google-site-verification: google954c7d63ad8cb616.html
عيون الخريف عيون الخريف
recent

أخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

الإرهاب بين التفوق العلمى والجهل النفسى





الإرهاب بين التفوق العلمى والجهل النفسى



تقرير محمد مقلد



الإرهاب ظاهرة مخيفة أرقت كل الدول التى عانت منه ، اقتصادياً وأمنياً واجتماعياً ، فهو يخلق بيئة غير مستقرة ، تعيش فى توتر وخوف وقلق على طول الوقت ، الإرهاب هو عدو الانسانية عدو التواجد البشرى الآمن ، عدو السلام والطمأنينة ، ومن أجل هذا خرجت الآلاف من الدراسات والكتب والآراء الغربية والعربية ، التى تبحث عن وسائل منع انتشار الإرهاب وإيجاد البيئة التى لا تسمح بمجرد تواجده ، وكيفية مواجهته.


وخرجت معظم هذه الدراسات لتصب رأيها فى مواجهة الإرهاب على شئ واحد فقط ، وهو الفكر وبدا للجميع أن الحل الأمثل لمواجهة الإرهاب هو هذا الفكر ، ولكن السؤال ، هل اختيار طريق الإرهاب ،  فكرة أم معتقد أم ظاهرة نفسية تساهم فى صنع الإرهابى ، الإجابة على هذا السؤال معقدة للغاية ، فإذا كان فكرة مبنية عن جهل مثلاً ، فلماذا نلاحظ أن السواد الأعظم من قيادات التنظيمات الإرهابية فى العالم ، لديهم من المستوى التعليمى والرجاحة العقلية ، ما يجعلنا نؤمن أنهم يستطيعوا أن يميزوا بين صحيح الإسلام وفهم آيات القرآن وسنة النبى محمد ، وبين الانحراف عن هذا الفكر.


 

الظروف التعليمية التى أحاطت بمعظم قيادات التنظيمات الإرهابية فى العالم تؤكد أنهم كانوا أمام بيئة تعليمية يصبغها التفوق الواضح ، الذى يمهد لهم مستقبل جيد ، مما يدفعنا للسؤال إذا كانوا بالفعل بهذه العقلية المستنيرة التى فتحت لهم الطريق للتفوق العلمى ومستقبل واضح، فلماذا اختاروا طريق الدماء والعنف ، هل فضلوا أن يجهلوا أنفسهم

 

  فالواقع يؤكد أنه ليس من الصعب على هؤلاء فهم قوله تعالى فى سورة المائدة " من قتل نفساً بغير نفس أو فساداً فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فقد أحيى الناس جميعاً " صدق الله العظيم ، وغيرها من الآيات القرآنية والسيرة النبوية ، التى توضح للجميع مفهوم الدين الصحيح ، فالمسألة هنا لا تتعلق بالفكر بشكل كامل ، ولكن تتعلق بأمور أخرى ربما تكون أقرب لعوامل نفسية .

 

التفوق العلمى لبن لادن والظواهرى

 

أسامة بن لادن الذى ارتبط اسمه بانتشار العنف والإرهاب فى العالم تحت مظلة الفهم الخاطئ للإسلام ، بدأ حياته دارساً فى جامعة الملك عبد العزيز فى جدة وحصل على بكالوريوس الاقتصاد ، كما حصل على شهادة عليا فى الهندسة المدنية عام 1979، لأنه كان يعشق الهندسة ، وخرج من عائلة ميسورة الحال ، ومع ذلك اختار طريق الإرهاب وأسس بمشاركة الظواهرى تنظيم قاعدة الجهاد فى أفغانستان عام 1989 وأصبح قائده ، ومن بعده جاء الظواهرى ليكون زعيم تنظيم القاعدة الإرهابى بعد مقتل بن لادن على يد القوات الأمريكية عام 2011.

 

والظواهري تفوق هو الآخر فى دراسته والتحق بالثانوية العامة وحصل على مجموع أهله للالتحاق بكلية الطب جامعة القاهرة وتخصص فى قسم الجراحة العامة ، وكان الظواهري قد انضم لجماعة الإخوان الإرهابية وهو فى ريعان الشباب ، حتى أنفصل عنها وترك كل شئ وسافر لأفغانستان ورافق بن لادن فى صنع تاريخ إرهابي لتنظيم القاعدة ، حتى وضعته أمريكا من بين المطلوبين لديها ورصدت مكافأة وصلت إلى 25 مليون جنيه ، لمن يرشد عن مكان اختفائه ويساعد فى الوصول إليه.

 

ويأتى أبو بكر البغدادى ، كثالث أخطر إرهابي العالم ، ليؤكد تلك النظرية ، حيث أنهى البغدادي دراسته الثانوية عام 1991 والتحق بكلية الشريعة الإسلامية  بجامعة بغداد ، وحصل على بكالوريوس الدراسات القرآنية ، ومن بعدها حصل على درجة الماجستير فى نفس التخصص ، وخلال عام 2016 نجح فى الحصول على الدكتوراه فى القرآن الكريم والشريعة ، ومع كل ما وصل إليه من مستوى علمى عن طريقه يستطع التمييز بين الحق والضلال ، إلا أنه عن جهل مصطنع منه فضل السير فى طريق الإرهاب وتدرج بمناصبه الوهمية ، حتى أصبح زعيم تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام " داعش " ، وجاءت نهايته مثل سابقيه بمقتله فى إحدى العمليات المناهضة للإرهاب.


طبيب بدرجة إرهابي

 


إذا كان محمد الظواهري حصل على لقب طبيب من دراسته العلمية ، فقائمة القيادات الإرهابية الحاصلة على هذا اللقب طويلة ، مما يثير الدهشة والاستغراب ، فلدينا أبو محمد الجولانى ، الذى عرف منذ ظهوره على سطح الأحداث الإرهابية ، بأنه زعيم " جبهة النصرة " والتى كانت وقتها الفرع الرئيسي لتنظيم القاعدة فى سوريا ، وصنف الجولانى على أنه من أخطر إرهابى العالم من قبل وزارة الخارجية الأمريكية ، فالجولانى أيضاً كان التفوق هو الطريق فى دراسته العلمية ، حيث تمكن من الحصول على مجموع كبير بالثانوية العامة ، مما أهله للالتحاق بكلية الطب البشرى عام 2000 ، وفى عام 2003 وفى السنة الثالثة بالكلية سافر إلى العراق ، وانضم لتنظيم القاعدة تحت قيادة أبو مصعب الزرقانى ، حيث اختار لنفسه أن يكون " طبيب بدرجة إرهابى "

 

ولم يختلف عنه سيد إمام الشريف ، واسمه الحركى لدى تنظيم القاعدة " الدكتور فضل " ، ولقب بمنظر الجهاديين فى العالم ، وفى وقت من الأوقات كان يعتبر الراجل الثالث فى تنظيم القاعدة وله كتب تدور حول فكرة التشدد الدينى بشكل واضح وصريح ، من بينها " العمدة فى إعداد العدة " و" أسرار تنظيم القاعدة " و" نقد الشريعة " وغيرها ،  وتمكن  الدكتور فضل من ختم القرآن وهو صغير السن وحصل على مجموع 94%  بالثانوية العامة فى محافظة بنى سويف والتحق بكلية الطب جامعة القاهرة عام 1968 ، وكان من أوائل دفعته ، لدرجة أنه تم تعيينه نائب رئيس قسم الجراحة بمستشفى القصر العينى ، عقب تخرجه عام 1974، وألقى الطبيب المتفوق هذه الانجازات العلمية التى حققها ، والتى كانت ستفيده هو أولاً قبل أن يستفيد منها أبناء وطنه ، خلف ظهره ، وخرج للانضمام لتنظيم القاعدة ومحى من ذاكرته حفظه للقرآن الكريم وتفوقه فى مجال الطب .

 

ولم يتوقف هذا المسلسل عند هذا الحد ، فلدينا نموذج الدكتور خالد مساعد سالم ابن مدينة العريش بمحافظة شمال سيناء ، والذى تفوق فى دراسته بمرحلة الثانوية العامة والتحق بكلية الطب قسم أسنان بجامعة الزقازيق عام 2000 وتعرف بالجامعة على نصر خميس الذى كان يدرس بكلية الحقوق بنفس الجامعة ، وكان مساعد يستضيف نصر كثيراً بالعريش ، ويؤدون الصلاة بمسجد التوحيد ، حتى لعب الشيطان برأسيهما ، وقررا مع آخرين ، انشاء تنظيم إرهابي جديد ، أطلقوا عليه اسم تنظيم  " التوحيد والجهاد "  ، وهو التنظيم الذى استهدف السياح بفندق هليتون طابا وتفجيرات دهب واستهداف قسم ثانى العريش وغيرها من العمليات الإرهابية الخسيسة  ، حتى تم مقتل الدكتور مساعد ، فى إحدى المواجهات مع الأمن المصرى بقرية التومة بالشيخ زويد بشمال سيناء .



عقول متفوقة علمياً جاهلة نفسياً

 


من الواضح ، أن معظم قيادات التنظيمات الإرهابية درسوا الطب ، وهى من المفارقات الغريبة ومع ذلك هناك قيادات أخرى تفوقت فى دراستها العلمية فى مجالات أخرى ، من بينهم على سبيل المثال لا الحصر ، أحمد فضيل الخلايلة وكنيته أبو مصعب الزرقاوى ، وهو أردنى الجنسية ، وأسس ما يعرف بتنظيم " التوحيد والجهاد " ببلاد الرافدين ، بالعراق ، والذى أصبح فرع من تنظيم القاعدة ، فقد حصل الزرقاوى على شهادة الثانوية العامة وقيل أنه أكمل دراسته فى مجال الشريعة الإسلامية .

 

ثم يأتى نائبه بالتنظيم الإرهابى ، أبو أنس الشامى ، الفلسطينى الجنسية ، وعرف بأنه المفتى الشرعى لهذا التنظيم ، والذى حصل على شهادة الثانوية العامة ومن بعدها أنهى دراسته بقسم الشريعة من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وعمل إماماً لمسجد مراد فى حى الإرسال غرب عمان.

 

وأبو محمد المقدسى ، الذى تتلمذ على يديه أبو مصعب الزرقاوى ، حصل على شهادة الثانوية العامة أيضاً ثم درس العلوم بجامعة الموصل شمال العراق ، وواصل دراسته بقسم الشريعة الإسلامية بالمدينة المنورة ، ويعتبر من أبرز منظرى التيار السلفى الجهادى ، وأصدر كتاب كفر من خلاله حكام دولة السعودية ، ويطل علينا أبو بكر شيكاو زعيم تنظيم " بوكا حرام " الإرهابى بغرب أفريقيا ، والذى تقلد أمور هذا التنظيم بعد إعدام مؤسسه محمد يوسف على يد الحكومة النيجيرية عام 2009 ، ونال أبوبكر أيضاً قسطاً من الشهادات العلمية ، حيث درس الفقه الإسلامى بإحدى الجامعات بنيجيريا .

 

انضمام هذه العقول العلمية بما تحمله من تفوق بالمجال الذى تخصص كل شخص منهم فيه إلى التنظيمات الإرهابية ،  بل وقيادتها أيضاً ، يدفعنا إلى الشك أن مواجهة الإرهاب لابد أن يكون بالفكر وبتطوير مناهج التربية الإسلامية فى المدارس ، فهؤلاء جمعوا بين الدراسة العلمية والفقه الإسلامى بشكل واضح ، ويعلمون جيداً ما ينهى عنه الدين الإسلامى وعلى دراية كافية بكل صغيرة وكبيرة متعلقة بالدين ، ويعرفون بشكل واضح ، أن الإرهاب هو الخطر الأكبر على حقوق أى مجتمع ، من خلال الاعتداءات المباشرة على الأفراد فى الدولة وعلى مؤسساتها الاقتصادية بهدف إصابتها بالشلل وهى تصرفات مخالفة للشرع ، فمن الواضح أنهم اختاروا طريق الإرهاب والدم بجهل مصطنع منهم ، وخلل نفسى دفعهم بإرادتهم الكاملة لهذا الطريق ، الذى يخالف كل تعاليم وتقاليد صحيح الإسلام.  

      

عن الكاتب

عيون الخريف

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

عيون الخريف