دخلت معظم السلع بمختلف أنواعها ماراثون رهيب فى ارتفاع الأسعار ، وكل سلعة
بدت وكأنها تتباهى أمام غيرها من فصيلها بأنها الأكثر تميزاً من حيث ارتفاع سعرها ،
وهو أمر خارج عن إرادة الجميع فى ظل الأزمة الاقتصادية التى ضربت العالم من توابع
أزمة كورونا ، وتأثير الحرب الروسية على أوكرانيا ، وجاءت السجائر لتتخطى كل الصعاب وتتصدر المارثون
وأصبحت تمتلك بورصة خاصة بها ، فى ظل ارتفاع سعرها خلال الأسابيع الأخيرة بشكل
يومى ، ما بين خمس أو عشر جنيهات ، لأول مرة فى تاريخها ، حتى أصبحت تضارب بورصة
الذهب نفسه ، فمع اختلاف القيمة ، فالذهب فى البورصة يرتفع تارة وينخفض تارة أخرى
، أما السجائر فاتخذت اتجاه واحد هو الصعود بالأسعار يوماً تلو الآخر.
ونتيجة لذلك تأثرت طبقة المدخنين فى مصر بهذا الارتفاع فى أسعار السجائر
والذى يصل عددهم وفقاً لتقارير مركز التعبئة والاحصاء إلى 18 مليون مدخن ، بنسبة
33,8% من المدخنين الذكور و3% من المدخنات الإناث ، وجاء التأثير ما بين السلبى والإيجابي
، فنسبة قليلة جداً تكاد لا تذكر تأثرت بالإيجاب والتى قرر المدخنون بها الإقلاع
عن التدخين ، للهروب من مشقة البحث عن
علبة السجائر ونار أسعارها ، والنسبة الأكبر اختارت التأثر السلبى ، واستسلمت
للأمر الواقع ، وبحثوا عن علبة السجائر وابتاعوها دون النظر إلى سعرها مهما كان.
آثار سلبية
اختفاء السجائر من الأسواق وارتفاع أسعارها بهذا الشكل ، ينظر له البعض من
زاوية أنه أمر عادى فهى سلعة ليست ضرورية للغذاء مثلاً من وجهة نظرهم ، مع أنها
بالنسبة للمدخنين سلعة استراتيجية هامة ، وتؤثر بشكل أو بآخر على المزاج العام لـ
18 مليون مدخن فى مصر معظمهم فى الأعمار السنية ما بين 30 حتى 45 عاماً ، فالموظف
المدخن يبحث عن السجائر وهو متجه لعمله لفترة طويلة مما يؤدى لتأخره وانقلاب مزاجه
وعدم اتقان عمله بالشكل الأمثل ، هذا بخلاف المشكلات والخلافات والتشاجرات التى
تنشب بسبب اختفاء السجائر وصلت إلى حد الخلافات الأسرية داخل البيوت ، بعدما بدت السجائر تؤثر على الميزانية الشهرية
الخاصة بكل أسرة .
من أخطر الآثار السلبية على اختفاء السجائر وارتفاع أسعارها ، لجوء
المدخنين إلى شراء أنواع من السجائر الغريبة ومجهولة المصدر ، والتى تباع بأسعار
ما بين 30 و35 جنيهاً فقط ، فوجدت مثل هذه السجائر رواج غير مسبوق وتهافت المدخنين
عليها بشكل كبير مع أنه من الممكن أن تكون سجائر ضارة تسبب السرطان أو أى أمراض أخرى
، لأنها ببساطة مجهولة المصدر.
المدخنون بين جشع التجار وارتفاع الضرائب
وصلت أسعار السجائر إلى أرقام لم يكن يتوقها أكثر المتشائمين من طبقة
المدخنين ، رغم أن الشركة الشرقية للدخان ، أعلنت أكثر من مرة فى بيانات رسمية
السعر الحقيقى للسجائر ، ولكن الأسعار ما زالت فى ارتفاع مستمر ، حيث وصل سعر علبة
السجائر الكيلوباترا بوكس إلى 55 جنيهاً فى حين الشركة المصنعة أعلنت أن سعرها الحقيقى 24 جنيهاً فقط ،
والكيلوباترا كينج وصلت 54 جنيهاً وسعرها حسب بيانات الشركة 23 جنيهاً ، والميريت
بأنواعها تباع بـ 85 جنيهاً وسعرها الحقيقى 59 جنيهاً ، والمارلبورو بأنواعها تباع
بسعر 70 جنيهاً وسعرها المعلن بالشركة 54 جنيهاً ، والكيرافت منها يباع بسعر 65
جنيهاً مع أنها مسعرة بـ 44 جنيهاً ، والأل أم بجميع أنواعها حددت الشركة سعرها بـ
39 جنيهاً والآن تباع بسعر 65 جنيهاً
ويلقى التجار بالمسئولية فى ارتفاع
أسعار السجائر على الشركة المصنعة ، مؤكدين أنها أعلنت عن ارتفاع أسعار السجائر
وفى الوقت نفسه قررت تقليل حصة كل تاجر من السجائر بنسبة 25% حسب تأكيدات كل
التجار ، الأمر الذى أدى إلى قلة العروض مقابل التهافت على الشراء مما رفع السعر
بشكل تلقائى ، فى حين أكد هانى أمان الرئيس التنفيذى للشركة الشرقية للدخان ، قبيل
عيد الأضحى من خلال تصريحات صحفية بأن أزمة السجائر سوف يتم حلها عقب عيد الأضحى
المبارك وتسعير علب السجائر بباركود خاص على كل علبة يستطيع من خلاله المواطن أن
يتحقق من السعر الحقيقى.
واتهم أمان ، كبار التجار وجشعهم بأنه السبب فيما آلت إليه مشكلة السجائر ،
وأنهم قاموا برفع سعر علبة السجائر 20 جنيهاً دون مبرر مع أن الشركة حددت سعرها
لهم حيث يحصل التاجر مثلاً على قاروصة الكيلوباترا البوكس بسعر 238 جنيهاً فقط ، وشدد
على أن الشركة توفر الكميات المطلوبة للسوق بأسعارها الحقيقية
فى حين أشار إبراهيم إمبابى رئيس
شعبة الدخان بغرفة الصناعات الغذائية ، إلى أن مصر بها اكتفاء ذاتى من الدخان ،
رغم أن ممنوع زراعة التبغ الذى يدخل فى صناعة السجائر داخل مصر ، مشيراً خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامى محمد
على خير ، بأن الدولة تقوم باستيراد الكميات اللازمة من التبغ والتى تقدر قيمتها
بمبلغ 600 مليون دولار سنوياً ، بخلاف وجود 53 مصنع لإنتاج المعسل والدخان كلها
تعمل بكفاءة كبيرة
وأوضح إمبابى ، أن من أسباب رفع أسعار السجائر ، ارتفاع الضريبة المطبقة
عليها فى الموازنة المالية لعام 2023 / 2024 بلغت ما يقرب من 31 مليون جنيهاً
بزيادة مليون و700 ألف جنيه عن العام الماضى ، وهذه الزيادة مع الإعلان عن ارتفاع
اسعار السجائر فى أول شهر يوليو دفع التجار إلى إخفاء السجائر وطرحها بالأسواق متى
يشاءون لبيعها بأسعار مرتفعة وتحقيق أرباح كبيرة من جراء ذلك، وهو ما دفع الدولة
لتكثيف جهودها للقبض على المتلاعبين ، حيث تم ضبط تاجر أخفى 300 كارتونة سجائر
بسوهاج ، وآخر بإمبابة أخفى 100 كارتونة ، و بدأت حسب كلامه الأجهزة المعنية تطارد
المتلاعبين وضبطهم لإعادة السجائر لسعرها الحقيقى وتوفرها بالأسواق