقتل زعيم واختيار زعيم آخر ، بغض النظر عن شخصية هذا الزعيم إن كان بشار خطاب غزال ، أو حتى  جمعة عوض البدري شقيق زعيم التنظيم الأسبق أبو بكر البغدادي ، أو أى شخص آخر داخل التنظيم ، ما هو إلا رسالة واضحة بأن التنظيم سوف ينشط ويكثف من أعمال العنف خلال الفترة القادمة.


ذئاب داعش وأرض اليعاد



 

ولكن السؤال الذى نطرحه ويطرحه كل المهتمين بشؤون الجماعات الإرهابية ، كيف سيعود التنظيم ؟ وبأى صورة ؟ وما هى الأرض الذى سيحاول أن يظهر منها ويرسل رسالة لجميع دول العالم ، أنه لم ولن يتأثر بما حدث معه في سوريا والعراق خلال السنوات  الأخيرة ، وأن مقتل زعمائه الزعيم تلو الآخر ما هو إلا صعاب ستكون النواة لعودته بشكل مؤثر مرة أخرى .

 

قادة التنظيم يعلمون جيداً ، أن المواجهات المسلحة المباشرة ، التى تميز بها التنظيم خلال السنوات الأولى منذ إعلان تأسيسه ، والتى وصلت به إلى مواجهة جيوش نظامية ، من الصعب أن تعود خلال تلك الفترة ، لاسيما بعد الهوان الذى أصاب التنظيم ، ومقتل العديد من عناصره خلال المواجهات مع قوات مكافحة الإرهاب ، في كل المناطق التى تواجدت أفرع قوية له فيها ، بداية من العراق وسوريا ، حتى ليبيا ومصر ، هذا بالإضافة إلى ضعف الامكانيات العسكرية والمادية لدى التنظيم ، وعدم امتلاكه للأسلحة الحديثة التى كانت تحت سيطرته في العراق وسوريا وليبيا ، بفضل سطوته عليها من قوات الجيش وقوات الأمن بتلك الدول ، لذلك قضية المواجهات المباشرة وشن هجمات إرهابية منظمة ، أمر مستبعد تماماً لدى قادة التنظيم ، في هذا التوقيت.



أفريقيا الطريق لأرض الميعاد.



ومن هنا أصبح أمام التنظيم ، طريقين لا ثالث لهما ، الطريق الأول يتمثل في تقوية شوكته في أفريقيا السمراء بقدر الإمكان ، لاسيما في ظل سيطرة التنظيم وتواجده بقوة في غرب وشرق القارة الأفريقية ، متمثلاً في تنظيم " القوات الديمقراطية المتحالفة " التابع لداعش ،  والذى يتواجد بشكل مؤثر بالقارة السمراء ، وقام بعدة عمليات إرهابية بالكونغو الديمقراطية ومالى وبوركينا فاسو والعديد من الدول الأخرى بالمنطقة ، مستغلاً في ذلك الطبيعة الجغرافية الوعرة لتلك الدول ، بجانب ضعف حكامها وجيوش المنطقة التى تعتبر جيوش بدائية تستخدم أسلحة ليست متطورة .







ومن هنا سيحاول التنظيم ، الانطلاق لتحقيق أهدافه المتمثلة ، في توصيل رسالة للعالم ، بأنه لازال متواجد ، ويستطيع أن يؤثر على الحالة الأمنية في أى منطقة  ، ولا يخقى على أحد أن هذا التواجد المؤثر للتنظيم  بشرق وغرب القارة السمراء ،  دفع عدد من الدول لسحب سفرائها منها ، والبعض الآخر شدد من الإجراءات الأمنية بمقرات السفارات التابعة لهم  ، خوفاً عليها من هجمات التنظيم الإرهابى ، في ظل فشل الحكومات بهذه الدول في حمايتهم ، حتى من استعان منهم بشركات أمن خاصة مثل فاغنر وغيرها ، لم يستطع مواجهة التنظيم ، وفشلت كل الشركات في التصدى لأعمال الإرهاب والعنف التى يقوم بها التنظيم بين الحين والآخر، كما أن داعش يتخذ من أفريقيا السمراء هدفاً لنهب الثروات وجمع الأموال التى تساعد في تقوية التنظيم.


 

ومهما كانت العمليات الإرهابية الناجحة في القارة السمراء من قبل تنظيم " داعش " أو في أى مكان في العالم ، لن يجعل قادته يغفلون عن هدفهم الأكبر وهو العودة للسيطرة على العراق وبعض المدن السورية مرة أخرى ، فالعراق بالذات بالنسبة لهذا التنظيم الإرهابى ، لها مكانة خاصة ، أفصح عنها بشكل واضح ، زعيمهم إبراهيم عواد إبراهيم على ، الذى اختار لنفسه كنية أبوبكر البغدادى ، ليس لأنه من مواليد سامراء بالعراق ، ولكن لأنه كان يرى ، أن العراق هى أفضل دولة على وجه الأرض التى تسمح لهم بإحياء الخلافة الإسلامية من وجهة نظرهم ، فالعراق له مكانة خاصة لديهم ، لدرجة أن البغدادى نفسه في تسجيل صوتى ، قال أنها أرض الميعاد ، وتعتبر بالنسبة لهم نقطة الإنطلاق لإحياء الخلافة الإسلامية مرة أخرى ، وأشار إلى ما وصلت إليه الخلافة الإسلامية التى تواجد مقرها الرئيسى في العراق أيام الدولة العباسية ، ودائماً ما كان يذكر أعضاء التنظيم بين الحين والآخر ،  خلال بياناته المقروءة والمرئية ، بأن العراق بها مدينة بابل التى كرمها الله تعالى بذكرها في كتبه السماوية الثلاث ، القرآن والانجيل والتوراة.

 

 

كما يرى  قادة التنظيم الإرهابى ، أن العراق وسوريا ، ممهدة لهم لإعلان خلافتهم ، لاعتقادهم بأن أهل السنة مضطهدين فى العديد من المدن بالدولتين ، وهناك تمييز واضح بينهم وبين الشيعة اقتصادياً ودينياً وسياسياً ، ولن ينسى قادة التنظيم ، أنهم  فى عام 2014، نجحوا  في السيطرة على مناطق عديدة بالعراق وسوريا ، تحت قيادة زعيمهم الروحى أبوبكر البغدادى ، الذى كان يعشق العراق ، حيث تمكن التنظيم وقتها من السيطرة على مدن الرمادى وحمص والحسكة وتكريت والفلوجة ودير الزور ونينوى والرقة والموصل وغيرها من المدن ، التى جعلت شكوتهم قوية ، جعلتهم يهاجمون مقرات الجيش العراقى نفسه ، وينتصرون عليه في أكثر من موقعة ويستولون على الأسلحة والمعدات الحربية الخاصة به ، ولولا تدخل قوات الإرهاب الدولى في الوقت المناسب بطردهم من العراق وسوريا ، لكان لتواجدهم شأناً آخر.


 

حرب روسيا والذئاب المنفردة


 

يرى خبراء ومحللى الأوضاع السياسية في العالم ، أن تنظيم " داعش " هو المستفيد الأكبر من تصارع الدول العظمى وانشغالها بحرب روسيا مع أوكرانيا ، ويأمل التنظيم أن تتصاعد الأمور بين هذه الدول الكبرى ، روسيا والصين وحلفائهم من جانب وأمريكا ودول الاتحاد الأوربى من جانب أخر ، وأن تطول أمد تلك الحرب وتتصاعد وتيرتها ،  على أمل أن تدخل الصراع لهذه  الحرب أطراف عدة ، تنهك من قوى جيوشهم وتنال من أوضاعهم عسكرياً واقتصادياً ، حتى يجد التنظيم الأرض الخصبة ، التى تسمح له بالتوغل والسيطرة مرة أخرى ،  ويحاول أن يعيد بناء نفسه من داخل العراق وسوريا كما كانت بدايته  ، ودلل الخبراء على هذا الأمر بالعمليات الإرهابية التى تعددت بوسط وغرب وشرق أفريقيا ، واستغلال التنظيم انشغال الدول الكبرى ، بتطور أحداث الحرب الروسية الأمريكية ، ولاسيما العمليات الإرهابية الأخيرة بدولتى مالى و بالكونغو الديمقراطية.

 

أما الطريق التانى ، الذى يتوقع الجميع ، أن يسلكه التنظيم ، بعد الإعلان عن زعيمه الجديد ، بعدما ذكرنا الطريق الأول سالفاً ، هو الاعتماد بشكل كلى خلال الفترة القليلة القادمة على إعادة عمليات " الذئاب المنفردة " مرة أخرى ، وهى الفكرة التى بدأت تسيطر بصورة كاملة على دول أوربية أنكوت بنار تلك الذئاب ، على رأسها  فرنسا والسويد والدنمارك ، لاسيما بعدما تزايدت صور أساءة مواطنين لديهم للإسلام والنبى محمد علية الصلاة والسلام  ، مما دفع حكوماتهم لإعلان حالة الاستنفار الأمنى على حدودها ، وتشديد اجراءات التفتيش ، لكل شخص قادم لبلادهم ، خوفاً من تسلل أشخاص يعتقد أنهم " ذئاب منفردة " للتنظيم الإرهابى


 

والأجهزة الأمنية لتلك الدول ، لها ذكرى أليمة مع " الذئاب المنفردة " التابعة لتنظيم " داعش " والذى راح ضحيتها العديد من الأرواح المدنية والأمنية  ، وخروج التنظيم الإرهابى ، بعد أى عملية لتلك الذئاب لإعلان مسئوليته عنها ، والاعتماد على تطبيق فكرة الذئاب المنفردة هى السبيل الوحيد لمثل هذا التنظيم فى هذا التوقيت ، في ظل شوكته التى ضعفت خلال السنوات الأخيرة ، وعجزه عن المواجهات المسلحة المباشرة كما كان في السابق ، لأن فكرة " الذئاب المنفردة "  ببساطة شديدة تقوم على فرد واحد ، أو اثنين على أقصى تقدير للقيام بتلك الأعمال الإجرامية ، بالاندساس بين المواطنين مستغلين الأماكن الأكثر ازدحاماً في غالب الأحيان


 

وهذا  يصعب من مهمة كشف تلك العناصر الإرهابية ، حتى أعتى أجهزة الأمن في العالم ، من الصعب عليها إجهاض محاولات مثل هذه  الذئاب الإرهابية مهما كانت تستخدم من أساليب أمنية حديثة  ، لأن في غالب الأحيان من يقوم بها وجوه جديدة ليس لديهم سوابق في الأعمال الإرهابية ، كما أن جنسيتهم لا يمكن أن تحددها ، ودائماً ما يكونوا أفراد تتبع التنظيم فكرياً ، ولكن لا تتبع النظام الهيكلى له ، ولا تستطيع أجهزة الأمن أن تحدد مكان ووقت أى عملية يخططون لتنفيذها ، ودائماً ما تكون مثل هذه العمليات المنفردة خسائرها فادحة وتأثيرها قوى .

 

ومن هنا تبقى الأسئلة مطروحة حول هذا الأمر المعقد ، هل ستترك الدول الكبرى المجال لداعش لتسيطر على ثروات الغرب والشرق الأفريقى وتقوى من شوكتها مادياً وعسكرياً وتكون مواجهتها أصعب من ذى قبل ؟ ، لاسيما بعد قيام بعض الجنود الأوربيين الذين كانوا متواجدين في تلك المناطق للتصدى لتوغلات " داعش " لبلادهم ، ومن بينهم الجنود الفرنسيين الذين تواجدوا على حدود دولة النيجر ، وهل يفطن هؤلاء أن لا مجال لداعش إلا الاعتماد على فكرة  الذئاب المنفردة  ؟ ويضع أمن هذه الدول الخطط الأمنية اللازمة لإجهاض أى عملية إرهابية من هذا النوع في مهدها رغم صعوبة ذلك  ؟ كلها أسئلة طرحها على الرأى العام العالمى ، إعلان داعش عن زعيمهم الجديد ، والذى من الحتمى أن يتبعه أحداث ، كما هو معروف عن هذا التنظيم ، وطرحها أيضاً ما يفعله التنظيم الإرهابى من عمليات العنف الواحدة تلو الأخرى بشرق وغرب أفريقيا ، واستيلاءه على أسلحة بعض كتائب الجيوش هناك، وإزهاقه لأرواح العسكريين والمدنيين دون رحمة أو هوادة.


  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

x

عن الكاتب

عيون الخريف

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

عيون الخريف